أثبت المنتخب الإيطالي أنه مرشح من العيار الثقيل للوصول إلى الأدوار النهائية للمونديال بفضل قدرات لاعبيه المميزين ، فيما كان التوفيق غائبا عن التشيكين - كالعادة - لتخسر البطولة واحد من أكثر منتخباتها قدرة على امتاعنا بالكرة الجميلة. بدأ المدرب الإيطالي مارتشيللو ليبي بتشكيل يعكس نواياه ورغباته في السيطرة أولا وقبل كل شيء على خط الوسط من خلال الاعتماد على ألبرتو جيلاردينو كمهاجم وحيد يأتي من خلفه فرانشيسكو توتي ، وفي الوسط ثلاثة لاعبين أصحاب مهارات دفاعية مميزة وقدرة على استخلاص الكرة وهم جينارو جاتوزو وأندريا بيرلو وماورو كامورانيزي. وجاءت تشكيلة ليبي لتواجه طريقه خصمه في لعبة الشطرنج كارل بروكنر الذي يعتمد دائما على أسلوب 4-5-1 للاستفادة من خط وسطه الرهيب بقيادة بافل نيدفيد وتوماس روزيسكي ومعتمدا على ميلان باروش في الهجوم. وللوهلة الأولى يشعر المشاهد أن ليبي كان يستطيع المخاطرة والدفع برأسي حربة كما فعل في مباراتي غانا والولايات المتحدة على اعتبار أنه يلعب على فرصتي الفوز أو التعادل ، ولكن المدرب ذي الشعر الأبيض راهن على قدرة فريقه على احتواء الخصم ، وهو ما تحقق بالفعل ، إذ نجح لاعبو الوسط والمدافعون في التعامل مع غارات التشيكيين. وبدت قوة دكة بدلاء إيطاليا عند إصابة أليساندرو نيستا ونزول ماركو ماتيراتزي المعروف الذي أثار وجوده قلق عشاق إيطاليا بسبب أخطائه الفادحة مع إنتر ميلان ، لكن الأخير أثبت أنه على قدر المسئولية فسجل الهدف الأول ببراعة وأبعد عدة تسديدات من المدفعية التشيكية طوال المباراة. والأهم أن الهدف نال من معنويات التشيكيين لأنهم مهمتهم في فتح الدفاع الإيطالي الصلب تضاعفت وصار مطلوبا منهم تسجيل هدفين وهو ما جعلهم أقل خطورة في أخر 20 دقيقة من الشوط الأول حتى جاءت النهاية العملية لأمالهم بطرد يان بولاك في الدقيقة 45 لتخسر التشيك المباراة فعليا.
وللوهلة الأولى يشعر المشاهد أن ليبي كان يستطيع المخاطرة والدفع برأسي حربة كما فعل في مباراتي غانا والولايات المتحدة على اعتبار أنه يلعب على فرصتي الفوز أو التعادل وفي الشوط الثاني كان ليبي حذرا فحافظ على طريقته ، لكن ما عابه حقا كان ذلك الحرص المتزايد ، فكان يحتاج لزيادة قوته الهجومية للإجهاز على التشيكيين إما بالدفع برأس حربة ثان إلى جوار جيلاردينو أو بإبدال فرانشيسكو توتي المتأثر بشدة من إصابته السابقة. وأعتقد أن مشاركة أليساندرو ديل بييرو السليم أو اللعب بمهاجمين صريحين مثل فينتشينزو ياكوينتا أو لوكا توني أفضل عشر مرات من الاعتماد على توتي المصاب الذي لم يقو على التسديد على المرمى التشيكي في أكثر من مناسبة سنحت له خلالها فرصة التسجيل. وكادت إيطاليا تدفع الثمن في الشوط الثاني أكثر من مرة ، فلو تم تسجيل هدف تشيكي كان هذا كفيلا بفقد إيطاليا صدارة المجموعة لصالح غانا لتجد نفسها في مواجهة كابوسية مع أبطال العالم البرازيليين في دور الستة عشر. ولقد جاء الهدف الثاني لإيطاليا معبرا عن "انحلال" دفاع التشيك في آخر عشر دقائق من اللقاء - لاعبين ينفردان بالمرمى من نصف الملعب - أكثر مما يعكس قوة الهجوم الإيطالي ، وهي نتيجة طبيعية للحالة النفسية للتشيكيين في هذه اللحظات ورغبتهم في الهجوم لأن الخسارة بهدف مثل عشرة. باختصار كانت المباراة تدار من جانب إيطاليا بطريقة "دافع .. احتوي هجمات خصمك حتى تنهك قواه .. ثم أضربه بعنف" .. وكان ليبي موفقا في تطبيق هذا الأسلوب بشدة معلنا فتح أبواب المدرسة الدفاعية في هذا المونديال المثير .. ولنتابع من سيتمكن من إيقافها.