فى ظل الأزمات المتفاقمة التى تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، يبرز الدور المصرى كواحد من أهم وأكثر الأدوار اتزانًا وحكمة فى إدارة التوترات الإقليمية الخطيرة والمتصاعدة، وهذا الدور يظهر جليا فى كافة المواقف المصرية. تصريحات وزير الخارجية د.بدر عبد العاطي، خلال مؤتمره مع نظيره الإيراني، تعكس رؤية استراتيجية راسخة تقوم على التهدئة والانفتاح الدبلوماسي، فى وقت تتصاعد فيه نذر التصعيد والصراع، موقف القاهرة فى هذا السياق ليس جديدًا، بل هو امتداد لسياسة مصرية راسخة تقوم على حفظ التوازن وعدم الانحياز إلى محاور تؤدى إلى مزيد من الاستقطاب والتوتر. وكان اللافت توظيف مصر لعلاقاتها مع أطراف إقليمية مثل إيران، فى محاولة صريحة لخفض التصعيد وتعزيز الأمن الجماعي، لا سيما فى منطقة الخليج، التى تعتبرها القاهرة جزءًا لا يتجزأ من أمنها القومي، ودائما ما تؤكد ذلك وتحرص عليه. واكتسبت دعوة عبد العاطى للحوار وتغليب الحلول السياسية، أهمية خاصة فى وقت تعانى فيه المنطقة من انقسام حاد واستقطاب مذهبى وجيوسياسي. وهذا التوجه المصرى يجب أن يُقرأ كدعوة للعقلانية فى زمن تغلب فيه لغة السلاح والتهديد والحروب. أخيرا.. يبقى التحدى الأكبر أمام الدبلوماسية المصرية هو مدى تجاوب الأطراف الأخرى، ومدى استعدادها للانخراط فى مسارات سياسية حقيقية لا تكتفى بالشعارات والكلمات، ولا شك ان استمرار القاهرة فى هذا النهج يمنحها مصداقية متزايدة كصوت عقلاني، قادر على تقريب وجهات النظر وفتح قنوات للحوار بين الأطراف المختلفة، فى منطقة باتت لا تحتمل مزيدًا من الانفجار والصراع والأزمات.