مجموعة من الشباب والفتيات لا تتجاوز أعمارهم ال20 عاما يتراقصون في استاد القاهرة بحجة تشجيع المنتخب المصري قبل أن تسأل إحداهن زملاءها بعد مرور 10 دقائق من المباراة "هيه مصر بتلاعب مين?". هكذا كان شكل الجماهير المصرية في مباريات مصر في كأس العالم للشباب المقامة حاليا على ملاعبنا، مجموعات كبيرة من المراهقين لا يعلمون شيئا عن كرة القدم حضروا فقط من أجل "الفسحة" والتقاط بعض الصور التذكارية لوضعها على "الفيس بوك". ورغم إعجاب العديد بمنظر المدرجات المليئة بالفتيات يرتدين ألوان العلم المصري، إلا أنني أرى أنهم كانوا أحد أسباب خسارة المنتخب المصري وتوديعه للبطولة بجانب العديد من الأخطاء الفنية للفريق ذاته. فجماهير "النايتي" التي لا تفقه شيئا في كرة القدم لا تعلم ما هو دورها الحقيقي في المدرجات، ويحضرون فقط من أجل التطبيل والرقص عند الهدف، والصفير والاستهجان عند التأخر في النتيجة. فلم أتعجب كثيرا عندما فشل المنتخب المصري في تعديل النتيجة أمام كوستاريكا في ظل الاستعجال الغريب الذي ساد أداء اللاعبين بسبب صيحات الجماهير مع كل هجمة مرتدة مصرية أدت إلى العديد من التمريرات الخاطئة في ثلث الملعب الأخير. والغريب في الأمر أن الجماهير التي وصفها البعض ب"المتحضرة" ارتكبت أخطاء فادحة كادت أن تلغي المباراة بعدما وجهت أشعة الليزر على وجه الحارس الكوستاريكي في أكثر من مناسبة، مما دفع المذيع الداخلي بترجي الجماهير للتوقف خوفا على صورة مصر الحضارية.
لا أعتقد أن الجماهير المصرية بالشكل الذي ظهرت به في كأس العالم للشباب قادرة على تحريك ولو شعرة في رأس لاعبي الجزائر، أو حتى تشجيع اللاعبين المصريين. ورغم أن المدرجات لم تشهد حضور مجموعات جماهير "الألتراس" التي هاجمها البعض بحجة تسببهم في الشغب داخل المدرجات، إلا أن الجماهير "المحترمة" ألقت بزجاجات المياه على اللاعبين عقب المباراة في مشهد من أسوأ ما يكون للكرة المصرية. ويرجع الأمر إلى أن الجماهير المصرية بشكل عام تفتقد بشدة لثقافة التشجيع داخل المدرجات، فالعديد منهم يعتقد أن الاستاد هو مجرد كرنفال للملابس والتقاليع، ولا يعلم أن المدرج مكان لصيحات الرجال. فجماهير الكرة هي أحد الأضلاع الأساسية للعبة بجانب اللاعبين والمدربين والحكام، إلا أننا في مصر نتعامل معها على كونها عنصر تكميلي للأمر، ولا نهتم بتوجيههم وتعليمهم مما يخرج أداءهم باهتا كأي لاعب أو حكم لم يُعد جيدا. بل واكتفت وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة بمهاجمة بعضهم وتحريض الأمن عليهم، بدلا من احتواءهم ودعمهم لدعم المنتخبات المصرية في الأوقات الصعبة كما يدعمون فرقهم. فالمنتخب الأول مقبل على مواجهة حاسمة إن شاء الله أمام الجزائر على استاد القاهرة، ولا أعتقد أن الجماهير المصرية بالشكل الذي ظهرت به في كأس العالم للشباب قادرة على تحريك ولو شعرة في رأس لاعبي الجزائر، أو حتى تشجيع اللاعبين المصريين. وأتمنى أن تكتفي جماهير "النايتي" بمشاهدة تلك المباراة في التليفزيون "إن أرادوا" وترك أمر التشجيع للرجال خاصة أن الأمر لا يحتمل ليزر طائش أو زجاجة في رأس سعدان، ولنا في زيمبابوي عبرة. ملحوظة أخيرة: شباب المتطوعين في اللجنة المنظمة للبطولة فخر لمصر، ذوق وتعليم وأدب وتنظيم، أتمنى أن يستمر الاعتماد عليهم في تنظيم كافة الأحداث الرياضية بدلا من "عصا" الأمن المركزي الطائشة.