فى نهاية فيلم «ظاظا» لهانى رمزى، قامت أمريكا باغتيال الرئيس الوطنى الجديد الذى اختاره الشعب لأول مرة فى تاريخه، لأنه كان يحمل برنامجا وطنيا وقادرا على القضاء على الفساد ووضع مصر فى مكانتها التاريخية والعلمية التى يجب أن تكون فيها، فهل يحدث اغتيال لرئيس مصر القادم، إن جاء مخالفا لتوجه ما أو فريق ما أو أجندة ما، سواء كان هذا الاغتيال داخليا أو خارجيا؟ هنا نتوقف عند بعض أشهر الاغتيالات السياسية كما قدمتها السينما المصرية، التى لم تكن بعيدة عن خوض تلك التجربة المثيرة المعروفة ب«فيلم الاغتيال السياسى»، وهى بمقدار هامش حرية التعبير الضئيل الذى كان مسموحا به، والذى كان يزيد وينقص تبعا لظروف الحكم والحكام، حاولت التعبير عن هذه التجارب التى قد تكون حدثت بالفعل، والثابتة تاريخيا أو المتخيلة فى واقع معروف بكثرة حدوث الاغتيالات السياسية فيه، أو رمزية فى ظل ظروف استثنائية قامعة، وقد سمحت ثورة يوليو بالتعبير بمنتهى الوضوح والحرية، عن الاغتيالات السياسية فى مرحلة الحكم الملكى، من أجل إدانته ووسمه بالفساد فى محاولة منها للتبشير بالنظام الثورى الجديد، وحدث الشىء نفسه مع حكم الرئيس أنور السادات؛ إذ سمح بالتعبير عن مساوئ العهد الناصرى فى الحقبة السبعينية، وشهدت الحقبة الثمانينية أيضا نقد النظام الساداتى سينمائيا والتشهير به. ومن السمات المشتركة العامة بين معظم الأفلام التى تعرضت لقضية الاغتيال السياسى، أنها أفلام سياسية بحتة، فلم يحدث فعل الاغتيال السياسى ضمن سياق اجتماعى، أو كوميدى على سبيل المثال، واستند بعضها إلى الواقع التاريخى المصرى، سواء فى طريقة الإعداد أو التنفيذ أو الهرب أو الشخصية، والعرض جاء حقيقة أو مجازا أو رمزا مثل مقتل اللورد موين فى فيلم «جريمة فى الحى الهادئ» أو اغتيال الرئيس السادات فى فيلم «الغول». وواجهت هذه الأفلام فى معظمها اعتراضات رقابية عاتية، مارستها أجهزة تنفيذية عليا فى الدولة، بدءا من الرقابة، مرورا بمجلس الشعب والوزراء المعنيين، وانتهاء بساحة القضاء، وتعرضت غالبيتها للمصادرة، ثم الإفراج عنها، مثل أفلام: «الكرنك» و«الغول» و«البرىء»، وإن كان معظمها يتحدث عن جرائم تنتمى إلى العصر السابق لزمن إنتاجها، ولم تكن لاحقة للحدث، أو مواكبة له مثل «الكرنك» الذى أنتج وعرض فى السبعينات، مفتتحاً الحديث عن أفلام مراكز القوى ومساوئ الحقبة الناصرية و«حب فى الزنزانة» الذى أنتج وعرض فى الثمانينات وتعرض لمساوئ الانفتاح الساداتى. شخصية سيئة: وعادة تركز هذه الأفلام على شخصية وحيدة سيئة، مظهرة عيوبها ومساوئها وفسادها السياسى، ومحاولة تشويه تاريخها الشخصى وإسقاط هذه الملامح والصفات الشخصية على النظام الحاكم ككل، فى محاولة لاستعداء الجماهير عليها لإسقاطه، مثل شخصية محمود المليجى فى «غروب وشروق» وصلاح نظمى فى «امرأة من زجاج» وفريد شوقى فى «الغول» وسعيد عبدالغنى فى «إحنا بتوع الأتوبيس» وجميل راتب فى «حب فى الزنزانة» ومحمود مرسى فى «ليل وقضبان». وكثيرا ما تنفذ عمليات الاغتيال السياسى فى هذه الأفلام فى صورة بشعة منفردة مؤلمة ودموية، يكون هدفها توليد حالة من العداء والفعل المضاد لدى الجماهير المشاهدة، وتوعيتها إلى بشاعة النظام السلطوية، وقد تحدث عملية الاغتيال فى بداية الفيلم أو فى نهايته كحقيقة دامغة على ما يحدث، أو تركه بنهاية معلقة تتيح للمتلقى فرصة التفكير لاختيار الحل بنفسه.