تصاعدت أزمة مسلمي الروهينجا مع تفشي فيروس كورونا بينهم، بجانب مواصلة قوات الأمن في ميانمار ارتكاب انتهاكات خطيرة ضدهم، ما عمّق الكارثة الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان في ولاية “أراكان” ذات الأغلبية المسلمة . وكان أكثر من مليون مسلم من الروهينجا قد فروا إلى بنجلادش المجاورة، منذ أن بدأت الحملة العسكرية للتطهير العرقي في أغسطس 2017. وتنكر حكومة ميانمار أنها تقوم بأعمال وحشية ضد المسلمين، وفى نفس الوقت ترفض السماح لمحققين مستقلين بالوصول إلى ولاية أراكان، بل إنها اعتقلت صحفيين محليين بسبب إبلاغهم عن الانتهاكات العسكرية. كانت بعثة أممية لتقصي الحقائق قد أكدت أن الانتهاكات العسكرية التي ارتكبت في ولايات كاشين وراخين وشان منذ عام 2011 ترقى إلى أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي، وطالبت أن يواجه كبار المسئولين العسكريين، بمن فيهم رئيس الأركان الجنرال مين أونج هلاينج، التحقيق والملاحقة القضائية بتهمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وأشارت الأممالمتحدة إلى فرار أكثر من 100 ألف من الروهينجا إلى البحر، هربا من الاضطهاد الطائفي الذي أسفر عن قتل الآلاف وتشريد أكثر من 100 منهم، منذ اندلاع الاضطرابات العرقية في بورما عام 2012. جرائم متنوعة ويؤكد اللاجئون الذين وصلوا إلى بنجلاديش مؤخرا استمرار انتهاكات قوات الأمن في ميانمار، بما فيها عمليات القتل وحرق المباني المتعمّد والإخفاء القسري والابتزاز والقيود الشديدة على الحركة ونقص الغذاء والرعاية الصحية. كما أبلغوا عن عنف جنسي واختطاف نساء وفتيات في القرى ونقاط التفتيش على طول الطريق المؤدي إلى بنجلادش. وقالوا إنَّ العائدين إلى ميانمار يواجهون الاعتقال والتعذيب من قبل السلطات. موضحين أن آلافا من الروهينجا عالقون على الحدود بين بنجلادش وميانمار، يواجهون المضايقات والتهديدات من سلطات ميانمار عبر مكبرات الصوت؛ لدفعهم إلى العبور إلى بنجلادش. وكشف لاجئو الروهينجا عن أن سلطات ميانمار أمرتهم بقبول بطاقة التحقق الوطنية التي لا تقدّم الجنسية، ولا تسمح بمغادرة ميانمار، مؤكدين أن الحكومات المتعاقبة على مدى عقود حرمت الروهينجا من الجنسية، ما جعلهم يواجهون التهميش الممنهج . تدمير34 قرية وأكدوا أن سلطات ميانمار قامت بتدمير 34 قرية على الأقل بشكل كامل أو جزئي، ليصل إجمالي عدد القرى التي تقطنها غالبية من الروهينجا، والتي دمرت في الفترة ما بين أغسطس 2017 ومارس 2018 إلى 392، معظمها حرقا. كما استولت الحكومة على العشرات من قرى الروهينجا ودمرتها بالجرافات. وأشار اللاجئون إلى أنه لا يزال أكثر من 128 ألف مسلم بينهم نحو 125 ألف من الروهينجا و3 آلاف من الكامان، في معسكرات الاعتقال في ولاية راخين المركزية، حيث تم احتجازهم منذ 2012 عام، وحرمانهم تعسفيا من كل حقوقهم . فيروس كورونا وجاء وباء كورونا ليزيد مآسي مسلمي الروهينجا وليضيف أزمة جديدة إلى أزماتهم الكثيرة . فى هذا السياق، حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية، المعنية بالدفاع عن الحقوق والحريات، من خطورة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) على حياة مسلمي أراكان الموجودين في معسكرات اللجوء بميانمار. وأكدت المنظمة الحقوقية أن أوضاع معسكرات اللجوء التي تعاني من كثافات كبيرة، ولا تطبق فيها معايير النظافة، ولا توجد فيها مساحات تسمح بالحركة، تجعل اللاجئين عرضة للإصابة السريعة بفيروس كورونا حال إصابة أحد الأشخاص به. وكشفت عن أنه في هذه المعسكرات، يستخدم 40 شخصًا نفس المرحاض، و600 منهم يستخدمون نفس الصنبور، وهي أمور من شأنها تسهيل عملية انتشار الفيروس بشكل كبير، لافتة إلى أن الكثافة المرتفعة بتلك المخيمات تجعل اتخاذ المسافة الشخصية بين النزلاء أمرا صعبا، لافتا إلى تعمد السلطات في ميانمار تقييد حرية سفر اللاجئين. فيما حذرت المنظمة من أن 350 ألف شخص تقريبا قد باتوا على أعتاب كارثة صحية، موضحة أن اللاجئين لا تجرى لهم اختبارات الكشف عن الفيروس، وطالبت حكومة ميانمار برفع القيود المفروضة على مسلمي أراكان. وشددت في الوقت ذاته على ضرورة تخصيص مساحات لهم تسمح باتخاذ المسافات المطلوبة بين اللاجئين لمنع انتقال الفيروس. خطر كبير وقال براد آدامز، مسئول منظمة هيومن رايتس ووتش بآسيا، إن الأوضاع الصحية في مخيمات الروهينجا كارثية في الأساس، لكن مع احتمال تفشي فيروس كورونا في ظل تلك الأوضاع، فإن حياة اللاجئين باتت في خطر كبير . وأشار إلى أنه في عموم ميانمار، أجريت اختبارات فيروس كورونا لنحو 300 شخص تقريبا، فيما تواجه الحكومة انتقادات كبيرة بسبب بطء تحركاتها لمواجهة تفشي الفيروس القاتل. وأوضح أنه على المستوى الرسمي، أصيب بالفيروس في ميانمار حتى اليوم 15 شخصا، فيما لقي شخص واحد حتفه جرّاء الإصابة به. حملة عسكرية يأتي هذا في الوقت الذي ترى فيه منظمة الصحة العالمية أن النظام الصحي في ميانمار أحد أكثر الأنظمة غير الملائمة حول العالم. يذكر أن أوضاع مسلمي أراكان لا تقتصر على أخطار الإصابة بالفيروس المستجد، فمنذ 25 أغسطس 2017، تشن القوات المسلحة في ميانمار ومليشيات بوذية حملة عسكرية ومجازر وحشية ضد الروهينجا في أراكان. وأسفرت الجرائم المستمرة منذ ذلك الحين عن مقتل آلاف الروهينجيين، فضلا عن لجوء قرابة المليون إلى بنجلاديش، وفق الأممالمتحدة التي تصفهم بالأقلية الأكثر اضطهادا في العالم، أما حكومة ميانمار فتزعم أن الروهينجا مهاجرون غير نظاميين من بنجلاديش.