الحرية، الديقراطية، العلمانية والليبرالية والسلفية وكثير من المصطلحات التي ترددت في الفترة الأخيرة دون أن يعي الأغلبية معناها الحقيقي، قبل أن ينضم إليها شعار جديد يدعى "اللعب النظيف". أثار الهدف الثاني للأهلي في مرمى الزمالك جدلا كبيرا في جميع أقطار الوطن بسبب اعتراض حسام حسن المدير الفني للفريق الأبيض عليه بحجة عدم إتباع لاعبي المنافس لقواعد اللعب النظيف. ولكن عن أي لعب نظيف نتحدث؟؟ هل يعرف أحدا معنى الجملة أو تعريفها أو القواعد التي تحدد استخدامها بدلا من زيادة الاحتقان في المدرجات دون مسؤولية؟ في البداية على الجميع أن يفهم أن "اللعب النظيف" هو شعار تبناه الاتحاد الدولي لكرة القدم للقيام بواجبه في تنمية المجتمع وليس قانونا ضمن قواعد اللعبة. فالتعريف الصريح للشعار هو "محاولة للاستفادة القصوى من روح الرياضة في احترام جميع العناصر من لاعبين ومدربين وحكام وجماهير لبعضهم البعض". وقد حاولت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) تفسير التعريف وإيضاح ما يخالف اللعب النظيف فأكدت أنه "استخدام بعض الخطط أو الاستفزازت لتحقيق مكاسب غير نزيهة للتحايل على قانون اللعبة". وحددت الإذاعة البريطانية مثالين للعب غير النظيف في كرة القدم هما التمثيل "الغطس" للحصول على مخالفات على المنافس، إدعاء التعرض للضرب أو الإصابة لإضاعة الوقت أو توريط المنافس في بطاقات ملونة. (اضغط هنا لإطلاع على التفسير). لذا فدعونا نعود للقطة القمة المصرية، فهي كانت إخراج للكرة من عاشور الأدهم لاعب الزمالك إلى رمية تماس تلاها سقوط على الأرض "للإصابة"، ولكن الحكم الهولندي طالب اللاعب بالنهوض وأمر باستئناف اللعب لتتواصل الهجمة حتى سجلت تعادل الأهلي. يركض حسام حسن نحو نظيره في الأهلي مانويل جوزيه ويجذبه من قميصه بغضب لتشتعل الخلافات بين اللاعبين، قبل أن يخرج "العميد" في المؤتمر الصحفي ليهاجم الفريق الأحمر على عدم اللعب النظيف. وهنا علينا أن نتوقف عند نقطتين. الأولى: هي من يتحكم في استئناف اللعب من عدمه؟ وهو ما يحكمه القانون الأساسي لكرة القدم بنص صريح وواضح. فقانون كرة القدم ينص على أن حكم اللقاء هو المسؤول الأول عن إيقاف المباراة أو استئنافها حتى في حالة سقوط لاعب أو أكثر على الأرض للإصابة. (الصورة بالمقال). والثانية هي اللعب النظيف الذي تحدث عنه المدير الفني للزمالك، فمن تعريف بي بي سي يتضح أن سلوك لاعبي الأهلي لم يكن يخالف روح الرياضة بل على العكس قد يكون ما فعله الأدهم هو ما يخالفه (في حال إدعاءه للإصابة).
قانون الفيفا أعلم أنه سيطرأ إلى أذهانكم سؤال، إذا فلماذا يخرج اللاعبون في معظم بلدان العالم الكرة من الملعب فور رؤيتهم للاعب المنافس ساقط على الأرض؟ ما لا يعلمه الكثيرون أيضا أن هذه عادة موروثة على مدار السنوات وتتم حسب ظروف المباراة وفي حالة عدم رؤية الحكم للاعب المصاب ولكنها ليست قاعدة يتوجب على الجميع اتباعها. والدليل هو البيان الذي أصدره الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) يطالب فيه جميع اللاعبين بعدم إخراج الكرة خارج الملعب حتى ولو كان المنافس مصابا. وجاء نص البيان الذي أصدر عام 2007 عقب مؤتمر الهيئة العليا مع الحكام كما يلي "للحكم الحق الأول والأخير في إيقاف اللعب إذا رأى أن الأمر يتطلب ذلك". وأضاف "الفريق الذي سيخرج الكرة لعلاج أحد المنافسين لا يجب عليه أن ينتظر أن يرد الفريق الآخر الكرة له لأنه من فرط في حقه في استئناف اللعب". (اضغط هنا لقراءة البيان). ولكن دعونا نفترض جدلا أن لاعبي الأهلي أخطأوا "أخلاقيا" في عدم إخراج الكرة خارج الملعب (وهذا غير صحيح)، فهل الرد يكون بتعدي مدير فني على نظيره أو الاشتباك بين اللاعبين. هل من المسؤولية أن نجازف بأمن هذه البلاد وزيادة الشحن والتعصب وتهييج الجماهير في مثل هذه الأوضاع الأمنية الخطيرة التي تمر بنا بل وتحت حجة الروح الرياضية؟ هل نواجه الخطأ بما هو أبشع وأسوأ منه؟ هل هذه هي الروح الرياضية التي تحدث عنها العميد وهو لا يعرف معناها أو يمتلك أقل مبادئها وهو تقبل الهزيمة؟ للأسف ما شاهدناه في استاد القاهرة مساء الأربعاء كان مؤسفا وكاد يتحول إلى كارثة مروعة بسبب تصرف "أهوج" معتاد من شخص من المفترض أنه مسؤول. فتبا لكرة القدم إذا كنا لن نستغلها في زيادة الاحترام (كما ينص تعريف اللعب النظيف) ونخرج منها أكثر تعصبا وحنقا وجهلا. ملحوظة أخيرة: لجميع من يناقشوا أسباب التعصب في المدرجات في برامجهم، قارنوا حجم السباب المتبادل واللافتات المسيئة في مباريات الأهلي والزمالك منذ تولي التوأم المسؤولية وما قبلها .. لعلكم تفهمون.