خلال الأيام القليلة الماضية تم حرق جبال من الأوراق والمستندات والكشوف السرية بمعظم فروع أمن الدولة بالمحافظات والتي حاصرها المواطنون الذين ذاقوا الأمرين من هذا الجهاز, ويطالب الجميع برحيله لأنه كان وصمة عار بما اقترفه, وهذه حقيقة لاينكرها أحد حتي العاملين به.. فقد أفسده ضباطه والعاملون فيه, وبدلا من قيامه بحماية المواطن أصبح سيفا علي رقبته يعذبه ويسجنه ويحرمه من العيش في حياة هادئة.. في حين أن هذا الجهاز الذي يرجع تاريخه لنحو مائة عام تحت مسميات مختلفة قام بأدوار وطنية عديدة وله أهميته في حماية الشعب, لكن يجب تطهيره من الفاسدين أولا وقبل كل شيء لأن الكثير من المصريين يحملون جروحا عميقة منه كما يقول الخبراء, فبقاء الجهاز بهذا الشكل مرفرض تماما فهو يحتاج لإعادة تشكيل وتنظيم ومحاكمة الفاسدين الذين كانوا يعملون وينكلون بالناس ويتنصتون عليهم.. في البداية نوضح أنه منذ البداية تم انشاء جهاز أمن الدولة بأهداف وطنية لخدمة الشعب المصري, فيقول المستشار محمود العطار رئيس مجلس الدولة: أنه بدأ منذ نحو مائة عام بمسميات مختلفة, وكان اسمه قبل الثورة بنحو5 سنوات القسم المخصوص وقام بأعمال جليلة بخدمة الوطن أشهرها القبض علي بعض اليهود الذين حاولوا اغتيال اللورد موين المندوب السامي البريطاني, وذلك لاحداث وقيعة بين مصر وانجلترا, وحينما قامت الثورة تغير الاسم للمباحث العامة, وقام بأدوار وطنية أشهرها تنظيم المقاومة الشعبية ضد العدوان الثلاثي في6591 علي بورسعيد, وقام وقتها الضباط والعاملون فيه بحرق الأرشيف الخاص به مثلما حدث مؤخرا في العديد من الفروع, لكن بهدف قومي بحرق الأرشيف الخاص به وهو منعه من الوقوع في أيدي القوات الانجليزية, فالأرشيف يضم الكشوف الخاصة بأسماء أعضاء المقاومة الشعبية, وكان يقود المقاومة وقتها مفتش المباحث العامة اللواء حسن رشدي, محافظ بورسعيد فيما بعد, حينما قامت ثورة التصحيح في51 مايو1791 في بداية عهد الرئيس السادات تغير الاسم لمباحث أمن الدولة, وقام هذا الجهاز ببعض الأدوار الوطنية أيضا, منها منع الكثير من الاغتيالات السياسية والقبض علي من قام بأعمال التفجير في الفنادق والميادين لضرب السياحة في مصر, مثل فندق أوروبا في شارع الهرم ومحاولة اغتيال اللواء حسن أبوباشا واللواء النبوي اسماعيل وزيري الداخلية السابقين. كما قام هذا الجهاز بالقبض علي بعض الذين قاموا بأنشطة معادية للأديان, مثل عبدة الشيطان, وكان يراقب أنشطة بعض الأجانب والسفارات الأجنبية التي تقوم بنشاط معاد لأمن الشعب المصري في الداخل وكشف عمليات التمويل السري من الخارج لتنظيم وتمويل تنظيمات سرية معادية لمصالح مصر, لكن لوحظ في الفترة الأخيرة إنه اسيء استخدام هذا الجهاز منذ حكم الرئيس المخلوع مبارك فتغول علي حقوق المواطنين وقمع الحريات, وقام بعمليات التجسس علي كثير من المواطنين الشرفاء وتحجيم القوي الوطنية لصالح النظام القمعي الديكتاتوري, وحينما عرضت بعض القضايا من بعض المضارين من تصرفات جهاز أمن الدولة علي قضاء مجلس الدولة رفض مجلس الدولة جميع انتهاكات حقوق المواطن المصري, وأصدر أحكاما ناصعة البياض ترفض التغول علي حقوق المواطنين, وانتصر للحريات باعادتهم لأعمالهم, ورفض من يتهمون بأنهم من العناصر الدينية فيمنعون من تولي الوظائف العامة, وصدرت أحكام واجبة النفاذ بضرورة إلحاق أي مواطن مصري في العمل بصرف النظر عن آرائه الدينية والسياسية, وكثير من هذه الأحكام لم يتم تنفيذها للأسف, وكان وراء ذلك فساد أمن الدولة. أو حدثت مماطلة في التنفيذ مثل أحكام مجلس الدولة بإلغاء الحرس الجامعي والذي كانت تتحكم فيه مباحث أمن الدولة, إلا أن مجلس الدولة كان ثابتا في أحكامه في حماية حقوق الشعب ضد تغول أجهزة الأمن السياسية. وأمام الله والتاريخ فإن أوروبا وأمريكا بها جهاز للمباحث العامة وجهاز آخر يسمي المخابرات الفرنسية وكل منهما له استقلاله وليس من المصلحة دمجهما في جهاز واحد. ويضيف المستشار محمود العطار أنه في أمريكا توجد المخابرات المركزية الأمريكيةCIA ومعهاFBI للمباحث السياسية, وكذلك الحال في انجلترا, حيث يوجد جهاز المخابرات الانجليزية وبجواره جهاز المباحث السياسية الانجليزية, ولوجه الله والتاريخ لابد من إعادة هيكلة الجهاز وتعديل مساره ليكون في خدمة الشعب وحماية مصالحه الأساسية ضد أعداء الشعب, ويقترح تغيير اسمه إلي مباحث أمن الشعب, وأن تكون عملية إعادة الهيكلة متضمنة تعديل المسار. ليحقق مصالح الشعب وليس مصلحة الحاكم كما يؤكد نائب رئيس مجلس الدولة وكان تغوله وطبيعة عمله الفاسدة تستدعي مصروفات باهظة بالمليارات لإتمام عمليات توريث الحكم لابن مبارك وتحقيق مصالح النظام بحزبه الوطني الفاسد وليس مصلحة الشعب, وهذا يتطلب مصروفات ضخمة من ميزانية الدولة ومبانيه الضخمة وتجهيزها في جميع المحافظات تعبر عن مدي البذخ الذي كان فيه. لو كان هذا الانفاق لمصلحة الشعب المصري لكننا طالبنا بترشيده لأننا دولة نامية فلا يجوز إهدار ميزانية الدولة علي أعمال مشكوك في فائدتها للشعب وإن كان هذا يتم تحت عنوان فاسد هو حماية أمن الدولة. ويشير إلي أن معظم القضايا التي كانت تعرض علي مجلس الدولة وفيها رأي جهاز أمن الدولة يكون ها الرأي غير مدعوم بمستندات ووثائق وهذا يدل علي مصادرة الاراء, ولذلك كنا ننصر المواطن عليهم ونحكم له متجاهلين رأي الأمن, ويشير المستشار محمود العطار الي انه كان هناك مبدأ ثابت لدي قضاء مجلس الدولة بأن التحريات التي تأتي من جهاز مباحث أمن الدولة هي مجرد أقوال مرسلة لا يعول عليها في التعيينات ولا في إنشاء صحف, إلا إذا تم تدعيمها بأدلة مؤكدة ليتولي قضاء مجلس الدولة تقنين هذه الأدلة المدعمة والمستندات حتي يمكن وزن الأمر وفقا للمعايير القانونية السليمة. فقد جاء للمجلس اعتراض العام الماضي من مباحث أمن الدولة علي تعيين بعض المرشحين لتولي وظائف قضائية بحجة أن لهم انتماءات سياسية معينة اخوان لكن رفض قضاء المجلس هذا المبرر وحكم بإلحاق هؤلاء المرشحين بالهيئات القضائية وقرر أن المواطن له الحق في حرية الرأي وليس له أي حق في التخريب وليس له حق في أن يحكم عضو الهيئة القضائية وفقا لآرائه الشخصية بل يجب الحكم والرجوع الي القوانين وليس للرأي الشخصي. والدليل علي هذا أن مجلس الدولة المصري حكم في ظل أقسي الظروف تغولا من هذا الجهاز الفاسد برفض قبول192 عضوا في مجلس الشعب وتم إلحاقهم فعلا دون الأخذ بأحكام القضاء وهذا عار وسبه في جبين المجلس غير الشرعي. وعموما فإن ضباط مباحث أمن الدولة يوجد منهم الكثير لديهم ضمير ووطنية ولكن الأجهزة الإدارية الأمنية العليا والسياسية العالية كانت فاسدة وتمارس ضغوطا علي هذه العناصر فلم يكن في يد هذه العناصر أن تفعل شيئا إلا التملل. مقار محصنة ومن ناحيته يقول محمد العباسي ضابط سابق في أمن الدولة إن مقار وفروع جهاز أمن الدولة محصنة ودخولها ليس سهلا كما يتوقع البعض وكما تظهر لنا الصورة, فهو صعب الدخول بالنسبة للعاملين به وضباطه الذين يخضعون لفحص دقيق وبه أبواب فولاذية تتحكم فيها الكهرباء الكترونيا ويوجد أكثر من بوابة حتي يصل الضابط لمكتبه والمكاتب لايوجد فيها أوراق أو مستندات أو وثائق.. ورغم الأسوار الخرسانية العالية والحراسة المشددة باستخدام الرشاش الآلي هتلر عالي الكفاءة والسرعة والأبواب المتعددة المصفحة ويتساءل كيف دخل المواطنون هذه الحصون المنيعة ووصلوا لقلب الأفرع من الداخل؟ فهل هذا مقصود؟ ولهذا تم حرق تلال المستندات والأوراق بعد42 يوما من بداية الثورة؟ هل كان يتم التخطيط للعودة لما قبل الثورة؟. ويشير إلي أنه يوجد ضباط برتب مختلفة في نوبتجية الساعة3 عصرا, ومعهم فريق من الأمن مسلحين وأبراج حراسة, كما أن الأرشيف يعد من أصعب الأماكن التي يمكن الوصول لها, فنحن كضباط عاملين في الجهاز, عندما نطلب ملفا يكون بالطلب ولا نذهب للأرشيف لنحصل عليه فهناك قواعد صارمة للحصول علي أي ملف وإعادته عن طريق متخصصين... فمن فتح الأبواب أمام المواطنين ليصلوا للأرشيف في كل فرع؟ هل هي عملية مخططة من الشرطة؟ فالطريق داخل الفروع صعب ولا يعرفه أحد. ويوضح أن هذا الجهاز مهم كما يقول البعض لكن لأمن الشعب وليس لترويعه وليس للفساد والتعذيب,