ما زالت الدماء تسيل على كل طريق يسلكه المصريون، حيث لقيت 3 فتيات منذ قليل مصرعهن وأصيب 10 آخرون في حادث تصادم سيارة أجرة مع أخرى نقل على الطريق الإقليمي. الواقعة برغم قسوتها تكشف عن فشل ذريع لمسئولي الانقلاب العسكري فى مصر، بعدما أصبح “البيزنس” هو السائد دون النظر إلى الجودة. في يوليو الماضي، أعلنت وزارة النقل عن انتهاء أطول طريق دائري في إفريقيا والشرق الأوسط، والمعروف بالطريق الدائري الإقليمي، والذي يمتد بطول 400 كيلو متر، وأن إجمالي استثمارات إنجازات الطرق والكباري خلال الفترة من (2014-2017)، بلغ 22.5 مليار جنيه. تكرار الفشل والكوارث وبعد الانقلاب وعد المنقلب عبد الفتاح السيسي بشبكة طرق حديثة وقوية، لكن سرعان ما تلاشت بعد كثرة الحوادث والانهيارات. واتهم عدد من خبراء الطرق والهندسة الحكومة بعدم الصيانة المستمرة للكباري والجسور، وأنه لا توجد خطة للصيانة، ما يؤدي إلى تدهور حالها بشكل ملحوظ، وتسرب الرطوبة داخل الخرسانة مما يسبب صدأ حديد التسليح، وتآكل الفواصل ويؤثر على العمر الافتراضي للكوبري أو الجسر، مؤكدين أن تردي حالة الكباري المنتشرة في عدد من المحافظات وراء زيادة حوادث الطرق وحصد آلاف الأرواح سنويا. الغريب أن وزير النقل السابق، الدكتور سعد الجيوشي، هو من فجّر من قبل أزمة انهيار الكباري عندما كان رئيسًا لهيئة الطرق والكباري الحكومية، عندما أكد أن 850 “كوبري” في مصر مهددة بالانهيار بسبب عدم صيانتها، ولكن بعد توليه مسئولية الوزارة لم يسع للاهتمام بالقضية. مصيدة الموت وبرغم بشاعة الحادث، فإنه يكشف عن كوارث متكررة و”مصيدة” لموت المصريين. ووفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وصل عدد حوادث الطرق في مصر خلال عام 2018 إلى 8480 حادثا. استشاري الطرق، دكتور أسامة عقيل، أكد أن جزءا كبيرا من حوادث الطرق في مصر يقع بسبب سيارات النقل كبيرة الحجم حيث قال: “تشكل الشاحنات حوالي 20% من إجمالي المركبات على الطرق، ويؤدي اختلاط تلك الشاحنات بالسيارات العادية على الطريق إلى ارتفاع إمكانيات وقوع الحوادث. فوفقا لعدة إحصائيات، 40% من حوادث الطرق في مصر أحد طرفيها شاحنة”. أما جهاز التعبئة والإحصاء فقد حصر الأسباب المؤدية لوقوع حوادث السير في العامل البشري بالدرجة الأولى، حيث قدر نسبة الحوادث التي وقعت بسبب أخطاء بشرية ب75.7%، بينما تسببت الأعطال الفنية في 17.1% من إجمال الحوادث، أما حالة الطرق وصيانتها فأدت إلى وقوع 2.9% فقط من الحوادث. غياب الإجراءات إلا أن استشاري الطرق، دكتور أسامة عقيل، وصف فهم أسباب وقوع حوادث الطرق في مصر بكونه “خاطئًا”؛ لرفضه تحميل العنصر البشري وحده المسئولية كاملة، ويضيف: “أي حادث يقع لعدة عوامل مجتمعة لا بد من دراستها بشكل علمي، فعلى سبيل المثال، عند القول بأن حادثا ما وقع بسبب تجاوز السرعة، فلماذا وقع مع قائد تلك السيارة بالتحديد دون غيره من السيارات المتجاوزة للسرعة؟ فعند توفير كل عوامل سلامة الطرق، حينها فقط يمكننا أن نحمل السائق المسئولية كاملة”. واعتبر عقيل، فى تصريحات له، أن مصر تفتقد لوجود إجراءات موحدة معتمدة من كافة الجهات للتعامل مع حوادث الطرق، ويقول: “في حالة انحراف السيارة وسقوطها في المياه، على سبيل المثال، يذكر التقرير الطبي الغرق كسبب للوفاة ولا يتم تسجيل الحالة كحادث مروري، أي أن التسجيل يقع بشكل طبي غير إجرائي لانعدام القواعد التي تنظم التعامل مع هذا النوع من الحوادث في مصر”. ويؤدي غياب الإجراءات الموحدة في التعامل مع ذلك النوع من الحوادث، وما يتسبب فيه لاحقا من تقارير طبية تخلو من تسجيل حادث الطرق كسبب للوفاة في كثير من الحالات، في عدم حصول أسر بعض هؤلاء الضحايا والمصابين على تعويضات مالية، وعدم تلقي مرتكب الحادث أو المتسبب فيه أحيانا للعقوبة المناسبة.