لا يمكن تفسير دوامة النتائج الهزيلة التي يحققها النادي الأهلي حاليا إلا بضعف منافسيه وعلى رأسهم الزمالك. وظاهرة فقدان النقاط التي يمر بها حامل لقب الدوري الممتاز خلال السنوات الأربع الماضية هي نتيجة طبيعية لما حدث خلال هذا المواسم. ففي المواسم الأربعة السابقة كان الأهلي ينتهي من مسابقته الإفريقية ثم يعود ليجمع نقاط مباريات الدوري بسهولة ويحسم اللقب قبل نهاية المسابقة بخمسة أسابيع على الأقل ولم يقل ما جمعه الفريق الأحمر في أي من المواسم السابقة عن 70 سبعين نقطة وهو ما لن يحققه هذا الموسم بعد التعادل مع الشرطة لأنه حتى لو فاز بكل مبارياته التسع الباقية في الدوري فسيصل إجمالي نقاطه إلى 69. بل وشهد الموسم الماضي حسم الأهلي للقب بفارق 17 نقطة عن الإسماعيلي، وفي عام 2006 حسم أنهى الأهلي المسابقة بفارق 14 نقطة عن الزمالك، وفي عام 2005 حسمها بفارق 31 نقطة عن إنبي، وحتى في موسم 2007 الذي انتهى بفارق ست نقاط فقط مع الزمالك كان الجهاز الفني للأهلي قد قرر إراحة لاعبيه الأساسيين قبل نهاية المسابقة بأسابيع عدة. هذه الأرقام المفزعة تكشف عن شيء واحد وهو غياب المنافسة في بطولة الدوري الممتاز والتي أصابت اللاعبين قبل الجمهور بالملل. وهذه العادة الأهلاوية الناتجة عن ترنح الزمالك خلال السنوات الأخيرة وتذبذب نتائج الإسماعيلي بالإضافة إلى تركيبة مسابقة الدوري الحالية التي لا تضم من أندية ذات جماهيرية حقيقية سوى أقل من نصف الفرق هي سبب مشكلة النادي الأحمر الحالية.
لاعبو الأهلي في مهمة روتينية لإنهاء إجراءات استلام الدرع هذه العادة تسببت في منح الثقة الكاملة لمانويل جوزيه مدرب الأهلي ليخرج علينا بتصريحه الشهير عن فوز الأهلي بالدوري بفارق 15 نقطة هذا الموسم، أما التصريح الذي لم يلق ذات الاهتمام من وسائل الإعلام فكان من المدرب العام حسام البدري الذي تحدث فيه عن نية الجهاز إراحة لاعبيه الكبار وخطط فترة الإعداد الصيفية قبل نهاية الموسم. وأزعم أن لاعبي الأهلي هذا الموسم أصيبوا بحالة استرخاء نفسي شديدة خصوصا بعد الفوز على الإسماعيلي على أرضه وهو آخر لقاء دخله اللاعبون وهم في حالة استنفار ذهني وبدني ضد المنافس الذين يعرفون قيمته جيدا أمام جماهيره لتبدأ بعدها حالة التراجع. ومع بداية الدور الثاني للدوري كان ولا يزال الزمالك غائبا وهو بحكم التاريخ المنافس الوحيد القادر على زعزعة ثقة الأهلي، كما تراجعت نتائج بتروجيت بغرابة، وحتى الإسماعيلي بدأ الدور الثاني بخسارة هزلية أمام إنبي بثلاثية، ناهيك عن وجود ثلاث نقاط "شبه مضمونة" للأهلي ممثلة في مباراته المؤجلة أمام الأوليمبي صاحب المركز الأخير، وهو سلاح قد ينفجر في وجه الأهلي خصوصا إذا لعب أمام فريق لا يملك شيئا ليخسره. وبالتالي تحولت مهمة لاعبي الأهلي إلى ما يشبه مأمورية روتينية لإنهاء إجراءات استلام الدرع، وبعد كل نقطة فقدها الفريق كان الجميع يعرف بثقة أن الدوري المضمون ليس لأن الفريق في أبهى حالاته لكن ببساطة لغياب المنافس وهو أمر كفيل بتراجع نتائج أي فريق يضم لاعبين مصريين يدفع العامل النفسي بهم إلى عنان السماء أو يدفنهم في سابع أرض. وبإضافة عامل غياب المنافسة إلى التناقض الشديد في تجهيز اللاعبين الأساسين في الفريق ونظرائهم على دكة البدلاء – وهي مشكلة مسئول عنها الجهاز الفني – تبدو أسباب مشكلة الأهلي واضحة أمام الجميع. وبعيدا عن الأهواء الحمراء أو البيضاء وخلافه، ما يحدث للأهلي حاليا في مصلحة مسابقة الدوري الممتاز والمنتخب الوطني الذي يواجه زامبيا بنهاية الشهر الجاري بإعادة المنافسة على القمة مجددا وحتى المرحلة الأخيرة من المسابقة. ويؤكد تراجع الأهلي أن بنهاية الموسم الجاري إما ستحتفل جماهيره بانتزاعها لقبا صعبا وانتصارا أطيب مذاقا بحكم تحققه بصعوبة، أو تحتفل جماهير أخرى بلقب تاريخي انتزعه فريقها بمثابرة وعزيمة لا تلين.