نشرت صحيفة "تايم" البريطانية تقريرا سلطت خلاله الضوء على نتائج الانتخابات الأمريكية المزمع إجراؤها في 3 نوفمبر الجاري وتأثيرها على أوضاع السجناء السياسيين في المملكة العربية السعودية. وحسب التقرير الذي ترجمته "الحرية والعدالة"، نقلت الصحيفة عن الباحث القانوني السعودي عبد الله العودة نجل الداعية الإسلامي المعتقل في السعودية سلمان العودة قوله إنه تلقى رسالة حديثة جاءت في محتواها خالية من التهديد وإن لم تكن بنفس اللهجة، وفي يوليو تلقى رسالة على تويتر من شخص ما يتعهد فيها "بالاستفادة مما أسماه الفوضى في الولاياتالمتحدة وقتله في الشوارع". وأضاف العودة، هو زميل أقدم في جامعة جورجتاون، في تصريحات ل"تايم" عبر الهاتف من واشنطن، أن الرسالة انتهت بعبارات "نهايتك قريبة جدًا، خائن"، إلا أن أكثر ما أدهشه ما اعتبره إشارة إلى الاحتجاجات والاضطرابات في الأشهر التي سبقت الانتخابات الأميركية. وحسب التقرير، لا تعد عمليات التصويب على الإنترنت وحدها دليلا موثوقا في انتخابات 3 نوفمبر، وبالنسبة للمنشقين الذين يعيشون خارج المملكة، فإن الانتخابات الأميركية تخلف عواقب شخصية وسياسية، من ناحية، هناك شخص حالي يتباهى بأنه "أنقذ [ولي العهد الأمير محمد بن سلمان] من المحاكمة بشأن دوره المزعوم في مقتل الكاتب الصحفي بجريدة واشنطن بوست جمال خاشقجي، وعلى الجانب الآخر هناك المنافس الديمقراطي جو بايدن، الذي قال في العام الماضي إنه سوف يجعل المملكة العربية السعودية "منبوذة"، وخص المملكة ب"قتل الأطفال" في اليمن، وقال إن "القيمة الاجتماعية الضئيلة للغاية في القيادة السعودية الحالية". وأضاف التقرير أنه بالنسبة للبعض، مثل عبدالله العودة، فإن هذه الكلمات تقدم بارقة أمل في أن الأقارب المحتجزين في المملكة قد يتم الإفراج عنهم حال فوز بايدن في نوفمبر"آمل أن تقوم إدارة جديدة تشير إلى نهج جديد في التعامل مع المملكة العربية السعودية بطلب إطلاق سراح السجناء السياسيين"، وفقا للعودة، الذي اعتقل والده، عالم الدين الإسلامي الإصلاحي سلمان العودة في سبتمبر 2017 ويواجه عقوبة الإعدام، ويشعر عبدالله بالقلق من القراءة الكثيرة في خطاب الحملة الانتخابية الأمريكية، كما يقول، "ولكن ما أنا متأكد منه هو أن إدارة بايدن لن تكون متوافقة مع المملكة العربية السعودية كما كان ترامب". وأوضح التقرير أن العودة يعد واحدًا من مئات المعتقلين أو المسجونين في السعودية بسبب انتقاد الحكومة، وقال العودة إنه تم القبض عليه بعد ساعات فقط من تغريدته على تويتر لرسالة إلى متابعيه البالغ عددهم 14 مليون شخص يدعو فيها المملكة العربية السعودية إلى إنهاء حصارها على إمارة قطر الخليجية الصغيرة. وأشار إلى أنه على الرغم من أن والده ظل رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة لأكثر من 3 سنوات، إلا أن السعودية أعدمت عددًا قياسيًا من الأشخاص في 2019، ووجهت المحكمة اتهامات لوالده تشمل نشر الفساد من خلال الدعوة إلى الملكية الدستورية، وإثارة الخلاف العام، والانتماء المزعوم إلى جماعة الإخوان المسلمين، و"السخرية من إنجازات الحكومة". ولفت التقرير إلى أن المملكة العربية السعودية كانت الوجهة لأول رحلة لترامب إلى الخارج في مايو 2017، وهي الزيارة التي مهدت الأجواء للتحالف القوي الذي استمر منذ ذلك الحين واحتلت صور ترامب وهي تتألق إلى جانب عبد الفتاح السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان عناوين الصحف، وكذلك ادعاءاته بعدد الوظائف التي ستخلقها صفقات التسليح التي عقدها في المملكة، والتي تتراوح بين 450 ألف و"مليون"، (ويتراوح المجموع الفعلي بين 20 ألفا و40 ألف وظيفة، وفقا لتقرير مايو الصادر عن مركز السياسات الدولية. وقال ستيفن ماكينيرني، المدير التنفيذي لمشروع "ديمقراطية الشرق الأوسط" غير الحزبي في واشنطن، إن علاقات العائلة الأولى مع محمد بن سلمان هي نتاج الاحتضان العام لترامب للسلطويين، فإن العلاقات التاريخية بين الولاياتالمتحدة وآل سعود التي يعود تاريخها إلى عام 1943، أو المصالح التجارية في المنطقة غير واضحة، مضيفا أنه من الواضح أن "ترامب وعائلته – وخاصة جاريد كوشنر – تربطهم علاقات شخصية وثيقة مع محمد بن سلمان". وأضاف ماكينيرني أن هذا التقارب ترجم إلى إحجام عن مواجهة المملكة العربية السعودية بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من أن ماكينيرني يقول إن هذا هو الحال بالنسبة للإدارات السابقة، فإن مدى "خروج الرئيس الأمريكي عن طريقه للتغطية على محمد بن سلمان" قد أثار الانزعاج، حتى بين أولئك الذين لهم مصلحة راسخة في الحفاظ على الوضع الراهن: "في بعض الأحيان كان هناك إحباط حقيقي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي أو حتى غضب منه". وأشار ماكينيرني إلى واقعة اغتيال جمال خاشقجي، الصحفي السعودي الذي قُتل وتم تقطيع أوصاله داخل قنصلية المملكة في اسطنبول في أكتوبر 2018، مضيفا أنه بعد أسبوعين من مقتل خاشقجي، بحث ترامب علنًا احتمال مقتله على يد "فاعل مارق" – بما يتماشى مع الرواية السعودية التي أثارت الغضب، وبعد أن ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن وكالة الاستخبارات المركزية خلصت إلى أن محمد بن سلمان أمر بقتل خاشقجي، فند ترامب التقرير، في عام 2019، تجاهل ترامب قانونًا يتطلب تقديم تقرير إلى الكونغرس عن المسؤول عن مقتل خاشقجي. وتابع التقرير: "في مارس من هذا العام، بعث قادة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ برسالة إلى مدير الاستخبارات الوطنية بالإنابة ريتشارد غرينيل يحثونه فيها على رفع السرية عن المعلومات المتعلقة بمقتل الصحفي في المملكة العربية السعودية بعد أن حصلوا على نسخة منقحة". وقالت أغنيس كالامارد، المقررة الخاصة للأمم المتحدة لعمليات القتل خارج نطاق القضاء ل"تايم"، "ليس لدي شك في أن دونالد ترامب قام بحماية وحفظ أي جزء من جثة محمد بن سلمان"، في إشارة إلى التعليقات السيئة السمعة التي أدلى بها الرئيس لمراسل التحقيقات المخضرم بوب وودوارد بأنه أنقذ "مؤخرة" ولي العهد، مضيفة أن ترامب "حمى الفرد وليس الدولة". أضافت كالامارد أنها تتوقع من إدارة بايدن "كحد أدنى، عدم تقويض العمليات الديمقراطية الخاصة بالولاياتالمتحدة"، كما فعل ترامب في استخدام حق النقض ضد مشاريع القوانين التي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تتعلق بجريمة قتل خاشقجي وبيع الأسلحة للسعودية التي استخدمت في حرب اليمن. وأوضحت كالامارد أنها تتوقع أيضًا من الرئيس بايدن ألا "يبرر انتهاكات الآخرين أو يوحي بأن الولاياتالمتحدة لا تهتم بالانتهاكات بسبب مصالحها الاقتصادية". ونوه التقرير بأن بايدن كمرشح ديمقراطي اتخذ لهجة متشددة على المملكة العربية السعودية، وجاء في بيان على موقع حملته الانتخابية على شبكة الإنترنت أن الرئيس بايدن "سيعيد تقييم" العلاقات مع المملكة، و"ينهي الدعم الأمريكي لحرب المملكة العربية السعودية في اليمن، ويتأكد من أن أمريكا لا تتحقق من قيمها على الأبواب لبيع الأسلحة أو شراء النفط". وأضاف البيان أن بايدن "سيدافع عن حق النشطاء والمعارضين السياسيين والصحفيين في جميع أنحاء العالم في التعبير عن آرائهم بحرية دون خوف من الاضطهاد والعنف". وما يعنيه ذلك من الناحية العملية يبقى سؤالًا مفتوحًا – خاصة عندما كان بايدن نائبًا للرئيس، دعمت إدارة أوباما حرب المملكة العربية السعودية في اليمن وباعت المملكة أسلحة أكثر من أي من أسلافه الجمهوريين أو الديمقراطيين، بحسب ماكينيرني. وتابع: "أعتقد أنه سيكون هناك بعض النقاش الدولي بين أولئك الذين يريدون تغييرًا حازمًا جدًا في العلاقات بين الولاياتالمتحدة والسعودية وأولئك الذين سيكونون أكثر حذرًا"، مضيفا أن "النهج الأكثر حذرا سيكون متماشيا مع السابقة التاريخية". وفي مقابلات أجريت مؤخرًا، قالت عدة مصادر دبلوماسية وإخبارية لرويترز إنه من غير المرجح أن يُقلب بايدن العلاقات الأمريكية مع السعودية، لكنه قد يضع شروطًا أقوى على دعم الولاياتالمتحدة، على سبيل المثال، مطالبًا بتنازلات عامة مثل إطلاق سراح المدافعات عن حقوق النساء المسجونات. ومن أبرز هؤلاء المدافعات لجين الهذلول، والتي اعتقلت قبل أسابيع فقط من رفع محمد بن سلمان الحظر الذي فرضته المملكة منذ فترة طويلة على قيادة النساء، حيث قامت السلطات السعودية بتعذيب الهذلول والاعتداء عليها جنسيًا أثناء دخولها السجن، حسب عائلتها، وفي 27 أكتوبر بدأت الهذلول إضرابًا جديدًا عن الطعام احتجاجًا على رفض السلطات منحها زيارة عائلية في غضون شهرين. وقالت لينا الهذلول، شقيقة لجين المقيمة في برلين، ل"تايم" إنها "لا تشك" في أن السلطات السعودية كانت ستعامل شقيقتها بشكل مختلف لو أن إدارة ترامب أثارت أي اعتراض، مضيفة: "الشيء الوحيد الذي يسمح لهم بتجاهل كل الضغوط الدولية هو أن البيت الأبيض لم يتحدث عن ذلك، ولم يعط رسالة واضحة للسعوديين يخبرونهم بأنهم لا يوافقون على ذلك". ويرى خبراء أنه إذا أعيد انتخاب ترامب، فإن فرصة تغيير المسار ضئيلة، في الواقع، كما تقول كالامارد، فإن ذلك سيشكل "اختبارًا حقيقيًا" لمرونة المؤسسات الديمقراطية الملتزمة بدعم النظام القائم على القواعد. وفي غضون ذلك، لا ينتظر الجميع توقعًا أن تأتي العدالة من المكتب البيضاوي، وفي الأسبوع الماضي، رفعت خديجة جنكيز، أرملة خاشقجي، دعوى قضائية فيدرالية أمام محكمة في واشنطن العاصمة بهدف مقاضاة محمد بن سلمان وأكثر من 20 "متآمرًا" على مقتل زوجها. وانضمت إلى خديجة جنكيز في الدعوى منظمة الديمقراطية من أجل العالم العربي (DAWN)، منظمة المجتمع المدني التي كان خاشقجي يعمل على بنائها قبل وفاته. يقول العودة، الذي يشغل منصب مدير الأبحاث في "داون": "إن مجرد رفع الدعوى القضائية هنا في واشنطن العاصمة هو علامة على أننا لا نزال نؤمن بأن هناك طرقًا أخرى للضغط على الحكومة السعودية، مضيفا "هذا هو الحال بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات". رابط التقرير: https://time.com/5905633/joe-biden-saudi-arabia/