مع تصاعد أزمة سد النهضة الإثيوبى وفشل عبد الفتاح السيسى قائد عصابة الانقلاب العسكرى على مدار 7 سنوات فى التوصل إلى حل يضمن حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل، يحذر خبراء رى من أن مصر ستواجه كارثة حال استمرار إثيوبيا فى بناء السد وملء الخزانات دون التوصل إلى اتفاق. وبحسب هؤلاء الخبراء فإن مصر تواجه عجزا فى المياه حتى قبل بناء سد النهضة وتشغيله، مؤكدين أن أزمة المياه ستتضاعف مما يؤدى إلى تبوير ملايين الأفدنة الزراعية وتشريد الكثير من المزارعين، وقد يؤدى ذلك إلى مجاعة غير مسبوقة فى البلاد. وطالب الخبراء باتخاذ موقف قوى وحاسم من جانب مصر والسودان قبل فوات الآوان، مؤكدين أن إثيوبيا تتعنت فى المفاوضات بهدف إضاعة الوقت حتى إنهاء السد وتشغيله؛ وبالتالى فرض الأمر الواقع على دولتى المصب. من جانبها، قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن مصر ستعانى مستقبلاً من ندرة المياه، وهذا سينعكس سلبا على قطاع الزراعة الحيوي الذي يمثل 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وأكدت "فايننشال تايمز" فى تقرير لها أن هذه القضية من أكبر التحديات التي تواجه مصر، موضحة أن البلاد تعانى من نمو سكاني سريع يقارب 2 في المائة سنويًا، ومن المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى تقلبات حادة في هطول الأمطار على منابع النيل، وقد أدى بناء سد ضخم جديد في أعلى المنبع في إثيوبيا إلى تصعيد التوتر الإقليمي بشأن الحقوق الخاصة به. وأوضحت أن حوالي 90 في المائة من المياه العذبة في مصر تأتي من نهر النيل، ويعتمد عليها ملايين المزارعين في ري أراضيهم، مشيرة إلى أنه حتى قبل إنشاء سد النهضة الإثيوبي كانت مصر تعاني بالفعل من فقر المياه، الذي حددته الأممالمتحدة على أنه نصيب سنوي للفرد يقل عن 1000 متر مكعب من المياه، فى حين أن مصر لديها أقل من 600 متر مكعب للفرد. وأشارت الصحيفة إلى أن المفاوضات المشحونة مع إثيوبيا حول السد فشلت حتى الآن في التوصل إلى اتفاق بشأن حجم المياه التي سيتم إطلاقها للتدفق في اتجاه مجرى النهر خلال سنوات الجفاف، مؤكدة أن أديس أبابا التي بدأت ملء خزان السد في يوليو الماضى، رفضت الاعتراف بما تعتبره مصر نصيبها من المياه على أساس الاستخدام التاريخي – وهو 55.5 مليار متر مكعب سنويًا. اتفاق ملزم وتعليقا على تطورات قضية سد النهضة، قال الدكتور علاء عبدالله الصادق، أستاذ تخطيط وإدارة الموارد المائية في جامعة الخليج بالبحرين، إن التصريحات الإثيوبية المتكررة بشأن بداية الملء والتشغيل يوليو القادم تأتى رغم عدم التوصل إلى إتفاق قانونى ملزم حول الملء والتشغيل للسد، وعدم الاتفاق. وأشاد الصادق فى تصريحات صحفية، بالموقف السودانى، مشيرا إلى أن السودان تظهر فى المشهد وتبدى اعتراضات على بدء الملء الثاني وتطالب بضرورة ألا يتم ذلك إلا بموافقة الدول الثلاث ولكن دون خطوات إيجابية. وحذر من شروع إثيوبيا فى الملء الثاني خلا شهر يوليو المقبل بإرادتها المنفردة دون اتفاق، مؤكدا أن عواقب هذه الخطوة ستكون فى منتهى الخطورة على دولتى المصب. وأوضح الصادق أن مفاوضات سد النهضة متوقفة منذ نوفمبر الماضي، فى ظل مطالبة السودان بمنح خبراء الاتحاد الإفريقي دورا أكبر في المفاوضات للتوصل لاتفاق ملزم بشأن ملء السد وتشغيله، بينما تحفظت على هذا الطرح كل من مصر وأثيوبيا، حيث إن خبراء الاتحاد الأفريقي ليسوا متخصصين في المجالات الفنية والهندسية ذات الصلة بإدارة الموارد المائية وتشغيل السدود. وأشار إلى أن هذا الوضع سيجعلنا ندور فى حلقة مفرغة من المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي دون نتيجة ملموسة، مؤكدا أن المماطلة الأثيوبية نجحت في إثارة الخلافات والدخول فى قضايا فرعية وهامشية في محاولة للتعتيم على الملء الثاني التي تخطط له دون موافقة كل من مصر والسودان، ثم أعلنت بكل تعنت وجرأة عزمها على هذا الملء سواء بموافقة دولتى المصب أو دون موافقتهما. رفع سقف المطالب وطالب الدكتور أحمد المفتى، خبير الموارد المائية السودانية، بضرورة رفع سقف المطالب ووقف المفاوضات الحالية لمنع الملء الثاني والاتجاه لمجلس الأمن ما لم توقف إثيوبيا أنشطتها في سد النهضة إلى حين الوصول لاتفاق ملزم بين الدول الثلاثة. وقال المفتى فى تصريحات صحفية، إنه فى حالة عدم موافقة إثيوبيا على وقف العمل يجب سحب التوقيع علي اعلان المبادئ لسنة 2015 ، ومن ثم يجب رفع الأمر لمجلس الأمن بموجب الفصل السابع. وأوضح أنه بما أن أثيوبيا قد رفعت سقف موقفها بالإعلان رسميا عن بدء الملء الثاني بإرادتها المنفردة في يوليو المقبل، فإنه يجب رفع سقف المطالب وخاصة من السودان، وذلك بالمطالبة والعمل علي استرداد الأرض التي يقام عليها سد النهضة. وكشف المفتى أن إثيوبيا لم تف بالالتزام الوارد في اتفاقية 1902، والذي جعل السودان يمنحها تلك الأرض، وهو عدم إقامة أي منشأة مائية تعترض تدفق النيل الأزرق إلا بموافقتها، محذرا من أن المطالبة بدور لخبراء الاتحاد الإفريقي يعد تفريطا في الحقوق المائية.