تشهد مصر تزايدا مطردا في أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد ضمن المتحور "أوميكرون" لتصل الإصابات إلى ما يقرب من 3 آلاف حالة يوميا، بجانب تزايد حالات الوفيات وفق البيانات الرسمية التي تصدرها صحة الانقلاب، والتي تمثل الإصابات الحقيقية على الأقل 3 أضعاف الأرقام المعلنة وفق عدد كبير من الأطباء. تزايد الإصابات يؤكد انهيار المنظومة الصحية، وإهمال حكومة الانقلاب مواجهة الأوبئة وتجاهل صحة وعلاج المصريين، وبالتالي يتطور المتحور "أوميكرون" ليصبح المتحور الأسرع انتشارا مقارنة بالمتحورات السابقة، وهو ما يفسر أعداد الإصابات التي تسجلها مصر يوميا . يشار إلى أن إصابات المتحور "أوميكرون" سجلت أعلى نسبة إصابات في مصر منذ أكثر من 10 شهور، أما عالميا فإن هناك شخصا يتوفى بالفيروس كل 12 ثانية، وهو ما آثار قلقا كبيرا خاصة في ظل انخفاض درجات الحرارة وبرودة الجو والإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا الموسمية .
مناعة مجتمعية حول تزايد الإصابات قال الدكتور أمجد الحداد رئيس قسم الحساسية والمناعة بهيئة المصل واللقاح إننا "بذلك وصلنا إلى درجة التعايش مع الفيروس، مشيرا إلى أن هذه النسخة المتحورة أوميكرون أضعف من المتحورات السابقة لكورونا، وعلى ذلك فإن التعامل مع أوميكرون يكون باتباع الإجراءات الاحترازية وتناول اللقاحات للتقليل من مضاعفاته، خصوصا بالنسبة لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة". وأضاف الحداد في تصريحات صحفية أنه بعد ذروة الموجة الحالية سيكون جزء كبير من المجتمع قد اكتسب المناعة المجتمعية، وهذا سيحول الدرجة الوبائية للفيروس من درجة حادة إلى درجة التوطن فيصبح وجوده يشبه وجود البرد والأنفلونزا وبالتالي يتم التعايش مع الفيروس من خلال تناول الدواء المخصص له، والذي سوف يتوافر في الصيدليات كما يتوافر دواء البرد وأيضا سيكون له لقاح سنوي. وشدد على ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية مع الإقبال على اللقاحات، مؤكدا أننا نريد الوصول إلى مناعة مجتمعية بدون إصابات عن طريق اللقاحات وسيساعدنا على ذلك النزول بالتطعيم إلى سن الأطفال، إذ سيقلل الفترة الزمنية اللازمة لتحقيق المناعة المجتمعية وكذلك سيوفر الحماية للأطفال من خطر الإصابة ومضاعفاتها فضلا عن تعزيز شعور الأمان بالإقبال على اللقاحات.
الموجة الخامسة وقال الدكتور أشرف حاتم عضو لجنة الفيروسات التنفسية إن "توقعات موعد الموجة الخامسة لفيروس كورونا المستجد تستند بشكل كبير إلى عامل الجو والتغير المناخي، لافتا إلى الموجات السابقة لكورونا وصلت إلى مصر بعد نحو شهر أو شهر ونصف من ظهورها في دول أوروبا" . وأوضح حاتم في تصريحات صحفية أن متحور أوميكرون حل محل المتحور دلتا في أوروبا وأمريكا، إذ بلغت الإصابات بالمتحور دلتا نحو 70% فيما بلغت الإصابات بالمتحور أوميكرون نحو 80% مما يشير إلى تراجع المتحور دلتا أمام المتحور أوميكرون في هذه البلاد . وأشار إلى أن المتحور دلتا يمثل خطورة أكبر على الإنسان، مقارنة بأوميكرون الذي تكمن خطورته في قدرته الفائقة على الانتشار بنسبة تصل إلى 5 أضعاف قدرة دلتا مما يسجل إصابات كبيرة في وقت قصير، إلا أن هذه الإصابات خفيفة في أعراضها ولا تحتاج إلى الدخول للمستشفى والتواجد في الرعاية المركزة والخضوع لأجهزة التنفس الصناعي، أما المتحور دلتا فيحتاج المصابون به إلى كل ذلك من الخدمات الطبية المتقدمة . وأضاف حاتم أن متحور أوميكرون يصيب الجهاز التنفسي العلوي فيتسبب في وجود رشح وانسداد بالأنف وآلام في الحلق وصعوبة في البلع وسعال جاف، موضحا أن هذه الأعراض تختلف مع أعراض المتحور دلتا الذي يصيب الجهاز التنفسي السفلي فيسبب التهابا رئويا وسعالا شديدا . وأعرب عن أمله أن يكون المتحور الذي تشهده مصر حاليا يصيب الجهاز التنفسي العلوي بحدة أقل من المتحور دلتا، ويبدأ حدوث نوع من أنواع المناعة المجتمعية نتيجة الإصابات التي يسجلها، لكن هذه الحدة التي نأمل أن تكون أقل من حدة المتحور دلتا سوف تحدث فقط مع الأشخاص الذين تناولوا التطعيم فهؤلاء إذا أصيبوا بأوميكرون ستكون إصابتهم غير مقلقه وستمر بسلام دون حاجة لدخول المستشفى . وحذر حاتم من أن المواطنين الذين لم يحصلوا على التطعيم إلى الآن، سيكونون أكثر عرضة للمخاطر وأكثر احتياجا لدخول المستشفى والأقرب إلى الموت ، إذا أصيبوا بكورونا أو متحوراته، لأن إصاباتهم ستكون شديدة في ظل عدم تناولهم التطعيم. ونصح بتوخي الحذر عند الشعور بأعراض رشح أو ارتفاع في درجة الحرارة حتى لو كان ارتفاعا طفيفا ، حيث يجب اتباع خطوات العزل وارتداء الكمامة وتناول أدوية البرد المتعارف عليها مشددا على ضرورة تسريع وتيرة التطعيمات للحصول على مزيد من الآمان نحو هذا الفيروس الماكر . وطالب حاتم بتناول المواطنين جرعة ثالثة من جرعات التطعيم، مؤكدا أن هذه الجرعة ستكون معززة لجهاز المناعة ومنشطة لكفاءته . وشدد على ضرورة التمسك بالإجراءات الاحترازية من ارتداء للكمامة وتجنب التكدسات البشرية والحرص على النظافة الشخصية وغسيل اليدين باستمرار بالماء والصابون، حتى لو كان الشخص قد تناول التطعيم فهذه الإجراءات مُكملة لمنظومة الحماية الصحية .
خلل مناعي وقال الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة إن "تكرار العدوى بفيروس كورونا ربما يكون بسبب تكرار السلوكيات الضارة التي سمحت للفيروس بإحداث العدوى، والعودة من جديد، مشددا على أن تغيير السلوكيات الضارة يجب أن يطبق تجنبا للعودة إلى أحضان كورونا مرة أخرى". وطالب بدران في تصريحات صحفية بضرورة محاولة اكتشاف الخلل المناعي وترميمه، لافتا إلى أن تداعيات التطورات المناعية خلال العدوى أصبحت متعددة، وما كان مباحا قبل كورونا ربما يصبح محرما بعدها، والعكس صحيح. وحذر من أن الأمراض المزمنة المهملة العلاج هي الساحة المفضلة لفيروس كورونا، حيث إن الإصابات والوفيات أكثر لأصحاب الأمراض المزمنة في كافة الفئات العمرية وليس المسنين فقط ، مشيرا إلى أن علاج ضغط الدم المرتفع، والسكري، والربو، وأمراض الأوعية الدموية ضروري جدا قبل وخلال وبعد كورونا. وتابع بدران، التدخين خطأ جسيم للمصابين بفيروس كورونا بل أنه يُشكل خطرا عليهم ، حيث أن المضاعفات والوفيات تزداد مع التدخين، لافتا إلى أن تعدد سلالات كورونا وظهورها من أسباب تكرار الإصابة، فضلا عن المناعة المكتسبة من عدوى كورونا قصيرة الأمد، و ربما تحدث العدوى من المناعة المكتسبة من العدوى قصيرة الأمد. وأوضح أن إعادة الإصابة بالعدوى لا تعني أن اللقاحات ضد كورونا غير فعالة، على العكس فإن تكرار الإصابة بالعدوى يمكن أن يساعد الباحثين على تطوير لقاحات، أو ضرورة استخدام جرعات معززة للتطعيم للحفاظ على مستوى الأجسام المضادة المناعية. وحذر بدران، من أن الشفاء من كورونا لا يعني التخلي عن التدابير الوقائية للحماية من الإصابة بالفيروس مشددا على ضرورة التخلي عن السلوكيات الخاطئة التي جذبت الفيروس في المرة الأولى مثل غياب الكمامة، وغياب غسل الأيدي، وغياب التباعد الاجتماعي.