شهدت الفترة الأخيرة زيادة كبيرة في أعداد المصابين بفيروس كورونا ومتحوراته، والأخطر من ذلك هو زيادة حالات الوفيات التي وصل عددها إلى 180 حالة خلال عدة أيام، وهو ما ينذر بكارثة في ظل انهيار المنظومة الصحية في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي. ويزيد من الكارثة حالة التجاهل والاستهتار التي سيطرت على المواطنين بالشوارع؛ حيث انعدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية واختفاء فوبيا كورونا ، ولم يعد الالتزام بارتداء الكمامة ، أو التباعد الاجتماعي سواء في المواصلات العامة أو غيرها، كما كان في بداية ظهور الوباء. الأطباء من جانبهم أرجعوا الزيادة الملحوظة في أعداد المصابين إلى عدة أسباب منها، المتغيرات التي يشهدها فيروس كورونا مثل ظهور سلالات أكثر قدرة على الانتشار والانتقال، كما أن شعور المواطنين بالأمان الزائف بعد التطعيم تسبب في إهمالهم للإجراءات الاحترازية، إضافة إلى أن انخفاض درجات الحرارة مع دخول فصل الشتاء والبرودة تسببت في ضعف المناعة.
الأنظمة الصحية من جانبها حذرت منظمة الصحة العالمية، من أن إصابات أوميكرون تتزايد بشكل كبير في كل دول العالم. وقال الدكتور إيفان هيوتن، مدير قسم الأمراض السارية بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية إن "حالات الإصابة بمتحور أوميكرون في تزايد مستمر وكبير يوميا، مقارنة بالمتحورات الأخرى التي ظهرت في بداية جائحة كورونا، ولكنه أقل حدة منهم". وأكد أن هذا المتحور، سيضع ضغطا كبيرا على الأنظمة الصحية في العالم، لذلك لابد من الاهتمام بشكل أكبر بالإجراءات الاحترازية والحصول على اللقاح. وأضاف هيوتن، من الصعب التوقع بالمستقبل فيما يتعلق بمتحور أوميكرون، لكنه مستمر في الانتشار والتوغل، ولهذا السبب فإننا بحاجة أن نكون في حركة دائما ومستمرين في منع التجمعات والحفاظ على التهوية الجيدة وارتداء الكمامات، خاصة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة. وتابع، اللقاح الذي نحصل عليه اليوم هو الأهم، وهو الذي يمنع تفاقم الأعداد في المستشفيات وتقليل أعداد الوفيات، والبعض يقول إنه "حصل على اللقاح ولكنه أُصيب بكورونا، ولكن هناك فارق كبير، الإصابة في تلك الحالة تمنع تدهور الحالة أو اللجوء للمستشفى أو الوفاة نتيجة الإصابة بكورونا.
التحور والانتشار وحذر الدكتور أحمد سيد موسى، رئيس وحدة مكافحة العدوى بأسيوط، من أن الفيروس مثله مثل باقي الفيروسات يريد البقاء على قيد الحياة، لذا يقوم بعملية التحور والانتشار لكي يضمن بقاءه، موضحا أنه من المعروف في علم الوبائيات أن الفيروس عند مكوثه فترة طويلة وانتقاله من إنسان لآخر، فإنه يحدث نوعين من المناعة هما مناعة من العدوى ومناعة مكتسبة من التطعيم. وقال موسى في تصريحات صحفية إن "الهدف من ظهور المتحورات هو تغيير نظام الانتشار، كأن يصبح انتشار الفيروس أسرع أو يكون فتاكا أكثر مثل دلتا، مشددا على ضرورة عودة اتباع الإجراءات الاحترازية، مثل ارتداء كمامات وغسل الأيدي بصفة مستمرة، بالإضافة إلى حث المواطنين على أخذ التطعيمات، لأن من لم يحصل على التطعيم يؤذي نفسه وأسرته ويؤذي الجميع". وأكد أن التطعيم لا يمنع الإصابة، لكنه يقلل انتشار الإصابات أو يقلل من حدة المرض وأعراضه، مطالبا بعدم الانسياق وراء شائعات أن التطعيم يسبب الوفاة أو الإصابة بكورونا، فهذا الكلام عار تماما عن الصحة . وشدد موسى على ضرورة حث المواطنين على التطعيم، والتنبيه على الالتزام بالإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي قدر المستطاع، لكي نعبر من الأزمة بسلام.
إهمال التطعيم وأكد الدكتور جمال عصمت، مستشار منظمة الصحة العالمية، أن إهمال التطعيم والإجراءات الاحترازية خطأ كبير، مشددا على ضرورة تلقي اللقاح واتباع الإجراءات الاحترازية، وارتداء الكمامات والالتزام بالتباعد الاجتماعي، ورش المطهرات. وأرجع عصمت في تصريحات صحفية سبب عمل عدة جرعات لفيروس كورونا، إلى أنه لا يوجد لقاح يعطي مناعة ويحمي من الإصابة بالعدوى بنسبة 100% ،مشيرا إلى أن تلقي اللقاح لا يعني الاستغناء عن الإجراءات الاحترازية خصوصا ونحن على أعتاب موجات أخرى من فيروس كورونا، فالتحصين هو إحدى وسائل السيطرة على الوباء، بالإضافة إلى تطبيق الإجراءات الاحترازية التي تشمل ارتداء الكمامة، التباعد الاجتماعي، غسل اليدين باستمرار، والاستخدام الأمثل للمطهرات.
نظام المناعة وأكد الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، أن الفيروس مصمم ألا يغادر الكوكب فيتلون ويتحور ويجدد نفسه، وأحيانا يعود لأجساد المتعافين أكثر من مرة. وأرجع عدم تعافي البعض إلى شدة المرض بسبب قلة المناعة، أو استفحال مرض مزمن أو أكثر من مرض مزمن مصاحب، موضحا أن تذبذب الأعراض، وهو احتمال نادر، قد يحدث بسبب عدم الانتظام في تناول العلاج نتيجة الاقتناع الخاطئ بالشفاء بعد التحسن أو اختفاء بعض الأعراض. وأشار بدران في تصريحات صحفية، إلى أن معظم المصابين بكورونا يتعافون بسرعة خلال بضعة أسابيع، ولكن بعض الحالات المتعافية والتي أصبحت نتائج الاختبارات لها سلبية تعاني من بعض الشكاوى وبعضها طويلة الأمد نسبيا، وهو أمر يحدث للأشخاص الذين لديهم تاريخ من الإصابة المحتملة أو المؤكدة بفيروس كورونا، وعادة ما تكون 3 أشهر من ظهور كوفيد مع الأعراض التي تستمر لمدة شهرين على الأقل، ولا يمكن تفسيرها من خلال تشخيص بديل. وأوضح أن هناك عدة عوامل ترتبط بشدة أعراض كوفيد طويل الأمد، فقد يكون هناك خلل في نظام المناعة، وقد يؤدي الالتهاب الحاد إلى خلل في نظام المناعة، ما يؤدي إلى حالة التهابية مزمنة، ويمكن أن تؤدي هذه الزيادة المزمنة في الالتهاب إلى الأعراض المستمرة في مرضى كوفيد-19 فترة طويلة. وأكد بدران أنه قد تظهر على بعض المرضى الذين تم إدخالهم إلى المستشفى سابقا أعراض أشد من غيرهم بسبب وجود مرض مزمن، خاصة في المسنين يزيد من خطر التعرض لمشاكل صحية طويلة الأمد بعد كورونا. وشدد على ضرورة محاولة اكتشاف الخلل المناعي وترميمه، حيث إن تداعيات التطورات المناعية خلال العدوى أصبحت متعددة، وما كان مباحا قبل كورونا ربما يصبح محرما بعدها، وأيضا الأمراض المزمنة المهملة العلاج هي الساحة المفضلة لفيروس كورونا، حيث إن الإصابات والوفيات أكثر لأصحاب الأمراض المزمنة في كافة الفئات العمرية وليس المسنين فقط، كذلك علاج ضغط الدم المرتفع والسكري والربو وأمراض الأوعية الدموية ضروري جدا قبل وخلال وبعد كورونا. وأشار بدران إلى أن الشفاء من كورونا لا يعني التخلي عن التدابير الوقائية للحماية من الإصابة بالفيروس، ويكون ذلك بالتخلي عن السلوكيات الخاطئة التي جذبت الفيروس في المرة الأولى مثل غياب الكمامة وغياب غسل الأيدي وغياب التباعد الاجتماعي.