«الجزارين عارفين الكلام ده».. نقيب الفلاحين: سعر كيلو اللحمة الحية لا يزيد عن 165 جنيهًا    معلق مباراة برشلونة وليفانتي في الدوري الإسباني    «جمارك القاهرة» تحبط محاولات تهريب عملات أثرية ومخدرات وزمرد وشهادات مزورة    جمهور ويجز يتوافد لحضور حفله في مهرجان العلمين الجديدة (صور)    قفزا في الترعة.. ضبط متهمين بسرقة الدراجات البخارية وتجارة المخدرات بسوهاج    بطولة وفداء.. عامل مزلقان للسكة الحديد ببني سويف ينقذ حياة شاب من الموت المحقق تحت قضبان قطار    ترامب: نفعل ما بوسعنا للإفراج عن الرهائن بغزة    اليوم الأول بدوري القسم الثاني.. تعادل كفر الزيات والسكة الحديد والإنتاج يحسمها بثنائية    السفير حسام زكي: التحركات الإسرائيلية في غزة مرفوضة وتعيدنا إلى ما قبل 2005    بالمجاميع.. مواعيد اختبارات الهيئة والقبول بمدارس التمريض في مطروح (تفاصيل)    تطور جديد في مستقبل دوناروما.. وكيله يظهر في مانشستر سيتي    رابطة الأندية تعلن تعديل مواعيد وملاعب 7 مباريات في الدوري    رضوى الشربيني تعلق على عودة حسام حبيب ل شيرين عبدالوهاب: «يا ألف خسارة»    منها الإقلاع عن التدخين.. 10 نصائح للحفاظ على صحة عينيك مع تقدمك فى العمر (تعرف عليها)    الخارجية الفلسطينية: استباحة الاحتلال والمستوطنين للضفة الغربية انتهاك صارخ وتكريس لمخططات التهويد والضم    ترامب يعلن موعد قرعة كأس العالم 2026 في أمريكا    ترامب: الوضع الراهن في غزة يجب أن ينتهي    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل    كندا تتراجع عن الرسوم الجمركية العقابية على السلع الأمريكية    ثورة جديدة بتطوير المناهج «2»    موعد إجازة المولد النبوي 2025 للقطاعين الحكومي والخاص (رسميًا)    رواية مختلقة.. وزارة الداخلية تكشف حقيقة تعدي شخص على جارته    الإيجار القديم والبكالوريا والأحزاب.. وزير الشؤون النيابية يوضح مواقف الحكومة    مدرب توتنهام: لا مكان لمن لا يريد ارتداء شعارنا    خسارة سيدات الطائرة أمام صاحب الأرض ببطولة العالم بتايلاند    الوادي الجديد تطلق منصة إلكترونية للترويج السياحي والحرف اليدوية    صراع الخير والشر في عرض مدينة الأحلام بالمهرجان الختامي لشرائح ونوادي مسرح الطفل    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    إسلام عفيفى يكتب: الصفقات المرفوضة وتحالفات الضرورة    لغة لا تساوى وزنها علفًا    «التنظيم والإدارة» يعلن توقف الامتحانات بمركز تقييم القدرات.. لهذا السبب    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    بعد مداهمة وكر التسول.. حملات مكثفة لغلق فتحات الكباري بالجيزة| صور    محمود فوزي: الحكومة جادة في تطبيق قانون الإيجار القديم وحماية الفئات الضعيفة    المجاعة تهدد نصف مليون في غزة.. كيف يضغط المجتمع الدولي على إسرائيل؟    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    حماس: تصريحات كاتس «اعتراف بجرم يرقى للتطهير العرقي»    نجاح عملية دقيقة لاستئصال ورم بالمخ وقاع الجمجمة بمستشفى العامرية العام بالإسكندرية    عميد طب القصر العيني يتابع جاهزية البنية التحتية استعدادًا لانطلاق العام الدراسي    لمرضى السكري - اعتاد على تناول زبدة الفول السوداني في هذا التوقيت    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    "درويش" يحقق قفزة كبيرة ويتخطى 20 مليون جنيه في 9 أيام    الكشف الطبى على 276 مريضا من أهالى قرى البنجر فى قافلة مجانية بالإسكندرية    بالأرقام.. الأمن الاقتصادي يضبط آلاف القضايا خلال 24 ساعة    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    وزير الثقافة يستقبل وفد الموهوبين ببرنامج «اكتشاف الأبطال» من قرى «حياة كريمة»    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    الاقتصاد المصرى يتعافى    الداخلية تكشف تفاصيل اقتحام منزل والتعدي على أسرة بالغربية    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مربى ماما فينجر
نشر في في الجول يوم 13 - 09 - 2009

هل تذكرون مذاق المربى التي اعتادت ماما صنعها؟ .. الطعم الشهي والرائحة الطازجة والفاكهة التي شاركنا بأنفسنا في تقطيعها.
على مدى سنوات عدة كنت أراقب ماما فينجر تنزل إلى سوق الفواكه والخضروات وتقضي ساعات طويلة لتنتقي ثمرات رخيصة وطازجة بعناية فائقة كأي ربة منزل متوسطة الحال لتساعد أبي في توفير النفقات.
كانت ماما فينجر تعاين أفضل الثمار وأكثرها لمعانا لكن هذا لم يكن كافيا لشرائها فالأهم من وجهة نظرها أن تتناسب الثمرة مع الطريقة التي تطهو بها المربي فتختلط الفاكهة مع الشربات بصورة شديدة السلاسة ولذلك كانت تبتسم في دهاء حينما تقع يديها على ثمرة يانعة تثق تماما إنها صالحة لإنتاج أفضل مربى في الكون.
بل وفي أغلب الظن لا يعرف البائع قيمة الثمرة التي بين يديه حتى لو كانت من النوع الهنري أو الفابريجاسي، فيبيعها قائلا "الحمد لله ها هو أحمق يقبل بشراء بضاعتي".
وفي منتصف التسعينات وحتى مطلع الألفية الجديدة لم يكن هناك من ينافس ماما سوى العم فيرجسون صاحب المتجر المجاور والذي يتعامل معه الجميع لرخص أسعاره وسياساته التسويقية والاستثمارية الذكية فهو يتفاوض مع باعة الثمار بالجملة، ولا يكتفي ببيع المربى فقط بل يبيع أكواب وقمصان تحمل صور منتجاته الرائجة.
ورغم ذلك كانت مربى فينجر هي الأشهى والأكثر جاذبية للجميع حتى ممن لا ينتمون إلى شارعنا فصنعت ماما أجود ما عندها موسم 2003-2004، وكادت تتوج بلقب أفضل طاهية في أوروبا عام 2006.

العم فيرجسون .. تاجر شاطر
لكن كما يقولون دوام الحال من المحال نزل الأمريكيون والروس إلى المدينة فوافق العم فيرجسون على بيع متجره إلى مستثمر أمريكي بشرط بقائه في منصب الطاهي الأساسي في المطبخ، كما اشتروا متجر العم بنيتيث في ليفربول، ومع مرور الوقت بدأت مربى ماما فينجر تفقد سمعتها.
مربى أرسنال الشهية والصحية قد تلاقي مصير جبن الخالة فالنسيا أو زيتون العمة موناكو أو حتى فطائر الجدة أياكس.
كلها منتجات أصيلة اعتدنا الاستمتاع بمذاقها لكن كتب عليها التوقف عن النشاط منذ أن افتتح أونكل "بيريز" متجره من طراز "الهايبر ماركت" في نهاية الحي المدريدي، ومنذ جاء الخال إبراموفيتش بأموال النفط بعد سنوات الشقاء في سيبيريا ليستثمرها في تجارة الفطائر الجاهزة، هذا بخلاف بيتزا موراتي وعجائن بيرلسكوني ومصنع لوتشيانو موجي العائد بعد سنوات من الغلق لمخالفة الاشتراطات الصحية.
ورغم المنافسة الشديدة التي تسببت في خروجها خاسرة كل موسم ودون ألقاب أصرت ماما فينجر على سياستها دون أن تدرك أن صناعة المنتج اليدوي الأصيل لا يمكنه الصمود أمام هدير المصانع وأصحاب الاستثمارات المالية الضخمة لا يقبلون بالخسارة.
ورغم أن بابا وأفراد الأسرة عرضوا عليها ضخ أموال لشراء ثمار جديدة ولامعة تعينها على مواجهة طوفان البضائع الذي أغرق الأسواق رفضت ماما فينجر لأن ببساطة متعتها الشديدة ليست في المربى ذاتها بل في عملية اختيارها وإعدادها ورؤيتها تهزم أنواع المربى الأخرى المنتجة في المصانع، إنه إحساس لا يفهمه سوى النساء فمهما كانت الواحدة منهم غنية فإن مبعث فخرها أمام صديقاتها أن تشتري بضاعة "لقطة" بسعر مذهل.
والمشكلة إن ماما فينجر لو وظفت القدرات المالية الموضوعة تحت يديها حتى رغم عدم وجود ضغط من إدارة البيت عليها بتطوير خط إنتاجها فستستطيع المنافسة والفوز، على الأقل بتوفير عمالة بديلة للعمالة المصابة كل موسم.

كانت الخسارة برباعية صدمة قاسية حتى إن غاب أرشافين يا ماما فينجر
لكن المؤسف أن المتاجر والمصانع الكبرى صارت تغري مساعدي ماما الشباب بتركها والانضمام إليهم ومن بينهم العامل ضخم الجثة أديبايور الذي رقت ماما لحاله وجاءت به من منفاه الفرنسي وزميله كولو توري الذي خدمنا منذ أيام الأسطى كامبل.. ومن قبل هؤلاء رحل البيلاروسي وكتيبة العمال الفرنسيين.
أخذت ماما تعدنا بالتحسن وقالت "صبرا قليلا .. لدي مجموعة من الشباب الصغار ممن أعلمهم حرفتي وسيزيد الإنتاج ويعم الخير والهناء"، وكنا نجوع طويلا لكن مشهدها عائدة من سوق الجوديسون بارك معقل إيفرتون بنصف دستة ثمار يثلج صدورنا ويسد رمقنا.
وفي يوم السبت الحزين خرجت ماما لتبيع مربتها الأصلية في ذات يوم افتتاح متجر مانشستر سيتي والذي اجتذب أديبايور وتوري وعشرات من العمال المهرة بفضل أموال صاحبه الخليجي فجاءت الصدمة.
"كانت الخسارة برباعية صدمة قاسية حتى إن غاب أرشافين يا ماما فينجر".
والمصيبة أن مصنع سيتي هو رابع مشروع عملاق في المدينة وهو ما يهدد بحرماننا من الظهور في المعرض الأوروبي للمنتجات والذي كان يعزينا في بعض الوقت.
عزيزتي ماما فينجر .. إن لم يتسم فكرك بالمرونة في الفترة المقبلة فإن كل ما أخشاه أن أذهب يوما إلى المعرض الأوروبي لأجد بضاعتك وقد اختفت وحل محلها أنواع غريبة ومختلفة الألوان والنكهات من المربات لا يجمعها كلها إلا عبارة "صنع في مانشستر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.