في كل دول العالم الديمقراطية تتقارب النظم السياسية مع شعوبها، وتوقف إجراءاتها الأمنية بعض الوقت، لتخفيف أوجاع الشعب المعرض لمخاطر الموت بكورونا.. ولكن في النظم الاستبدادية والقمعية، مثل ما يدور في مصر، تواصل سلطات القمع السيساوي اعتقالات المواطنين وضربهم بالهراوات ومنع الزيارات عن السجناء، في تصرف أبعد ما يكون عن الإنسانية أو المنطق السياسي، وهو ما رصدته وأدانته كل منظمات العالم الحقوقية والإنسانية، التي ترفض وتدين استمرار اعتقال المصريين والإبقاء على السجناء في مقار اعتقالهم، دون إفراج صحي، لمواجهة الأزمة العالمية.. ولا يبعد نظام السيسي العسكري في قمعه عن أصدقائه الحميميين والمقربين، من الصهاينة، ضد الشعب الفلسطيني.. حيث تستغل إسرائيل أزمة انتشار وباء كورونا لتنفيذ المزيد من مخططات الاستيطان والتهويد والضم، بالإضافة إلى بروز النزعة العنصرية لها في التمييز ضد العرب في إجراء فحوصات الفيروس. وبالرغم من انتشار وباء كورونا في إسرائيل بشكل كبير وغير مسيطر عليه بسبب الأعداد المتزايدة للمصابين، التي وصلت إلى أكثر من 9 آلاف و60 حالة وفاة، حسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن المستوى الرسمي الإسرائيلي لا يزال مصمما على المضي بعمليات التهويد والاستيطان وضم الأراضي الفلسطينية، مستغلاً انشغال العالم بأزمة كورونا. وتعمل إسرائيل على كل الأصعدة ممارِسةً التهويد والاستيطان، إذ طرحت سلطات التخطيط الإسرائيلية مستغلة جائحة كورونا مخططاً لبناء نفق سكة حديد تحت الأرض في مدينة القدسالمحتلة يصل إلى تخوم الحرم الشريف، حسب المركز العربي للتخطيط البديل، الذي أكد أن المخطط أُعلن عنه وبُدئ التحضير له في فترة الطوارئ التي أُعلن عنها مؤخرا، من قبل الحكومة الإسرائيلية خشية انتقال عدوى الكورونا. ويتعلق المشروع الأول ببناء نفق سكة حديد تحت الأرض يصل ما بين غربي القدس ومنطقة باب المغاربة وصولاً إلى تخوم المسجد الأقصى المبارك، بينما يتعلق الثاني ببناء سكة حديد فوق الأرض في أحياء القدس المختلفة. من جانب آخر، تستمر مساعي إسرائيل لفرض السيادة الإسرائيلية على مناطق في الضفة المحتلة، بموجب "صفقة القرن" الأمريكية، إذ جرى اتفاق بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس حزب أزرق – أبيض بيني غانتس، ينص على أن ضم مناطق في الضفة الغربية سيجري خلال شهرين ونصف من عمل الحكومة الجديدة المرتقبة، بموافقة الأمريكيين، حسب صحيفة هآرتس، التي أكدت أن نتنياهو وغانتس اتفقا في اجتماع الاثنين، على الشروط المتعلقة بكيفية ضم إسرائيل ضم أجزاء محتملة من الضفة الغربية من قبل حكومة بقيادة حزبيهما، لكن أزرق – أبيض أعلن لاحقا عن وجود خلاف جديد بشأن تعيين القضاة. ولا يقتصر الأمر على الضم، بل توجد مناطق فلسطينية مقدسة معرضة للتهويد والمصادرة من قبل إسرائيل، إذ حذّرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية من استغلال إسرائيل تفشّي فيروس كورونا، للسيطرة على المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربيةالمحتلة، مؤكدةً أن السلطات الإسرائيلية أقدمت على إغلاق المسجد، ومنعت دخول الحراس، فيما سمحت فقط بدخول المؤذن لرفع الأذان. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت أعلن الشهر الماضي أنه أعطى الضوء الأخضر لإنشاء مشروع مصعد ضخم في المسجد الإبراهيمي، يتضمن مصادرة أراضٍ فلسطينية في الخليل، لإقامة طريق لمرور زوار الحرم الإبراهيمي من اليهود ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلًا عن إقامة مصعد لهم. كما تعهد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بفرض "السيادة الإسرائيلية" على الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، وعلى مستوطنة "كريات أربع"، وعلى الحي الاستيطاني اليهودي في المدينة. في السياق ذاته، شرع الاحتلال الإسرائيلي في إقامة جدار إسمنتي جنوب شرقي مدينة القدسالشرقية، توطئة لإقامة شارع يصل بين مستوطنات إسرائيلية. ويفصل الجدار الجاري تشييده بلدتَي الشيخ سعد وصور باهر الفلسطينيتين على الرغم من أنهما بمحافظة القدس.