يؤكد خبراء وسياسيون ان من حق المتظاهرين ومؤيدى الشرعية مواجهة مجازر وجرائم الانقلاب بكل الوسائل بعيدا عن استخدام الرصاص او اراقة الدماء . وحملوا قادة الانقلاب العسكرى مسئولية الجرائم والمجازر موضحين ان الانقلاب يتمني بل ويشجع انفلات الشباب وخروجهم عن السلمية، وهو ما لا ينبغى أن يناله أبدا. وحذر الخبراء من ان هذا خطر كبير يجب استدراكه بسرعة؛ مؤكدين أن استخدام المعارضة أدوات السلطة قد يضعف حضورها ويقلل شعبيتها ويتسبب فى موجة إدانة داخلية وخارجية لها مما يجعلها تخسر مربع المظلومية . وقالوا ان حرق مركبات أو أقسام الشرطة يفسر في إطار الدفاع الشرعي ولكنه لا يصح أن يستدرج مؤيدو الشرعية لدوامة العنف واشار الخبراء الى ان الانقلاب يجب أن يدرك أن رافضى الانقلاب فى ثورة عليهم والثورة لها آلياتها من التصعيد تبدأ بالمركبات وصولا لحصار مؤسسات الدولة وشلها عن العمل والاعتصام فى ميادين رئيسية، ومحاكمة كل من شارك فى الانقلاب .
يقول –أحمد عبد العزيز- المستشار الإعلامي للرئيس الشرعي المنتخب د.محمد مرسي: أن السلمية المطلقة لا تكون إلا في مواجهة سلطة شرعية ترفض الاستجابة لمطالب شعبية مشروعة. وهنا يجب التأكيد على السلمية المطلقة؛ لافتا الى أن السلطة الشرعية تعمل في إطار القانون وتحترم حقوق الإنسان، وتتدرج في معاملتها مع الاحتجاجات وفق المعايير الإنسانية والدولية التي لا تصل أبدا إلى القتل وحرق الجثث وتجريفها، ولا تلجأ إلى تلفيق التهم الباطلة، وإصدار أحكام جائرة لا تتناسب مع هذه التهم الملفقة. واوضح انه في الحالة المصرية، التي خرقت فيها سلطة الانقلاب وشرطتها وقواتها المسلحة كل الأعراف الدولية والأخلاقية والإنسانية، لابد من دفع الأذى عن المتظاهرين السلميين بكل وسيلة ممكنة لا تؤدي إلى إراقة الدماء، ومن ذلك حرق مركبات الشرطة وتعطيل أسلحتها وإعاقة أفرادها ومنعهم من إلحاق الأذى بالمتظاهرين السلميين، وكذلك حصار أقسام الشرطة والسجون لإطلاق سراح المعتقلين. ويتساءل عبد العزيز: هل الثوار هم الذين يذهبون إلى جنود الشرطة والجيش في ثكناتهم ويعتدون عليهم، أم أن جنود الشرطة والجيش هم الذين يتعرضون للمتظاهرين السلميين في الشارع ويعتدون عليهم ويقتلونهم ويعتقلونهم مؤكدا أن قوات الانقلاب هي التي تتعرض للمتظاهرين السلميين في الشوارع وتتعامل معهم بمنتهى الوحشية، ومن حق المتظاهرين السلميين أن يدفعوا عن أنفسهم هذا العدوان ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا دون إراقة الدماء. واكد ان العنف موجود بالفعل منذ اللحظة الأولى للانقلاب، ويمارسه طرف واحد فقط، هو قوات الانقلاب بشرطتها وجيشها، لافتا الى ان البداية كانت مع الاختطاف المسلح لرئيس الجمهورية المنتخب من مكتبه أثناء تأدية مهام عمله، مرورا بالمجازر التي شهدتها مصر في الحرس الجمهوري والمنصة ورابعة والنهضة ورمسيس والمنصورة والإسكندرية وقائمة المذابح تطول. واضاف عبد العزيز أما ما يقوم به المتظاهرون السلميون من حرق سيارات الشرطة ومدرعاتها فيدخل في إطار دفع الأذى لا أكثر. ومن الوارد إذا استمرت سلطة الانقلاب في بطشها بالمتظاهرين السلميين أن يخرج بعض الشباب عن هذا الإطار السلمي في المقاومة، محملا سلطة الانقلاب المسئولية الكاملة عن أي عمل يقوم به هؤلاء الشباب. ويري "حازم محسن سليمان" -الباحث السياسى والقيادى فى حزب الوسط - أنه لا يمكننا الحكم علي أي فعل من خلال الرؤية السياسية فقط؛ موضحا ان السلمية والعنف أفعال قيمية في الأساس، وما نشهده حاليا ليس أكثر من ردات فعل بسيطة لا تعتدي علي أحد، ولا تسيل دما، فهي ليست إلا في إطار محدود للدفاع عن النفس، وقال أن هذا الإطار للدفاع عن النفس قد يتصاعد للدفاع عن الأعراض في مواجهة اعتداء قوات الانقلاب علي الحرائر، وتعديها كافة الخطوط الحمراء. مؤكدا أن هذا النمط من الاعتداء أصبح وتيرة ومنهجا ووصل للاعتداء علي النساء في منازلهن. ومع ذلك تبقي ردات الفعل في إطارها المدافع عن النفس وليست آليات عدوانية في ذاتها، واضاف سليمان ان قوات الانقلاب تحاول أن تجر مؤيدي الشرعية للعنف بكل وسيلة، وتعتدي عليهم بكل طريقة وآلية، لكن مؤيدي الشرعية هنا ليس مطلوبا منهم سوي رد العنف وفقا للمنطلقات القيمية التي تحكمهم، للحفاظ علي النفس والعرض بالسبل المتاحة وهم في ذلك لا يخرجون عن القواعد السلمية. واكد أن العنف ليس هو الخيار الصائب، وإنما هو الخيار الذي يريد الانقلاب أن يجر إليه الشعب، وهي نفسها الخطة التي فعلها نظام مبارك من قبل، حيث تم استدراج الجماعات الإسلامية إلي الدخول في العنف الذي لا تتحمله هي. في حين أن كتابات الكثيرين منهم أيمن الظواهري نفسه كانت تبتعد عن فكرة الدخول في معارك مسلحة مع الدولة. وخلص سليمان الى القول بعد الكثير من تلك التجارب تبيّن للجميع أن الصراع مع الأنظمة الفاسدة- أو الانقلابية- لا تتم بالعراك المسلح، لكن في الوقت نفسه رفض العراك المسلح لا يعني الخضوع التام، أو ترك الانقلاب يعيث فسادا في الحرمات والأعراض. مؤكدا ان الانقلاب يتمني بل ويشجع انفلات الشباب وخروجهم عن السلمية، وهو ما لا يصح أن يناله أبدا. ويرصد د.-"أسامة الأشقر"-المفكر والكاتب- تطور الأمور بسرعة نحو مشهد أكثر تأزما بسبب إصرار الانقلاب على المدخل الأمني لتفكيك الأزمة وإغلاق جميع المداخل السياسية للحل، لافتا الى ان حكومة الانقلاب استفزت مجموعات شبابية غاضبة أصلا مما جعلها تتوجه نحو ما تراه حقا لها في معاقبة الانقلاب والدفاع عن نفسها ضمن تكتيك احتجاجي يسمى "الدفاع الموضعي عن النفس" دون السماح بتطوره خارج دائرة الحدث المباشر، وقال هذه الطريقة قد تتجه إلى مستوى أعلى مع ارتفاع منسوب عنف السلطة، قد يصل إلى الانتقام المباشر ممن يقتنع الشارع أنه من أسباب التعذيب أو الاعتقال أو القتل أو الإدانة. ويضيف –الأشقر- هذا التكتيك الاحتجاجي الموضعي فى مشهده الراهن لا يخرج المعارضة عن حدود السلمية بل ربما كان تحذيرا من تجاوزات غير محسوبة قد تدفع أقلية شبابية غاضبة وحانقة إلى اعتبار نفسها صاحبة حق في تأمين المتظاهرين وحمايتهم من البلطجة المنظمة التي ترعاها الدولة، وحذر من ان هذا خطر كبير يجب استدراكه بسرعة؛ لأن استخدام المعارضة لأدوات السلطة يضعف حضورها ويقلل شعبيتها ويتسبب فى موجة إدانة داخلية وخارجية لها مما يجعلها تخسر مربع المظلومية ويقرنها بالسلطة في استخدام العنف دون النظر للبدايات والأسباب. ويخلص الأشقر إلي أن هذا المشهد الذي يستخدم حرق مركبات أو أقسام الشرطة يفسر في إطار الدفاع الشرعي ولكنه لا يصح أن يزيد عن هذا لئلا يستدرج مؤيدو الشرعية لدوامة العنف، وله أن يظل إنتاج لحظة وموقف لا يصح تخطيهما. ويقول "ياسر زيادة"-الباحث فى العلوم السياسية- أن مفهوم السلمية قد يفهمه البعض بصورة خاطئة بأنه يعنى الاستسلام والبقاء دون أى دفاعات ضد العدوان والقتل معربا عن اسفه لان الانقلابيين فهموا السلمية هكذا؛ حيث اختبروا رافضى الانقلاب فى أكثر من مجزرة ولم يجدوا إلا حجارة تلقى عليهم، فاستمروا فى غيهم وضلالهم وارتكبوا المجزرة تلو الآخرى حتى وصل الحال إلى تعريف جديد للسلمية ويعنى "كل ما دون الرصاص" فى مواجهة آلة القتل والترويع للأمنين؛ أي أنه يمكن لرافضى الانقلاب مقاومته بكل السبل ما عدا الرصاص والقتل. وحول ردود الفعل المتوقعة من الانقلاب علي ذلك التصعيد لمفهوم السلمية، يضيف-زيادة- أننا نتعامل مع عصابة إجرامية، فهم يتهمون رافضى الانقلاب بالعنف والإرهاب قبل فكرة حرق مركباتهم، فما الجديد الذى سيتهمونهم به، واشار الى ان الانقلاب يجب أن يدرك أن رافضى الانقلاب فى ثورة عليهم وليس فقط مجرد رفض، والثورة لها آلياتها المختلفة من التصعيد التى تبدأ بالمركبات وصولا لحصار مؤسسات الدولة وشلها عن العمل تماما والاعتصام فى ميادين رئيسية، ومحاكمة كل من شارك فى الانقلاب وقادته. واوضح -زيادة- أن من يتحدث عن العنف، عليه أن يعرف أن العنف قائم من جانب قوات الانقلاب ضد الثوار من لحظة الانقلاب الأولي حتى الآن، وما يفعله الثوار مؤخرا من تصعيد ليس بعنف على الإطلاق، لافتا الى ان العنف يكون موجها ضد العنصر البشرى وهو ما لم يفعله الثوار حتى الآن. وحول أفكار "حروب اللاعنف" يقول أنها تختلف من دولة لأخرى ومن زمن لآخر وفق تجربة وخصوصية كل دولة سواء ظروفها الداخلية أومحيطها الإقليمى والدولى؛ مشيرا الى ان مصر تختلف عن أى دولة فى العالم فى تجربتها نظرا لظروف داخلية تقول أننا نواجه عصابة تحكمت فى البلاد فترة طويلة من الزمن جعلتها تسيطر وتحتكر عناصر القوة والنفوذ والثروة والإعلام، بشكل كان معه استئصالهم صعب جدا لأنه من غير المنظور مدى هذه القوة التى يمتلكونها، واشار الى ان جزءا من الشعب تشكلت ثقافته وقيمه من خلال أباطرة الفساد والانحلال فى البلد ممن ارتبطوا دوما بالسلطة على اختلاف أنظمتها، وفى المحيط الإقليمى والدولى الكل يرى فى مصر قائدة للمنطقة مهما خفت صوتها وتراجع دورها؛ وعليه يواجه رافضو الانقلاب كل هذه القوى الداخلية والخارجية وعينهم على الحفاظ على مصر متماسكة موحدة بشكل يساعد فى النهوض بالبلد فى فترة ما بعد سقوط الانقلاب؛ معتبرا ان تطوير أدوات "سلمية" بمفهوم جديد لا يعنى الاستسلام، ولكنه في الوقت نفسه يعنى الدفاع الشرعى عن النفس بكل السبل ما دون القتل.