تُعد تعديلات قانون ضريبة التصرفات العقارية المستحدثة نهبًا جديدًا يستنزف به السيسي ونظامه العسكري جيوب المصريين وأملاكهم العقارية، والتي تُهدر أصول المصريين بالتدريج، فيما جميع عقارات العسكر ونواديهم ومساكنهم معفاة من كل الرسوم والضرائب بقوانين عسكرية وتعديلات تشريعية من برلمان علي عبد العال. وضريبة التصرفات العقارية هي ضريبة تُفرض على المتصرف في الشيء، والمتصرف في الشيء قد يكون البائع أو المتبرع أو الواهب. وبحسب قانونيين، فالضريبة ليست بحديثة أو مستحدثة فى القانون المصري، ولكن فى الآونة الأخيرة قامت الدولة ببعض التعديلات على تلك الضريبة، ووضعت عقوبات على من يتقاعس عن سدادها. وتقدر تلك الضريبة بنسبة 2.5% من قيمة أو ثمن العقار المتصرف فيه، بصرف النظر عن طريقة التصرف. فالقانون 91 لسنة 2005 بشأن الضريبة على الدخل، والمعدل بالقانون 158 لسنة 2018، نصت المادة 42 منه على أن "تفرض ضريبة بسعر (2.5%) وبغير أي تخفيض على إجمالي قيمة التصرف في العقارات المبنية أو الأراضي للبناء عليها عدا القرى، سواء انصبّ التصرف عليها بحالتها أو بعد إقامة منشآت عليها، وسواء كان هذا التصرف شاملا العقار کله أو جزءًا منه أو وحدة سكنية منه أو غير ذلك، وسواء كانت المنشآت مقامة على أرض مملوكة للممول أو للغير، وسواء كانت عقود هذه التصرفات مشهرة أو غير مشهرة. وتشترط تعديلات القانون التي أُدخلت في عام 2018، أن تسدد تلك الضريبة خلال 30 يومًا من تاريخ التصرف، ويتم ذلك عن طريق مأمورية الضرائب التابع لها المتصرف أو البائع. ولعلَّ الأقرب في هذه الجباية الجديدة، أن هذه الضريبة تتكرر مرات ومرات على نفس ذات العقار، حيث تتعلق بالتصرف، فكلما تم التصرف في العقار يتم سداد الضريبة بحسب قيمة العقد. وقد نصّت تعديلات القانون على حظر التعامل في الجهات الحكومية والشهر العقارى والقضاء في تسجيل العقود، ودعاوى صحة ونفاذ ونقل الملكية، وتركيب وتوصيل المرافق حتى يتم سداد تلك الضريبة سواء من المشترى أو البائع. ضرائب أكثر على الأقل دخلًا ووفق موازنة العام الحالي، فإن الفئات محدودة ومتوسطة الدخل مصادر رئيسية لتمويل الموازنة من خلال ما تدفعه من ضرائب. وتمثل الضرائب بمختلف أنواعها نحو 75.5% من إجمالي الإيرادات العامة في العام المالي الجاري. وتنقسم الضرائب في الموازنة العامة للدولة إلى نوعين رئيسيين: ضرائب مباشرة وضرائب غير مباشرة. الضرائب المباشرة هي التي يدفعها ممول الضريبة بشكل مباشر للخزانة العامة، وأهم صورها الضريبة على الدخل. وتطبق الضريبة على الدخل على الرواتب، وعلى دخول الأفراد من الأنشطة التجارية والصناعية مثل أصحاب المحال التجارية والورش وغيرها، وعلى أصحاب المهن الحرة كعيادات الأطباء ومكاتب المحامين ومكاتب المحاسبين والمهندسين. أيضًا، تعد الضرائب على أرباح الشركات بمختلف أنواعها من الضرائب المباشرة على الدخل، تدفعها الشركات عن الدخل المتحقق لديها سنويًا مباشرة لخزينة الدولة. أما الضرائب غير المباشرة فهي التي تفرض على السلع والخدمات المختلفة؛ مستوردة كانت أو محلية، وقت الحصول عليها، وأهمها الضريبة على القيمة المضافة التي يتم تحصيلها بنسبة 14% من قيمة السلعة أو الخدمة التي يحصل عليها المستهلك. تستهدف الحكومة تحقيق إيرادات ضريبية بقيمة 856.6 مليار جنيه في العام الحالي، بزيادة نحو 96 مليار جنيه عن المتوقع تحقيقه للعام المالي الماضي، ويأتي ما يقرب من نصف هذه الزيادة من الضرائب على الاستهلاك (ضريبة القيمة المضافة)، بينما يتوزع النصف الآخر على باقي البنود. وبالرغم من ارتفاع دخول أصحاب الأنشطة التجارية والصناعية، وكذلك أصحاب المهن الحرة، إلا أن مقارنة الإسهام الضريبي لهذه الفئات بالموظفين وأصحاب الدخول الثابتة تؤكد أن العبء الأكبر في تمويل إيرادات الدولة من الضرائب على الدخول يقع على محدودي الدخل، حيث لا يتجاوز إسهام أصحاب المهن الحرة غير التجارية (كعيادات الأطباء، ومكاتب المهندسين، والمحامين) نسبة 1.3% من إجمالي الحصيلة المستهدفة للضرائب على الدخول، بقيمة 3.7 مليار جنيه. في حين بلغت الضريبة على دخول أصحاب الأنشطة التجارية والصناعية نحو 33.8 مليار جنيه تمثل نحو 11.6% من إجمالي ضريبة الدخل. الضغط على الفقراء وبحسب ما يقره مصطفى عبد القادر، الرئيس الأسبق لمصلحة الضرائب، في ورقة بحثية صادرة عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية بعنوان «إصلاح السياسة الضريبية في مصر»، يقع العبء الضريبي على أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة بشكل أعلى من أصحاب الدخول المرتفعة بسبب ثبات حد الإعفاء الضريبي (الذي يعفي الواقعين تحته من الضرائب) بغض النظر عن الحالة الاجتماعية أو معدلات التضخم وعدم ملاءمة الشريحة المعفاة للحد الأدنى للأجور. بمعنى آخر، رقم الدخل الذي قررت الدولة إعفاء المواطنين ضريبيًا عنده لا يراعي إذا ما كان صاحب الدخل متزوجًا أو غير متزوج أو لديه أطفال، أو لا يعول من أساسه. ويبلغ حد الإعفاء الضريبي ثمانية آلاف جنيه سنويًا، بما يعادل 666 جنيه شهريًا. وبينما تبحث الحكومة في جيوب الموظفين لزيادة إيراداتها لا تلتفت بالقدر الكافي إلى الضرائب على الممتلكات لتعظيم الحصيلة وتحقيق العدالة الضريبية في نفس الوقت. فنجد الموازنة الجديدة تستهدف تحصيل ضريبة على المباني (الضريبة العقارية) قيمتها 6.7 مليار جنيه بزيادة تقدر بنحو 1.5 مليار جنيه عن موازنة العام المالي الماضي. واستكمالًا لأرقام الضرائب على الممتلكات، تحمل موازنة العام الحالي مفاجأة في البند الخاص بالعوائد على أذون الخزانة والسندات (أوراق مالية تصدرها الحكومة وتقترض من خلالها)، حيث سجل المستهدف من هذا البند 51.5 مليار جنيه، متراجعًا بنحو 59.5 مليار جنيه عن الحصيلة المتوقعة للعام المالي الماضي، وهو الأمر الذي يخالف جميع التوقعات التي رجحت زيادة الحصيلة من هذا البند بعد التعديلات التي أجرتها وزارة المالية في فبراير الماضي على بعض مواد القانون رقم 91 لسنة 2005 للضريبة على الدخل. بمقتضى هذه التعديلات التي صدق عليه السيسي، تم تغيير طريقة حساب الضريبة على استثمارات البنوك في تلك الأوراق المالية، من خلال فصل الوعاء الضريبي على تلك الاستثمارات عن باقي الأنشطة الاستثمارية الأخرى للبنوك، ومحاسبته بسعر ضريبة 20%. وكان رجب محروس، مدير عام المكتب الفني بقطاع البحوث بمصلحة الضرائب، قد قال في تصريحات صحفية سابقة، إنه من المتوقع أن تؤدي التعديلات إلى زيادة الحصيلة من هذا البند بنحو 10 مليارات جنيه. نموذج آخر لغياب العدالة في توزيع الأعباء الضريبية في موازنة العام الجاري، يظهر بقوة في الضريبة على القيمة المضافة، التي تنمو حصيلتها بشكل متواصل في الموازنات المتتابعة دون الالتفات إلى أنها تُمول بدرجة كبيرة من جيوب الفئات الأقل دخلًا، لأن هذه الفئات تصرف دخلها المحدود بالكامل على الاستهلاك. ووفقًا للموازنة المعمول بها حاليا تبلغ تقديرات هذه الضريبة نحو 364.6 مليار جنيه، تمثل وحدها نحو 42.6% من إجمالي الإيرادات الضريبية، بزيادة 52 مليار عن حصيلة العام الماضي.