يد الله تعمل فى الخفاء تمهد لدينه وتغرس لدعوته وتنصر أوليائه وترفع رايته فيمهد جل وعلا لأمر عظيم يسبب له الأسباب ويمهد له الطريق ويمايز له الصفوف لتتحول المحن إلى منح وهبات وفرص لقطع المسافات الطوال فى أقل الأوقات. كم كنا سنبذل من الوقت والجهد والمعاناة والمشقة والمال لدحر الشبهات التى تراكمت علينا من كل حدب وصوب من كل فاسد عميل على مدار تاريخنا. وأثبتت الأحداث صدق دعوتنا ومنهجنا وعقيدتنا واجتهاد علمائنا وحركة إخواننا وأهمية تنظيمنا. فقد سقطت التهم والافتراءات والأكاذيب والإشاعات والشبهات التى عانينا منها سنوات طوال والتى روجها أهل الظلم والطغيان. فكثيرا ما اتُهمنا بأن فى عقيدتنا دخنا وغبشا، وأننا مبتدعة وتجار دين ونتحالف مع غير الإسلاميين وموقفنا من النصارى ليس فيه ولاء وبراء وعمل المرأة ومشاركتها السياسية لا يجوز والانتخابات حرام والمجالس النيابية كفر، تشرّع بغير ما أنزل الله وإننا متساهلون ومترخصون و... و... و... وخاضوا وأكلوا وشربوا فى أعراضنا ودمائنا ونياتنا وتاريخنا وجهادنا وعلمائنا وقيادتنا وشهدائنا، ثم تمر الأيام والأحداث ويكشف الله الستر عن الحقائق الغائبة بفعل فاعل وتآمر وتنسيق بين الجهات الأمنية وعملائها فلا الانتخابات كانت حراما ولا المظاهرات بدعة ولا الديمقراطية كفرا بواحا ولا المجالس النيابية رجسا من عمل الشيطان ولا الأحزاب تفريق للمؤمنين. ظهر جليا من هو سليم العقيدة صحيح العبادة مجاهدا لنفسه نافعا لغيره متين الخلق مثقف الفكر. كشف الله من يحمى التوحيد الخالص ويوحد كلمة الصف المسلم ممن يفرق شمل المسلمين الأوفياء. من يجمع دعاة الإسلام من كل الاتجاهات ومن يضع يده فى يد الصوفية وعلماء السلطان والمرتزقة. من صاحب العقيدة الواضحة المعلنة ومن صاحب العقيدة السرية المتلونة. من يترضى على الصحابة ويدعم سوريا ضد الشيعة ومن يستخدم تقية الشيعة كذبا وتضليلا وتحريفا. من الإسلامى بحق ممن هو علمانى يسعى لأى مكسب مع أى أحد فى أى وقت. من الذى يرشح مرشحا إسلاميا ممن يرشح آخر نصف إسلامى ونصف علمانى! من الذى يريد تطبيق الشريعة ممن يناصر قتلة الانقلاب وأهل الفسق والفن والفجور والانحلال؟ من الذى يحرم تهنئة النصارى ثم يتعاون ويتحالف ويخطط ويدبر ويلتقى وينسق ويتواطئ معهم لعزل حاكم مسلم! من الذى يقيم الدنيا ولا يقعدها لتفاهات وترهات ويختلق قضايا وهمية ومعارك جانبية ثم إذا جد الجد يتنازل عن الشريعة والشرعية ويتنازل ويتنازل حتى يأتى الشىء وعكسه فى تناقض غريب! من يعمل لصد الحرب على الإسلام ممن يتحالف مع أعداء الإسلام! من الذى يحافظ على ولى الأمر ومن الذى يخرج عليه ويتفق على إخراج المظاهرات ضدده قبل أن ينجح أصلا فى الانتخابات! ألم تكشف الأحداث بعض الإسلاميين وما هم بإسلاميين بل ضعاف النفوس والتربية ضعاف التضحيات. ألم تكشف الأحداث من يوالى الله ورسوله والمؤمنين ممن يحاد الله ورسوله وإن زعم أنه داعية؟ ألم تكشف الأحداث ميلاد حزب أمنجى انقلابى علمانى انتهازى قاتل غبى كاذب هلامى سرابى هش ضعيف فلا قيم ولا أخلاق ولا مبادئ ولا ثوابت ولا أسس؟! ألم تكشف الأحداث من الذى اختار أن يكون خائنا بدلا من أن يلبس فى الحائط إذا وقف مع الحق؟! كم كان من الوقت والجهد مطلوبا لتوحيد السواد الأعظم للإسلاميين على قلب رجل واحد ولقضية واحدة؟ كم كان من الوقت والجهد مطلوبا لتمايز الصف الإسلامى لينفى خبثه ويظهر على حقيقته وثوابته؟ كم كان من الوقت والجهد والمال مطلوبا لكشف الفساد بصورة علنية واضحة للجميع فى كل المجالات؟ كم كنا سنخسر من الوقت والجهد والمشقة لنجمع حولنا الشرفاء والمخلصين والوطنيين من كل الاتجاهات حتى أصبحت كلمة إخوانى تهمة كل شريف وطنى صادق؟! ألم تكشف الأحداث عن صف وطنى قوى مضحٍّ لبناء هذا الوطن بكل ما أوتى من قوة وعلم وخبرة بتجرد تام من كل نفعية؟ ألم تكشف الأحداث عن معادن بيوتنا وأبنائنا وشبابنا ونسائنا ومدى عظمة وقيمة وأهمية التربية الإخوانية المتكاملة الشاملة العميقة المتجزرة فى النفوس بعيدا عن السطحية والميوعة؟ ألم تكشف الأحداث عن صف سلفى كبير مناهض للانقلاب ومحب للحق والحرية يحبنا ويحترمنا ويتعاون معنا ويضحى لدينه وقيمه ووطنه، وأصبح عضدا لنا ولسانا مدافعا عنا؟ وفصيل إسلامى واسع جدا يحترم القانون والدستور والقواعد المتفق عليها فى العملية السياسة. سلمى إلى أقصى درجة نابذ للعنف والإرهاب بشتى صوره وأشكاله وأن قناعته السياسية ومراجعاته الفقهية السابقة حقيقية وصادقة وثابتة رغم شدة المواجهة وضراوتها؟ ألم تكشف الأحداث عن مناضلين ووطنيين ومواطنين شرفاء وثوريين فلوليين وعبيد بيادة وعبيد مناصب ومصالح وشعارات جوفاء كنا نظن فيهم الخير وهم من المعوقين الذين يتسللون لواذا؟! ألم تكشف الأحداث عن حقيقة كلمة الإمام البنا رحمه الله "كم منا وليس فينا وكم فينا وليس منا"؟ ألم تكشف الأحداث عن قيادتنا الثابتة فى المقدمة مهما كانت التضحيات فلا تنازل ولا هروب ولا نكثان ولا تفريط فى المبادئ ولا صفقات مع العسكر ولا الفلول ولا الفسدة ولا النصارى ولا الرأسماليين ولا الإرهابيين ولا البلطجية ولا العلمانيين ولا مع شذاذ الآفاق ولا النفعيين ولا الانقلابيين ولا مع مخابرات أمريكا ولا إيران ولا إسرائيل ولا تعطى الدنية فى دينها ولا وطنها فالمواقف واضحة ومعلنة؟ إنهم أناس العفة سمتهم والبذل والتضحية طريقهم باعوا أنفسهم لله والله اشترى "إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ". نعم الكلفة والضريبة المقدمة كبيرة وغالية وعزيزة، ولكنها إرادة الله باصطفاء الشهداء ليكونوا عنوان المرحلة ونبراسا على الطريق نورا ونارا ومشاعل للإيمان (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا). ألم تكشف لنا الأحداث أن التعلق بغير الله مذلة؟ وأنه ما بين خلع ثوب الذل وارتداء ثوب الحرية تظهر عورات الكثيرين؟ وأن الله تعالى يطوى لنا الأرض طيّا ويختصر لنا الزمان اختصارا؟