كان «حسين السيد» واحدا من شعراء الهدير الثورى الذى تفجّر فى مصر فى منتصف القرن الماضى .. عاصر الملك فاروق وثورة عبد الناصر .. فاندمج مع جموع الشعب المصرى الذى وجد فى عبد الناصر بطله وزعيمه ومخلصه.. كتب عددا كبيرا من أغنيات الثورة.. وأغنيات «حب الزعيم».. كتب «صوت الجماهير» .. وكتب «حبيب الشعب» تلك التى وضع فيها حب جمال عبد الناصر بعد حب الله تعالى ورسوله الكريم!! والله وعرفنا الحب .. والحب .. ف بلدنا اتعملناه والله من يوم ما صادفنا القلب.. والقلب .. أكبر قلب عرفناه والله كان هو حبيب الشعب .. والشعب .. شاف ليلة قدره معاه وبأرواحنا عاهدناه.. وبحياتنا ناصرناه أكتر من دا حب مافيش غير حب الله.. وحبيب الله.. كتب حسين السيد وكتب آخرون فى حب عبد الناصر وكان من بينهم أحمد شفيق كامل الذى قال لى .. طوال عصر السادات كنت أحاول الاختفاء .. حتى لا يتذكر أغنياتى لعبد الناصر، ويأمر بتكليفى بأن أكتب له بعض الأغنيات ، بينما كان ما كتبته لعبد الناصر بتكليف من مشاعرى وفكرى وحبى له!! كان هذا موقف أحمد شفيق كامل.. الذى لم يكن معجباً بأنور السادات.. أما حسين السيد فكان له شأن آخر.. لقد كان يحب السادات، وكان معجبا بقرارته فكتب عنه ملاحم شعرية أذاعها التليفزيون بصوت وصورة حسين السيد.. ونظرا لأن «الجماهير» كانت قريبة العهد بكل ما كتب عن جمال عبدالناصر.. وكانت مشاعر هذه الجماهير مازالت فى اتجاه هذا الزعيم الأسطورى.. فقد نظر الكثيرون منهم نظرة اتهام إلى حسين السيد وبرغم حبى واحترامى الكبير لعبدالناصر.. لم أستطع أن أشارك الآخرين نظرة الاتهام لحسين السيد.. ذلك أن قيمته كشاعر كبير كانت تطغى - عندى - على موقفه السياسى.. وكان علىّ أن أتعلم ألا أكتب أغنية لرئيس أيّا كانت أهميته وأيا كان دوره الوطنى، الكتابة للوطن هى الأبقى والأخلد.. والأبعد كذلك عن خلافات الآراء السياسية.. وعلى قدر عشقى لكل ما كتب حسين السيد من روائع فى جميع الاتجاهات والأغراض الشعرية، فإننى أنصحكم بالعودة إلى رائعته الأكثر خلودا.. والتى وصل فيها إلى قمة تألقه الشعرى.. والتى لحنها وغناها رياض السنباطى.. ألا وهى أغنية «إله الكون» إله الكون سامحنى .. أنا حيران جلال الخوف يقربنى من الغفران وسحر الكون يشاور لى على الحرمان وأنا إنسان يا ربى.. أنا إنسان.. جمال بخيت
ابن ست الحبايب ووالد حبيبة أمها
كدت أبكى من فرط التأثر وأنا أستمع إلى تفاصيل العلاقة الجميلة بين الراحل العظيم حسين السيد وابنته «حامدة». كنت قد قرأت مقولة «أن البنت التى ينصرها أبوها لا تستطيع الدنيا أن تكسرها» ولأول مرة أجد هذه المقولة مجسدة أمامى فى رعشات صوت هذه السيدة التى جلست تحكى لى عن أبيها وكأنها تراه وتلمسه وتشم رائحته رغم رحيله منذ سبعة وعشرين عاما!! * أمورتى الحلوة عزيزى القارئ - فلنستمع سويا - إلى صوت حامدة وهى تروى لنا عن ملامح الإنسان حسين السيد.. التفاصيل البسيطة فى حياته.. المواقف الطريفة.. المشاعر العفوية تجاه أمه وأخوته وزوجته وأبنائه.. هذا هو ما سنعيشه خلال هذه الصفحات. لقد حملت لنا أوتار الملحنين وحناجر المطربين دلائل عبقرية حسين السيد الشعرية.. والتى عشنا معها أجمل اللحظات. والآن ينقل لنا صوت حامدة حسين السيد دلائل إنسانيته العميقة. * اجرى.. اجرى ولد أبى فى القاهرة وليس فى أسطنبول كما هو شائع.. فى الحقيقة جدتى حقا تركية ولكن أبى ولد فى القاهرة 15 مارس عام 1920 وعندما كبر عاش فى طنطا فترة قصيرة ثم نقل مرة أخرى إلى القاهرة ودخل إلى مدرسة الفرير.. وله أختان الأخت الكبيرة أمينة والصغرى هدى. ودخل أبى كلية التجارة، ولكنه لم يكمل بعد السنة الثانية لأن جدى توفى فى ذلك الوقت وكان يعمل مورداً للجيش، وقد تولى مكانه فاضطر لترك الكلية. وفى أحد الأيام سمع أبى أن هناك فيلما اسمه «يوم سعيد» وعبدالوهاب يبحث عن وجوه جديدة.. وبالفعل تقدم إلى المسابقة، وفى خلال استعداده للقيام بالامتحان سمع «عبدالوهاب» وهو يتحدث مع عبدالوارث عسر ويشرح له موقف الفيلم وأنه يحتاج لوضع أغنية فى هذا المشهد.. فجن جنون والدى وذهب للأستاذ «عبدالوارث عسر» وقال له «أنا أستطيع عمل هذه الأغنية». سخر منه الفنان عبدالوارث عسر وقال له: «أنتم شباب اليومين دول عايزين تعملوا كل حاجة.. عايز تمثل وكمان هتألف!! وإمتى هتجيبها بقى يا سيدى؟! فأجاب والدى غدا ستكون موجودة عندك. وذهب فى الموعد المحدد فى اليوم التالى واندهش عبدالوارث عسر عندما رآه وقال له «أنت تانى»!! فرد عليه أبى «طالما وعدت يجب أن أوفى». وقرأ عبدالوهاب الأغنية.. اجرى اجرى اجرى ودينى أوام وصلنى وانبهر من الأغنية ومن هذا اليوم ارتبط اسم عبدالوهاب بكلمات حسين السيد.. ووصل حسين السيد إلى أمنية حياته وهى وصول شعره إلى الأستاذ «محمد عبدالوهاب» وظل موازناً بين عمله وبين تأليفه للشعر إلى أن منعت الحكومة أن يورد أشخاص فرادى مؤن الجيش وتسبب ذلك فى خسارة كبيرة لأبى.. وجعله يعتمد بشكل كامل على تأليف الشعر، فتحولت من مجرد هواية إلى مهنة للتربح ورغم ذلك لم يتنازل يوما أو يكتب شيئا دون إحساس. * ست الحبايب تقول حامدة: كان أبى مرتبطا جدا بعائلته.. بارا بوالدته.. وعندما كتب أغنية ست الحبايب كان يلخص فيها مشاعره الحقيقية.. كان ابنا حنونا عطوفا لدرجة أن أمى كانت دائما تدعو لنا أن نحبها ونعاملها كما كان أبى يعامل جدتى.. وتدعو لى أن يحبنى إخوتى كما كان يحب إخوته. * أنتى مسافرة؟! تعرفه على أمى كانت قصة رومانسية جدا فقد كانت أمى مع عمتى فى المدرسة كما كانوا جيرانا ورآها وأعجب بها ونشأت بينهما علاقة حب قوية، تقدم لخطبتها وبعد عقد القران جاءت لها بعثة لإنجلترا لم يعترض جدى لأمى وكان شيخا أزهريا وانتظر الجميع رأى أبى الذى فاجأهم بموافقته على سفرها. وتشجيعه لها من خلال أبيات شعرية تقول: أنتى مسافرة ولأول مرة تغيبى عنى أنتى مسافرة ولأول مرة تروحى منى الدموع دى غالية عندى عايزة أشوفهم فى ابتسامة عايزة أشوفهم وأنت راجعة بالسلامة بكلمات بسيطة من القلب لتمس القلب ودعها على أمل اللقاء القريب مشجعاً لها ومؤازرا لأحلامها. * شكل تانى كان أجمل ما يفعله أبى رغم انشغاله الدائم هو وأمى فى عملهما أنه كان يجمعنا دائما على العشاء الساعة السابعة والنصف واللحظة التى كنت دائما أنتظرها يوميا لحظة وضعه المفتاح فى الباب.. ثم نجتمع جميعا على العشاء فكان عشاء مقدسا.. كان هذا هو نظام حياتنا طوال ثلاثين عاما.. وبعد العشاء يجمعنا على الأريكة نحن الثلاثة ويحتضننا ويروى لنا قصة تمثال خشب لرجل وأولاده بجانبه.. قصة مثل شهر زاد كل يوم قصة جديدة يحكى لنا عن هذا التمثال وأولاده.. وعن حياتهم ويغرس داخلنا كل يوم معنى جديدا ومبدأ مختلفا إلى أن تصرخ أمى «المذاكرة يلا كل واحد على مذاكرته». وتنادى على أسمائنا التى تبدأ بحرف الحاء حسام وحاكم وحامدة. * أمورتى الحلوة أما عن علاقتى بأبى فلقد كانت حقا علاقة رائعة بكل معنى الكلمة فلقد كان أبى.. وصديقى.. وحبيبى أيضا.. حتى إن كل الأغانى مثل أمورتى الحلوة.. حبيبة أمها.. كان يكتبها لى.. ويدللنى بكلماتها دائما: أمورتى الحلوة بقت طعمة ولها «سحر جديد» لها خفة روح لما بتضحك بتروح لبعيد كان بهذه الكلمات الرقيقة يصف مشاعره تجاهى.. فلقد كان شديد الرقة فى التعامل معى حتى إنه رآنى وكنت وقتها فى سن صغيرة وكنت أرتدى «جوب» قصيرة بعض الشىء.. كان يذهب لأمى ويقول لها «يا نعيمة روحى قولى لحامدة تطول الجيبة شوية دى قصيرة قوى». فتقول له أمى «ماتقول لها أنت» ولكنه لا يستطيع فكان يخاف جدا فى أن يتسبب لى فى أى ضيق أو زعل. كنت الوحيدة بين أخوتى التى آخذ إجازة يوم الأحد.. فكان يأخذنى ونخرج ونذهب إلى السينما.. ولكن رؤية الفيلم مع أبى لم تكن مجرد مشاهدة لفيلم ما.. بل كان يعلمنى كيفية مشاهدة الفيلم.. فكان يشرح لى معنى الإخراج والمونتاج.. هو أيضا كان يذهب ليتعلم من هذه الأفلام. كان أبى أيضا عاشقا للرحبانية «الإخوان رحبانى» وكان معجبا بطريقة عملهم فى التأليف الجماعى والتلحين.. * شكل تانى حبك أنت أما علاقته بأخواتى الأولاد فكانت علاقة صداقة من الدرجة الأولى.. فلم يكن يملك الهدف الذى يوصله لنا على قدر ما كان هدفه هو الصحبة وإسعادهم.. فمثلا يأتى لإخوتى أصدقاؤهم فيدخل ويجلس معهم ويضحك ويسألهم عن مخططاتهم ويتجاذب معهم أطراف الحديث. وذلك لأنه كان يترك التربية لأمى وكان يثق فى طريقتها وأسلوبها وكان يرى ذلك بنفسه.. فكان أبى يحبنا بطريقة مختلفة عن باقى الآباء حبه كان شكل تانى. أكثر ما تعلمته من أبى هو كيف أستطيع مدارة مشاكلى عمن حولى وخصوصا الأقربين حتى لا أتسبب فى إيلامهم وهذا فى نظرى منتهى الحب.. وأيضا كان أبى شديد الإسراف ولا يبخل علينا أو على أى أحد بأى شىء.. كما كان رجلا قريبا جدا لربه.. دائما ما يذكر الله ودائم الحمد على نعمه الكثيرة رغم المصاعب التى تقابله. * لأ مش أنا اللى أبكى وتكمل حامدة كلامها وتقول أيضا كان أبى يحول أى خناقة بينه وبين أمى إلى مادة للمزاح وينتهى الموضوع فورا. فمثلا فى مشادة ما كانت تقول له أمى «لأ يا حسين.. لأمش أنا اللى تقولى كده»! وتوقف أبى عن المناقشة وقال لها «لأمش أنا؟!!» «دى كلمة حلوة قوى يا نعيمة» ودخل ليكتب أغنية لا مش أنا اللى أبكى ولا أنا اللى أشكي لو جار علىَّ هواك وتقول حامدة إن هذه الأغنية تمثل قمة الحب مع قمة الكرامة وليس مثل هذه الأيام أن تحب وتصبح «دواسة» للحبيب. كان أبى خفيف الظل ويتمتع بروح دعابة عالية.. حتى إن هذا يظهر فى أغانيه.. ولذلك استطاع مثلا تأليف أغانى فوازير رمضان «لثلاثى أضواء المسرح» وتسع سنوات متتالية.. إلى أن جاءت نيللى بعد ذلك. * على مين يا سيد العارفين ومن الأغانى التى توضح خفة دمه.. أغنية «على مين» للفنانة «شريفة فاضل» تقول الأغنية: على مين على مين.. على مين يا سيد العارفين إن كنت جاى.. تغنى روح اسأل قبلة أنا مين ماتروحش تبيع المايه فى حارة السقايين * عاشق الروح وتقول حامدة إن أبى كان يدخل فى حالة من التقمص عند بداية تأليفه لأى أغنية فليس من الضرورى أن يكون قد مرّ بتجربة سابقة ولكنه كان يحس بمشاعر الغير.. فمثلا أغنية «عاشق الروح» لا تعبر عن أى مرحلة أو إحساس خاص به. ليه.. ليه.. ليه يا ليلى.. ليلى طال ليه.. ليه.. ليه يا عين.. دمعى سال ليه يناموا وأنت تصحى يا عيونى ليه.. ليه.. ضحيت هنايا فداك.. اشهد عليه يا ليل وهعيش على ذكراك.. اشهد عليه يا ليل فهنا يتقمص أبى شخصية الحبيب الذى يضحى بحبيبه من أجل سعادته.. * عايز جواباتك: كما أن أبى كان من أكثر الشعراء بل الوحيد الذى استطاع أبى أن يعبر عن مشاعر المرأة بكل تفاصيلها.. فمثلا: أغنية «عايز جواباتك..» هى أغنية تحكى عن سيدة تجمع جوابات حبيبها الذى تركها فسقط أحدها فبدأت تقرأه : أقراه.. الكلام الحلو اللى جريت سنين وراه.. كل ده.. حبر فى ورق.. النهارده.. هيتحرق.. وتعاتبه قائلة: القصور اللى كلامك كان بانيها واللى كل جواب فرش لى ركن فيها.. كل دا كان حب؟! ولا كنت بتسلى إيديك.. مش كتبته بقلب؟! ولا حد كان غاصب عليك * أهواك كان عبدالوهاب هو الفنان الوحيد الذى كان يأخذنا له لنزوره رغم أنه كان قليل الزيارات لأى فنان، فكان كل الفنانين يذهبون إليه فى مكتبه فى ميدان الأوبرا، وهى عيادة أخى «هشام» الآن. وكان أيضا عبدالوهاب يحب والدى ولطالما كان يقول عنه «حسين السيد له أذن تغنى وهو يكتب الكلمات للأغانى». مثل أغنية.. «أهواك» فكلماتها مقسمة بحد ذاتها.. أهواك.. وأتمنى لو أنساك.. وأنسى روحى وياك وإن ضاعت.. يبقى فداك.. لوتنسانى وأنساك.. وأتارينى بانسى جفاك وأشتاق لعذابى معاك.. أرجع تانى كما كان أبى وعبدالوهاب أول من أبدعا الدويتو فى «رصاصة فى القلب» فى أغنية «حكيم عيون» وبعد ذلك مع «شادية وعبدالحليم» فى «تعالى أقولك». * يا أبوضحكة جنان وتقول حامدة بدون تحيز أبى كان متنوعاً جدا فى أغانيه وفى كل الأنواع سواء كان رومانسيا، دينيا، ووطنياً أيضا.. والحقيقة أن أبى رغم تعامله البسيط مع باقى المغنين إلا أنه إذا عمل أغنية لفنان تصبح من أحلى أغانيه.. مثل فريد الأطرش.. فى أغنية يا أبوضحكة جنان - وأغنية ارحمنى وطمنى . * جبار أما عبدالحليم حافظ فكان جارا لنا فى عمارة السعوديين.. فكنا نراه دائما قبل أن ينتقل إلى الزمالك وكانت أخته علية وأخوه إسماعيل شبانة هم جيراننا بعد ذلك.. وكان أبى قد كتب له «جبار» فى فيلم «معبودة الجماهير» وقد سألوا عبدالحليم فى أحد البرامج عن هذه الأغنية.. فقال كنت أعلم أنها ستنجح وتعيش طويلا. * فاتت جنبنا وبعد جبار بفترة طويلة طلب الأستاذ محمد عبدالوهاب من أبى كتابة أغنية لعبدالحليم حافظ لحفلة وكان يريدها على نفس شاكلة «ساكن قصادى» لنجاة و«عايز جواباتك» لنجاح سلام.. أى أغنية على شكل قصة طويلة. وبالفعل كتب «فاتت جنبنا» ولكنه كان قد ألف نهايتها بتضحية عبدالحليم وترك الفتاة لصديقه. ودخلت على والدى وكان يضحك.. فسألته «فيه إيه» فقال لى «لسه قافل مع الأستاذ عبدالوهاب.. وبيقولى ده كلام يا حسين الدنيا عيد ده وعايزين نفرفش الناس وبعدين مين دى اللى تسيب عبدالحليم عشان صاحبه». وبالفعل غير أبى النهاية بسطرين وعندما كنا نشاهدها فى التليفزيون بعد التعديل ويصل عبدالحليم إلى مقطع جانى الرد جانى.. لقيتها بتستنانى وقالتلى أنا من الأول بضحكلك يا أسمرانى.. كان هتاف الجماهير يرج المسرح.. ولن أنسى أبداً ابتسامة أبى العريضة لسماعه هذا الهتاف وإعجاب الناس بالكلمات.. * على مهدى وتضيف حامدة: كان أبى يحب شاعرا توفى صغيرا جدا.. اسمه «على مهدى» كتب «لعبة الأيام» و«فوق الشوك» لعبدالحليم حافظ.. وأنا شخصيا أحس أنه قريب جدا لأبى، فله نفس اللمسة الراقية التى يتمتع بها أبى.. * ناصر كلنا بنحبك كان أبى أول من أطلق على جمال عبدالناصر اسم «ناصر» فى أغنية ناصر كلنا بنحبك.. ناصر وحنفضل جنبك. أما السادات فقد كان يحب أبى كثيرا ويعتبره بمثابة صديق شخصى له.. فكان يكلمه ويقول له تعالى يا حسين لنجلس مع بعض شوية.. كان يحبه جدا وأعطاه جائزة تكريم عام 1976. * دار يا دار.. دار يا دار..يادار.. يادار قوليلى يا دار.. راحو فين حبايب الدار فين فين.. قولى يا دار. وهكذا انتهت قصة حياة الشاعر المتنوع الفريد فى اختلاف أغانيه من حب إلى خيانة، ومن دينى إلى وطنى. انتهت فى سن مبكرة كما تقول حامدة عن عمر يناهز ال 63 عاما عام 1983 فى فبراير. وتقول للأسف أنا التى اكتشفت الوفاة، فقد توفى والدى فى مكتبه بالسكتة الدماغية وكان منتظرنى أنا وزوجى للمرور عليه لأنه كان قبل الوفاة بأيام يشتكى من مرارته.. ولكنه لم يكن بالشىء الخطير، فاقترح عليه يسرى زوجى أن يذهب معه إلى طبيب يعرفه وبالفعل كنا هناك فى الميعاد رغم أننى كنت متعبة جدا هذا اليوم لأننى كنت دعيت أهل زوجى للغداء ولم أكن أنوى الذهاب مع يسرى زوجى إلا أننى تراجعت عن ذلك ولا أعرف حتى الآن السبب وقلت لزوجى.. لا سأذهب معك. وذهبنا وظللنا نطرق الباب ولايرد علينا إلا صوت كوكو الببغاء الخاص بأبى والذى كان يقلد صوته وهو يقول «يا الله» وكلمات أخرى كثيرة.. ولكن كنت أعلم أن كوكو لا يتكلم إلا فى وجود بابا.. وظللنا نطرق الباب. وأصبت بحالة فزع رهيبة وأخذ زوجى فى محاولة تهدئتى ولكن دون جدوى، فمن المستحيل أن يذهب أبى فى أى مكان وهو يعلم أننى قادمة له.. فكسرنا الشراعة ووجدت أبى مغشيا عليه على الأرض وكسرنا الباب. وبعد يومين فى المستشفى.. ذهب عنا إلى الأبد.. وظللت فترة طويلة أنتظر سماع مفتاحه فى الباب ودخوله علينا الساعة السابعة ولكن لم يحدث.. وشكرت الله على ذلك لأن أبى لم يكن يحتمل أن يصاب بشلل أو شىء من هذا القبيل لأنه رجل بشخصيته وهيئته لم يكن ليحتمل ذلك.