بدأت إثيوبيا رسميا تشغيل سد النهضة دون اعتبار لنظام الانقلاب في مصر والسودان، ما يهدد بتعطيش وتجويع الشعب المصري وتبوير ملايين الأفدنة من الأراضي الزراعية ، وحرمان مصر من حقوقها التاريخية في مياه النيل . في المقابل اكتفى مسؤولو الانقلاب بإصدار بيان احتجاج دون اتخاذ أي إجراء لمنع وقوع الكارثة وإلحاق ضرر جسيم بالمصريين ، وهو ما يشير إلى تواطؤ السيسي مع أديس أبابا ضد مصالح مصر والمصريين . كان رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" أعلن رسميا تشغيل أول توربين بسد النهضة لتوليد الكهرباء بحضور عدد من المسؤولين والوزراء، وقال: "إثيوبيا تحتفل بميلاد عهد جديد". وذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية أنه "بداية من اليوم تبدأ الاستفادة من سد النهضة في توليد الطاقة الكهربائية، مشيرة إلى أن أعمال البناء الكلية للسد بلغت أكثر من 80%". تأتي هذه الخطوة من جانب إثيوبيا بشكل أحادي ، وهو ما يعد إمعانا من الجانب الإثيوبي في خرق التزاماته بمقتضى اتفاقيات نهر النيل ، واتفاق المبادئ الذي وقعه السيسي عام 2015 بالخرطوم مع رئيس الوزراء الإثيوبي والرئيس السوداني.
اتفاق قانوني في المقابل أعلن السودان رفضه للخطوات الإثيوبية الأحادية بتشغيل سد النهضة الإثيوبي دون التوصل لاتفاق مع مصر والسودان. وقال السفير عمر الفاروق المتحدث باسم ملف سد النهضة بوزارة الخارجية السودانية إن "تشغيل سد النهضة دون اتفاق بين الدول الثلاث مخالف لروح التعاون". وأكد الفاروق في تصريحات صحفية لوسائل الإعلام السودانية ، أن موقف السودان ما زال ثابتا، حول ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.
مسار مختلف من جانبه وصف الدكتور إسلام شاهين، أستاذ الاقتصاد السياسي، إعلان الحكومة الإثيوبية عن توليد الكهرباء من سد النهضة، بأنه أمر في غاية الصعوبة، بسبب عدم تجريب التوربينات الموجودة بالسد، حتى بعد إعلان الحكومة عن تجربة توربينين فعليا لتوليد الكهرباء ، مشيرا إلى أن هذا الإجراء قد يكون تجربة فقط وليس تشغيلا للسد. وطالب شاهين في تصريحات صحفية، السودان ونظام الانقلاب بتبني مسار مختلف كل الاختلاف عن المسارات السابقة ، موضحا أن ذلك لا يعني اللجوء إلى الحل العسكري الذي من الممكن أن يؤدي إلى خسائر كبيرة لدولتي المصب . وشدد على ضرورة الضغط على بعض الدول الداعمة لإثيوبيا ، لتغيير مواقفها ودعم الحقوق المصرية والسودانية . وقال شاهين إن "الحكومة الإثيوبية فشلت في الملء الثاني ، ولا يمكن أن تقوم بالملء الثالث بسبب العيوب الموجودة في السد، مؤكدا أن حل مشكلة سد النهضة في يد الدول الكبرى وليس في يد السيسي ولا في يد السودان ، وبالتالي لابد من المطالبة بتدخل قوي من أجل إنهاء تلك الأزمة" .
احتجاجات بلا نهاية! وقال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي العام، إن "نظام الانقلاب اكتفى بإصدار بيان يعبر فيه عن رفض الإجراءات الانفرادية الإثيوبية المتتالية ، والتي دشنتها منذ إعلانها الانفرادي في عام 2011 ببناء أكبر السدود علي الأنهار في القارة الإفريقية قاطبة". وأضاف سلامة في تصريحات صحفية أنه بموجب أحكام القانوني الدولي العام وتأسيسأ علي اتفاقية إعلان المبادئ لسد النهضة عام 2015 ، فان الإجراء الانفرادي الإثيوبي لا يشكل واقعة قانونية ولا يُحسب أيضا في عداد التصرفات القانونية التي تقدم عليها الدول انفرادا أو جماعات . وأكد أن الإجراء الإثيوبي الانفرادي بتوليد الكهرباء من سد النهضة ، لا يكسب إثيوبيا أي حقوق شرعية ولا يحمل مصر والسودان بأية التزامات قانونية ، موضحا أن الإجراء الإثيوبي قد خَرق مبادئ القانون الدولي العام فضلا عن معاهدة دولية نافذة أبرمت في الخرطوم في عام 2015. وطالب سلامة نظام الانقلاب بتقديم احتجاج رسمي للحكومة الإثيوبية بالوسائل الدبلوماسية المعتادة ، وأيضا إلى الرئيس السنغالي بوصف السنغال تتولى رئاسة منظمة الاتحاد الإفريقي ، وتقوم أيضا بإيداع ذات الاحتجاج لدى مجلس السلم والأمن الإفريقي لمنظمة الاتحاد الإفريقي ، ومجلس الأمن لمنظمة الأممالمتحدة.
حقوق تاريخية وقال الدكتور أحمد فوزي دياب، أستاذ الموارد المائية بمركز بحوث الصحراء إن "أثيوبيا تتعمد إلحاق الضرر بدولتي المصب، مشيرا إلى أنها لا تلتزم بالاتفاقية الإطارية، ولا تعترف بالحقوق التاريخية لمصر في مياه نهر النيل". وأوضح فوزي في تصريحات صحفية ، أن أثيوبيا بجانب نقضها للاتفاقيات الدولية الخاصة بالمياه العابرة للحدود، تستغل الوضع العالمي المنشغل بالأزمة بين روسيا وأوكرانيا وبين أمريكا وإيران . وشدد على ضرورة ممارسة ضغوط على أديس أبابا ، حتى تلتزم بالاتفاقيات والقوانين وحتى تحترم الحقوق التاريخية لدولتي المصب في مياه نهر النيل ، محذرا من أن استمرار أثيوبيا في الإجراءات الانفرادية يهدد بخطر كبير على مصر والسودان . وقال الدكتور إبراهيم أحمد، أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس، إن "الوصول لحل في موضوع سد النهضة عن طريق المفاوضات أو المنظمات الدولية مثل مجلس الأمن أو حتى الاتحاد الإفريقي أصبح غير ممكن، بعد تقاعس مجلس الأمن وفشل الاتحاد الإفريقي في التوصل إلى حل" . وأكد أحمد في تصريحات صحفية أنه لا يوجد أي دور يمكن أن يقوم به المجتمع الدولي الفترة القادمة، معربا عن اعتقاده أن موضوع سد النهضة وصل لطريق مسدود . وأشار إلى أن اللجوء لمحكمة العدل الدولية شبه مستحيل، لأن ذلك يحتاج إلى موافقة جميع الأطراف، لافتا إلى أن إثيوبيا لن توافق على تحويل الملف لمحكمة العدل الدولية.واعتبر أحمد أن انسحاب السيسي من اتفاق إعلان المبادئ تحصيل حاصل ولا جدوى منه، لاسيما وأن إثيوبيا هي التي بدأت بمخالفة الاتفاق ولم تلتزم ببنوده. وأعرب عن أسفه لأن كل الأمور تشير إلى أن إثيوبيا سوف تلجأ إلى تشغيل السد بطريقة انفرادية ، ولن تقيم أي اعتبار لدولتي المصب، مؤكدا أن هذا سوف يتسبب في كوارث للشعب المصري ، حيث سيتم تبوير ملايين الأفدنة الزراعية .