فى مثل هذا اليوم منذ أربعين عاما كنت أقف على شاطئ الدهشة. ماما: ذلك الكيان اللطيف الطيب، ينبغى أن أحتفل بها. شقيقتى تجيد تغليف الهدايا بورق ملون. و«ياسر» تسلق شجرة المانجو وانتقى ثمرة معطرة. و«أحمد» يجيد رسم القلوب النابضة بالمودة. أنا لا أجيد الرسم، ولا تسلق الأشجار، ولا تغليف الهدايا. لذلك وجدتنى فى مأزق. ماما: ذلك الكيان اللطيف الطيب، ينبغى أن أحتفل بها ................ كنت مفلساً، قليل الحيلة، لا أجيد تنظيف نفسى. وإذا ذاكرت دروسى وحدى فما أكثر (الكعك) والعلامات السيئة. كتبت المعلمة، وهى تولّينى ظهرها، بطباشير أبيض: اليوم عيد الأم، ينبغى أن تحتفل بأمك. تفتت الطباشير وتفتت قلبى كذلك. يا معلمى الموقر، أنت -من دون الجميع- تعرف قواعد اللغة العربية. وعيناك -خلف النظارة السميكة– تمتلئان بالحكمة ماما: ذلك الكيان اللطيف الطيب، ينبغى أن أحتفل بها قال الرجل وهو يرتجف هولا: أنا فى نفس المأزق. لا أجيد سوى منح العلامات السيئة، وضرب التلاميذ الأغبياء بالمسطرة. ضحكت وقلت: هذه فعلا لا تصلح هدية. عند منتصف الظهيرة تجمع كل رجال الحى يهتفون فى صوت واحد: ماما: ذلك الكيان اللطيف الطيب، ينبغى أن أحتفل بها .......... وكانت ثمة سيدة مقبلة، تعرف أفكار الأمهات وأسرارهن الخفية. سيدتى، يا حاملة البهجة، أخبرينا ماذا نفعل؟ ماما: ذلك الكيان اللطيف الطيب، ينبغى أن أحتفل بها قالت: «هل تعرفون أيها الأطفال الكبار أين كنتم قبل أن تجيئوا إلى هذا العالم؟ كنتم مختبئين فى دمى الطفولة، تلعب بكم ماما، تمشّط شعوركم. وحينما كان قلبها يتفتح فى ريعان الصبا، كانت تفكر بكم. أنت يا حبيب ماما، كنت حبيبها قبل أن تولد. حينما رأت أباك وجرت فى خفر، كانت تجرى إليك. وحينما ارتدت فستان الفرح، لفت «كافولتك» حول قلبها. وبينما كان بابا يفكر فى جمال عروسه، كانت ماما تفكر فيك أنت. اذهب إلى أمك، أيها الرجل الصغير، فى ثقة. امنحها هدية، أو لا تمنحها، فأنت يا حبيب ماما، أنت..أنت الهدية.