أفادت دار الإفتاء، أن"قراءة الفاتحة في استفتاح الدعاء أو اختتامه أو في قضاء الحوائج أو في بداية مجالس الصلح أو عند الخطبة أو عند عقد العقود أو غير ذلك من مهمات الناس هو أمر مشروع بعموم الأدلة الدالة على استحباب قراءة القرآن من جهة، وبالأدلة الشرعية المتكاثرة التي تدل على خصوصية الفاتحة في إنجاح المقاصد وقضاء الحوائج وتيسير الأمور من جهة أخرى". جاء ذلك ردا على سؤال حول حكم الشرع فى قراءة الفاتحة في استفتاح الدعاء وعند قضاء حوائج الناس وغيرها، والبعض ينكر ذلك ويعتبره بدعة وضلالة، ودللت الافتاء على رأيها بالأدلة العامة، كقوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ"، وكقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ»، إلى غير ذلك من النصوص المطلقة. وأضافت "من المقرر في علم الأصول أنه إذا شرع الله تعالى أمرًا على جهة العموم أو الإطلاق فإنه يؤخذ على عمومه وسعته، ولا يصح تخصيصه ولا تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل، وإلا كان ذلك بابًا من أبواب الابتداع في الدين بتضييق ما وسَّعَه الله ورسوله". وأشارت الإفتاء أن سورة الفاتحة قرآنًا وذكرًا مشروعًا تلاوته على كل حال، ما لم يرد نهي عن ذلك بخصوصه، كالنهي عن تلاوة القرآن حال الجنابة مثلًا، وأما من جهة خصوصها في إنجاح المقاصد وقضاء الحوائج وتيسير الأمور وإجابة الدعاء، فقد دلت الأدلة الشرعية على أن فيها من الخصوصية ما ليس في غيرها، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لجابر بن عبدالله رضي الله عنهما: «يَا جَابِرُ، أُخْبُرِكَ بِخَيْرِ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ؟» قَالَ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ». وأكدت الإفتاء ان هذه الخصوصية للفاتحة هي التي حَمَلَتْ سيدَنا أبا سعيد الخدريَّ رضي الله عنه على الرقية بها دون أن يبتدئه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالإذن أو يعهد إليه بشيء في خصوص الرقية بها وقراءتها على المرضى. وتابعت الإفتاء، أن الدعوة إلى القضاء على أعراف المسلمين التي بنتها الحضارة الإسلامية على مر الزمان وشكَّلَتْها في سلوكياتهم وعاداتهم وتقاليدهم انطلاقًا من كون الشرع الشريف هو محور حياتهم هو أمر خطير، غفل الداعون إليه أو تغافلوا عن أنه سيؤدي بهم في النهاية إلى فقد المظاهر الدينية من المحافل العامة، واستبعاد ذكر الله تعالى من الحياة الاجتماعية ومنظومة الحضارة؛ حيث إن منع مثل هذه المظاهر سيؤدي في مآله إلى الحيلولة بين الناس وبين تحويل الأوامر النبوية إلى إجراءات سلوكية ومناهج حياة وبرامج عمل يومية، وهو في الحقيقة عين ما يدعو إليه المادِّيُّون. واختتمت الإفتاء الفتوى بقولها: "فليتق الله أولئك الذين يَهرِفُون بما لا يَعرِفُون، وليتركوا الفتوى لأهلها الذين يدركون مرارة الواقع، ويعقلون مآلات الأحكام".