في الذكرى ال 66 للنكبة الفلسطينية * يعيش اللاجئون الفلسطينيون في 58 مخيما في الدول العربية * أحمد فودة: ممارسات السلطة الانقلابية تشبه إلى حد كبير ممارسات الاحتلال الصهيوني * أحمد تهامي: بعض الحكومات العربية الديكتاتورية تستخدم نفس أساليب قوات الاحتلال تحل اليوم ذكرى النكبة الأليمة التي أصابت الشعب الفلسطيني والتي لا تزال جرحا نازفا، حيث استيقظ الفلسطينيون في 15 مايو 1948 على واقع تهجيرهم وطردهم من قراهم ومدنهم.
لا يوجد في التاريخ الحديث جريمة توازي جريمة تهجير الفلسطينيين من ديارهم عام 1948م على أيدي اليهود الصهاينة، لقد أقدمت العصابات الصهيونية قبل 66 عاما، على اقتلاع وتشريد الفلسطينيين من أرضهم واغتصابها؛ وذلك لمؤامرة دولية بشعة، صاغتها وشاركت في تنفيذها دوائر الدول الاستعمارية الكبرى، وفي مقدمتها بريطانيا.
ما حدث أن هذه العصابات الصهيونية ارتكبت مجازر ضد الفلسطينيين وأقامت عمليات تطهير عرقي، أدت إلى تهجير معظم أبناء هذا الشعب من وطنه والاستيلاء على أرضه ومصادرة تاريخه وجغرافيته، بمعنى آخر أنه هاجمت أقلية أجنبية الأكثرية الوطنية وطردتها من ديارها ومحت آثارها العمرانية، وذلك بتخطيط مسبق ودعم سياسي وعسكري ومالي من الغرب والصهيونية العالمية.
الانقلاب ارتكب ما يزيد عن 7 مجازر راح ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين ووفقا لما تم توثيقه من معطيات ووقائع عن مجريات بداية عام 1948 وصولا إلى ذكرى النكبة قامت العصابات الصهيونية مثل الهاجانا وشتيرن وغيرهما بمساعدة من سلطات الاحتلال البريطاني آنذاك بطرد وتهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم.. وحولتهم إلى لاجئين في دول عربية وغير عربية.
وأيضا ارتكبت هذه العصابات عشرات المجازر ضد الفلسطينيين كمجازر: دير ياسين وبلد الشيخ والطيرة وقبية وعين الزيتون وحيفا والقدس وغيرها والتي راح ضحيتها الآلاف من الشهداء الفلسطينيين إضافة إلى هدم وتدمير أكثر من 500 قرية ومدينة فلسطينية وتحويلها إلى مستوطنات لإقامة المهاجرين المستجلبين من مختلف بقاع الأرض.
لا يقف الأمر عند مئات الآلاف الذين قتلوا وطُردوا وقتئذ، إذ يزداد هذا العدد بشكل كبير ومخيف، حيث ذكرت وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أن عدد الذين تم تشريدهم عام 1948 بلغ حينئذ 957 ألف فلسطيني ارتفعت أرقامهم بعد 6 عقود لتصل إلى 5.3 مليون لاجئ، وهو ما يمثل العدد الأكبر من لاجئي العالم.
لكن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أكد أن عدد اللاجئين أكبر من تقديرات "الأونروا"، وذكر في إحصائية صدرت مؤخرا أن عدد اللاجئين الفلسطينيين حتى نهاية العام الماضي 2013، وصل إلى 5.9 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يبلغ عدد اللاجئين إلى 7.2 مليون لاجئ وذلك بحلول نهاية عام 2020، مبررا تفاوت الإحصاءات بينه وبين تلك التي أوردتها "الأونروا" بوجود لاجئين غير مسجلين لدى الوكالة .
أكثر من 957 ألف فلسطيني تم تشريدهم عام 1948 والآن بلغ عددهم 5.3 مليون لاجئ ويشير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن هناك 5 ملايين لاجئ في الدول العربية، موزعين على النحو التالي أكثر من 2 مليون في الأردن، و520 ألف في سوريا، ونحو 450 ألف في لبنان، وأكثر من 850 ألف في الضفة الغربية، و1.2 مليون في قطاع غزة، إلى جانب مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطنين في العالم وبخاصة في أمريكا اللاتينية والولايات المتحدةالأمريكية وغيرها، حيث قدرتهم بيانات المسح الفلسطيني ب655 ألف لاجئ.
ويؤكد الجهاز أن 66% من الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في فلسطين عام 1948 تم تهجيرهم، كما يعيش اللاجئون الفلسطينيون في 58 مخيما تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيما في لبنان، و19 مخيما في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.
حق العودة إلى الديار هؤلاء المشرَدين لهم الحق في العودة إلى أرضهم، وقد أكد المجتمع الدولي على حق اللاجئين في العودة بموجب القرار 194 أكثر من 100، في ظاهرة ليس لها مثيل في تاريخ الأممالمتحدة. هذا القرار يتعدي قرار 242 المقصود به إزالة آثار عدوان 1967، كما أنه لا يتعارض مع قرار التقسيم 181 الذي يقضي بحق كل مواطن في بيته وأرضه بغض النظر عن سيادة الدولة التي يعيش فيها.
كما أن حق العودة مكفول بالمادة 13 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، بل إن حق العودة نابع من حرمة الملكية الخاصة التي لا تسقط بالاحتلال أو السيادة أو مرور الزمن. إن حق العودة حق فردي بموجب هذه التشريعات كلها ولذلك لا تجوز فيه الإنابة أو التمثيل، ولا يمكن إسقاطه في أي اتفاق أو معاهدة.
كما أن حق العودة حق جماعي بموجب حق تقرير المصير الذي أكدت عليه الأممالمتحدة عام 1974 في أقوي بيان جامع للحقوق الفلسطينية وأسمتها "الحقوق غير القابلة للتصرف"، ولذلك فهي لا تسقط في حالة إبرام معاهدة سلام. وبالطبع فإن اتفاق المبادئ في أوسلو ليس له أي قيمة قانونية لإسقاط الحقوق "غير القابلة للتصرف".
جرائم الانقلاب الانقلاب ارتكب ما يزيد عن 7 مجازر راح ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين بعد استعراض ما حدث في هذه النكبة نجد أن ما ارتكبته قوات الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين لا يختلف كثيرا عما تقوم به سلطة الانقلاب من قتل واعتقال ومطاردة مؤيدي الشرعية، بل على العكس هناك تشابه كبير بينهما فكلاهما مغتصب للشرعية وينهب ثروات البلاد على حساب الشعب، فهذا هو حال الحكومات المستبدة والديكتاتورية.
منذ الانقلاب العسكري وحتى الآن ارتكبت ميليشيات السيسي ما يزيد عن 7 مجازر ضد مؤيدي الشرعية ومناهضي الانقلاب، ولعل أبرزها مجزرة فض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة ومجزرة الحرس الجمهوري والنصب التذكاري ورمسيس وسجن أبو زعبل و6 أكتوبر، راح ضحية هذه المجازر ما يزيد عن 6 آلاف مواطن وعشرات الآلاف من المصابين.
ما يزيد عن 22 ألف معتقل في سجون الانقلاب وحوالي 20 ألف مطاردون وخلف القضبان ما يزيد عن 22 ألف معتقل تنتهك إنسانيتهم بتهم الإرهاب والتحريض على العنف وغيرها من التهم الملفقة والمثيرة للضحك، إلى جانب المعتقلين هناك ما يقرب من 20 ألف مصري مطلوب القبض عليهم منذ الانقلاب العسكري معظمهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، وذلك وفقا لتصريحات عمرو علي الدين عضو اللجنة القانونية للتحالف الوطني لدعم الشرعية لإحدى وسائل الإعلام.
ولعل من أبرز المشاكل التي تواجه هؤلاء المطاردين عدم القدرة على الذهاب لأعمالهم خشية الاعتقال، مما يجعلهم مهددين بالفصل من وظائفهم، في حين ترك معظمهم محل إقامتهم وغادروا أهاليهم وبلداتهم إلى مكان لا يعرفهم فيه أحد حتى يختفوا عن أنظار من يعرفونهم من مرشدي الأمن.
اغتصاب السلطة قال أحمد فودة -مدير مركز النخبة للدراسات والخبير في الشأن الفلسطيني-: بالطبع ممارسات السلطة الانقلابية تشبه إلى حد كبير ممارسات الاحتلال الصهيوني، موضحا أن وجه الشبه بين الانقلابات والاحتلال تكمن في اغتصاب السلطة ونهب الثروات، وهذا ما يكون على حساب الشعب دائما.
ويضيف "شهدت مصر الهجرة بشكل كبير ليس الآن فقط بل بعد انقلاب 1952 إلى دول الخليج وباقي دول العالم، وكانت هذه من أكثر الفترات التي حدث فيها ذلك"، مشيرا إلى أنه عند تدقيق النظر نجد أن نتيجة الانقلاب العسكري ليس فقط قتل واعتقال عشرات الآلاف بل تضمنت الهجرة إلى الخارج لهروبهم من بطش السلطة الحاكمة، فضلا عن البحث عن مصادر الرزق، بصورة لم تحدث من قبل لشدة وعنف الانقلاب الذي يسعى إلى إنهاء الأمر وإحكام السيطرة على البلاد.
ويستعرض فودة مقارنة بين ما تقوم به سلطات الانقلاب وسلطات الاحتلال الصهيوني قائلا: "الاحتلال الصهيوني اغتصب الأراضي الفلسطينية فيما الانقلاب العسكري أصدر القوانين التي تسمح ببيع الأراضي المملوكة للدولة دون رقابة، وأيضا الاحتلال الصهيوني قام بطرد وتشريد عشرات الآلاف من الفلسطينيين للسيطرة عليها، فيما تقوم سلطة الانقلاب بقتل وتشريد المواطنين من أجل السيطرة على سيناء وتمليكها لشركات أجنبية ربما تكون صهيوأمريكية".
ويستطرد قائلا "الاحتلال الصهيوني قتل أي محاولة للإنجاز مما أدى إلى هجرة العقول الفلسطينية إلى الخارج، أما الانقلاب فأسهم في هجرة الكثيرين لكن الهجرة التي حدثت في عهد عبد الناصر كانت موجودة بشكل أكبر".
ويشير المحلل السياسي إلى أن قضية المخترع الصغير الذي استطاع اختراع جهاز للتحكم في الحاسب الآلي عن طريق العين، تم القبض عليه بدعوى أنه إرهابي.. والمشاركة في تظاهرات مناهضة للانقلاب خير دليل على الطريقة التي يتعامل بها الانقلاب مع العقول المصرية.
ويستطرد قائلا: "الفارق بين الاحتلال الصهيوني والانقلاب هو أن هذا الاحتلال عداوته للشعب الفلسطيني واضحة ولا تحتاج إلى تمييز كبير من جانب الفلسطينيين، على العكس السلطة الانقلابية عداوتها للشعب المصري ليست واضحة، وهذا ما يعتمد عليه في الترويج لها وإضفاء الشرعية عليها".
ويوضح أنه لا توجد إحصاءات دقيقة حتى الآن بعدد الذين هاجروا إلى الخارج منذ حدوث الانقلاب وحتى الآن، لافتا إلى أنه خرج من مصر إلى الآن الآلاف من مؤيدي الشرعية.
القمع الأمني ومن جانبه يقول د. أحمد تهامي -أستاذ العلوم السياسية بجامعة دورهام البريطانية-: للأسف بعض الحكومات العربية تستخدم نفس أساليب قوات الاحتلال، موضحا أنه يحدث ذلك غالبا في ظل الحكومات الديكتاتورية، لدرجة أن عدد اللاجئين في سوريا فاق عدد اللاجئين الفلسطينيين.
الآلاف من مؤيدي الشرعية خرجوا من مصر هربا من بطش السلطة الحاكمة ويضيف: "الهجرة العربية الحالية مرتبطة بالظرف السياسي والقمع الأمني"، مشيرا إلى أنه حدثت في مصر هجرة بشكل كبير في خمسينيات القرن الماضي وأيضا عقب حرب 1967، إذ كانت هناك حالة من اليأس أدت إلى نوع من الهجرة البينة والواضحة في ذلك الوقت. ويتابع تهامي قائلا: "عمليات الهروب الحالية لمؤيدي الشرعية من مصر والهجرة منها لا تزال في بدايتها، الخطورة تزداد إذا ما اتسعت نطاقها في المستقبل".