توسيع دائرة الوساطة بشأن ملف سد النهضة خيار جديد شدد عليه رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك ليشمل الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدةالأمريكية قبيل التهديد باللجوء لمجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية لمواجهة إصرار إثيوبيا على رفض توسيع الوساطة. وعلى وقع الإصرار الإثيوبي أعلنت وزارة الري والموارد المائية السودانية تحسبها لكل السيناريوهات المحتملة التي قد تنجم عن التعبئة الثانية لسد النهضة في يوليو المقبل بهدف الحد من التأثيرات السلبية المتوقعة لحجب نحو 14 مليار متر مكعب إضافية من المياه ضمن مرحلة الملء الثانية بعد أشهر من المرحلة الأولى. مساعي توسيع الوساطة على خلفية الفشل الذي لاحق جميع جولات التفاوض السابقة قابلها رفض حازم من جانب أديس أبابا، ورد على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي بتمسك بلاده بالمفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي فقط، رغم تعثر هذه المفاوضات منذ أشهر؛ ما يسلط الضوء على استمرار إثيوبيا في المضي قدما في جني ثمار السد دون النظر إلى أثاره السلبية على دولتي المصب. وفي ظل التعثر في المفاوضات، أعلنت الأممالمتحدة أنها ستتواصل مع أطراف الأزمة للتحرك بالاتجاه الصحيح، مع الاستعداد لتقديم الدعم والمشاركة في عملية تفاوضية تقودها رباعية دولية بشأن سد النهضة. غياب خطة إستراتيجية وقال الدكتور الوليد آدم مدبو، الكاتب والمفكر السوداني، إن مشكلة السودان ومصر أنها لا تملك استراتيجيات للتعامل مع الواقع الإقليمي والدولي، وإنما تأخذها الظروف فتضطر لتصميم إستراتيجية للتعامل مع الواقع الجديد، مضيفا أن السودان تعامل مع الأزمة منذ البداية بدافع الاستثمار السياسي لاسيما أن الرئيس عمر البشير كان في موقف ضعيف عقب محاولة اغتيال الرئيس المخلوع حسني مبارك وتوتر العلاقات بين مصر والسودان. وأضاف في حواره مع برنامج "قصة اليوم" على قناة "مكملين"، أن البشير في تعامله مع القضية منذ البداية لم يراع مصلحة السودان الإستراتيجية وكان يهتم فقط بعقد تحالف مع إثيوبيا نكاية في مصر، مضيفا أنه بعد اندلاع الثورة كان الساسة السودانيون على قدر كبير من السذاجة وظنوا أن آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي حليف لهم ثم فوجؤوا أن أديس أبابا تستخدم قضية السد لترسيم الحدود، وأنها تتعامل بسياسة الأمر الواقع وتهجر السودانيين من منطقة بني شنقول السودانية التاريخية. وأوضح مدبو أن العلاقة بين السودان وإثيوبيا علاقة عاطفية لم تستثمر سياسيا واستراتيجيا كما حدث في العلاقة بين مصر والسودان، مضيفا أن الولاياتالمتحدة أوصت بعدم إقامة خزانات للمياه في هذه المنطقة، وإذا حدث يجب ألا تتجاوز سعتها 10 مليارات متر مكعب، والآن إثيوبيا تجهز السد لتخزين 90 مليار متر مكعب وبذلك يصبح سلاح تدميري. وأشار إلى أن مصر منذ منتصف عهد أنور السادات أعطت ظهرها لأفريقيا، ولم تسع إلى عقد شراكات إستراتيجية تمكنها من التوغل في العمق الإفريقي بصورة جادة، كما أن السودان تم تقويض سيادته بالكامل في عهد عمر البشير وكانت هناك حدود محتلة في شمال السودان وجنوبه وشرقه. قصف السد من جانبه قال الدكتور محمد الزواوي، المحاضر في معهد الشرق الأوسط بجامع سكاريا بتركيا، إن اتفاق إعلان المبادئ كان اتفاقا سيئا للغاية لمصر والسودان؛ ولذلك تتمسك به إثيوبيا، مضيفا أنه اتفاق مطاط لا يوجد فيه بند يحاسب إثيوبيا على تصرفاتها، كما لا يتضمن آلية لفض النزاعات بين الدول ولا آلية لتجريم إثيوبيا في حالة نقصان مياه النيل. وأضاف الزواوي في حواره مع برنامج "قصة اليوم" على قناة "مكملين"، أن إعلان المبادئ هو الذي أعطى إثيوبيا تلك الأداة التفاوضية، مضيفا أن إثيوبيا لم تكن لتجد مساندا دوليا لها في بناء السد لولا وجود اتفاق المبادئ، الذي كان بمثابة ضوء أخضر من مصر والسودان لبناء السد. وأوضح الزواوي أن حكومة الانقلاب تحاول إصلاح غلطتها التاريخية وتطالب بوضع آلية قانونية لمعاقبة إثيوبيا، على الرغم من أنه أغفلت تلك النقاط في اتفاق المبادئ، مضيفا أن إثيوبيا استفادت من هذه الأخطاء بكل قوة، وأتمت بناء السد بقبول مصر سوداني ودولي، مضيفا أن الانسحاب من اتفاق المبادئ لا يغير واقع بناء السد أو يعوق إثيوبيا عن إتمام الملء الثاني. وأشار الزواوي إلى أن المفاوض الإثيوبي غير جاد ويماطل ولا يحترم الوسطاء الدوليين مثل الولاياتالمتحدة وينسحب عند التوقيع، مضيفا أن الاتفاق العسكري بين رئيسي الأركان في مصر والسودان بعث برسالة طمأنة بأنه حال ضرب مصر للسد لن تسمح القاهرة لإثيوبيا باجتياح الحدود السودانية، مؤكدا انه ليس أمام حكومة الانقلاب سوى فرض سياسة الأمر الواقع وضرب السد. تنسيق سوداني مصري بدوره قال محمد حامد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن موقف حكومة الانقلاب واضح وهو ما كشفت عنه زيارة عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب للخرطوم قبل أيام، كما يتوقع أن يزور عبدالله حمدوك رئيس الحكومة السودانية القاهرة قريبا، وهناك تنسيق على أعلى مستوى بهدف إرجاء الملء الثاني للسد حتى يتم الوصول إلى اتفاق يحمي حقوق مصر التاريخية. وأضاف أن أي حديث عن رباعية دولية من أجل التفاوض في ظل استمرار الحديث عن الملء الثاني أمر عبثي، ولابد من إرجاء الملء الثاني ثم يتم الحديث عن الرباعية الدولية وعودة دائرة التفاوض، مضيفا أن كل مؤسسات الاتحاد الأفريقي ضعيفة ولا تقدم أي فائدة للدول الأعضاء ولا تساهم في حل أي نزاعات مثلها مثل الجامعة العربية،وقد فقدت بريقها منذ عشرات السنوات وتسيطر عليها إثيوبيا لأنها دولة المقر. وأوضح حامد أن الحكومة الإثيوبية في حالة ارتباك بعد التنسيق المصري السوداني الذي وصل ذروته في المجالات العسكرية والأمنية والسياسية مؤخرا، وهو ما ظهر مؤخرا في تصريحات البلدين أن الملء الثاني لسد النهضة تهديد للأمن القومي المصري والسوداني. https://www.youtube.com/watch?v=I51n1IIUhoI