لست أدري من هو أول عبقري اخترع عبارة "مافيش لعيب مصري يستاهل مليون جنيه"؟! ولا أدري ما هو الظريف في هذه العبارة بالذات حتى تتحول إلى ما يشبه "اللبانة" على ألسنة غالبية النقاد والخبراء ، يقولونها عمال على بطال ، إلى أن كانت النتيجة أن ناديا عربيا "شقيقا" يتجرأ ويعرض شراء أبو تريكة ب200 ألف دولار فقط!! الخبر قرأته في صحيفة سعودية ، ومضمونه باختصار أن ناديا من أندية الوسط في السعودية - هو الوحدة - عرض على الأهلي المصري شراء أبو تريكة ، وأن الأهلي طلب 400 ألف دولار ، ولكن مسئولي النادي السعودي عرضوا 200 ألف دولار فقط ، رغم علمهم بأن اللاعب هو أحسن لاعب مصري في عام 2004! لا لوم على الصحيفة ، ولا على محرر الخبر ، ولا يهمني إن كان الخبر صحيحا أم لا ، ولكن ما يهمني هو أن أوضح لنا إلى أي مدى توصلنا أفعالنا التي يرتكبها البعض منا دون علم بعواقبها. طب مين يقول أصلا إن الأهلي عاوز يبيع أبو تريكة؟ ولما يبيعه ، ها يبيعوا بكام؟ ب400 ألف دولار برضه؟ وهوة الأهلي نفسه كان دفع فيه كام؟ وألا أبو تريكة ده نفسه اتصرف عليه كام من ساعة ما اتولد لغاية ما تدرج لمنتخبات الناشئين المصرية كلها إلى أن وصل للمنتخب الأوليمبي ثم المنتخب الأول؟! وألا أخلاقه وتربيته دي تساوي كام؟! وعندما يفكر أبو تريكة في أن يحترف خارج مصر ، هل يمكن لأحد أن يشك للحظة واحدة أنه لا يستطيع أن يحترف في أفضل ناد أوروبي؟! هل هو أقل من محمد زيدان الذي لمع في بريمن لولا الإصابة اللعينة؟ هل هو أقل من ميدو الذي لعب لنخبة من أشهر أندية أوروبا رغم أن عمره لم يتعد بعد الثانية والعشرين؟! من الذي "رخص" سعرنا إلى هذه الدرجة سوى أولئك الذين يفتون بغير علم ، ويبيعون فتاواهم هذه لمن يدفع أكثر؟!
"وأبصم بالعشرة أن نادي إنبي كان محقا عندما طلب 13 مليون جنيه في عمرو زكي ، وأن هاني حسن يستحق أن يدفع فيه الزمالك مليون جنيه ، وأن نادر السيد يستحق أكثر مما حصل عليه في الأهلي". من الذي يتعمد التقليل من شأن لاعبينا في كل مكان حتى يصلوا إلى هذا السعر المتردي ، في الوقت الذي يباع فيه زيدان "المصري" لبريمن بأربعة مليون دولار ، ويصل فيه ثمن ميدو إلى ستة ملايين دولار لدرجة يعتذر معها عن عدم التفكير في الانضمام إلى أي ناد مصري لأن "ما حدش ها يقدر على سعره" ، وهذا صحيح طبعا! نعم أنا موافق على أن تكون هذه هي أسعار اللاعبين المصريين طالما أن خزائن الأندية مليانة ، وطالما أن الأندية بتكسب من هنا ومن هنا ، سواء من عمليات بيع اللاعبين ، أو من حقوق النقل التليفزيوني ، أو من الإعلانات ، أو من المشاركة في بطولات عربية وأفريقية ، أو من مساهمات الأعضاء القادرين ، أو من إيرادات التذاكر ، خاصة إذا كانت تسيطر بشكل جيد على عمليات دخول الجماهير للمباريات بالفعل. وأبصم بالعشرة أن نادي إنبي كان محقا عندما طلب 13 مليون جنيه في عمرو زكي ، وأن هاني حسن يستحق أن يدفع فيه الزمالك مليون جنيه ، وأن نادر السيد يستحق أكثر مما حصل عليه في الأهلي ، بل وأضيف على ذلك أنه كان ينبغي على إدارة الأهلي لا أن تطلب من مسئولي النادي السعودي 10 مليون دولار مثلا ثمنا لأبو تريكة ، لا بل كان عليها أن ترفض العرض أصلا لأن ده مش مستوى أحسن لاعب في مصر ، وأعرف أن الزميل خالد طلعت سيغضب مني بسبب هذا الكلام بالذات ، باعتبار أنه يرى في الدوري السعودي ما لا نراه نحن ، وهذه نقطة خلاف بيني وبينه دائما ، ولكني أطالبه بأن يذكر لي اسم لاعب سعودي واحد محترف يستحق "فعليا" مليون ريال بفضل تألقه في هذا الذي نصفه نحن في مصر مجاملة وانبهارا بأنه أفضل دوري عربي ، وإذا لم يجد ، ولن يجد ، فهل جرؤ أحد أن يكتب يوما ما أنه ما فيش لعيب سعودي يستاهل مليون؟! أشك! يا سيدي احترفوا بأي مبلغ في أوروبا ، فهذا أفضل ، ولكن كلنا يعرف أن الاحتراف العربي هو مقبرة اللاعب المصري ، أو بالأحرى ، وحتى نكون مجاملين بعض الشيء ، هو الاختيار الأخير له عندما يفكر اللاعب في الاعتزال ، أو عندما تمنعه إصابة خطيرة من استعادة مستواه ، ومن سبق له اللعب في دولة عربية انتهى بدري بدري أو اعتبرت فترة احترافه العربية سنوات مهدرة من عمره ، واسألوا : حسام حسن وعماد النحاس ومحمد بركات وياسر ريان. وإذا كنت قد قسوت على أبو تريكة في مرة وطالبته بالاعتذار عن ركلة جزاء الحدود الشهيرة لأنني لم أقبل منه تصرفا لا يجب أن يصدر منه هو بالذات دونما أي لاعب آخر ، وإذا كان هو قد اعتذر وقتها بالفعل عما فعل ، فأنا الآن أطالب من قدم إليه هذا العرض الاحترافي الغريب أن يعتذر هو له!