اتفق سياسيون على عدم ضرورة فتح باب النقاش داخل البرلمان على إجراء تعديلات على الدستور الحالى، مشيرين إلى ضرورة منح الدستور فرصة للتطبيق، لأنه حتى الآن لم يطبَّق، ولأن البرلمان عليه كثير من المهام على رأسها القوانين التى أصدرها الرئيس عبدالفتاح السيسى ثم الموازنة، ورأى بعضهم أن فتح باب النقاش لإجراء التعديلات سيمثّل فتحاً لباب جهنم، لما سيحمله من فرصة للفتن نحن فى غنى عنها، ولكون الدستور أحد الثوابت والمراجع التى تسهم فى استقرار الحياة العامة، ولا يصح تبديلها وتعديلها بشكل مستمرّ، لأن من صفاته الديمومة والثبات لا التقلب والتغيير. «عبدالمجيد»: يؤكد أننا نسير «على رؤوسنا» للوراء.. «السعيد»: أمر مستبعد ويقول الدكتور وحيد عبدالمجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن «الحديث عن تعديلات الدستور يعنى أننا نسير على رؤوسنا، لأن أى بلد متحضر يصدر دستوراً، عليه أولاً أن يطبقه، والبرلمان دوره الأول تفعيل هذا الدستور». «عبدالمجيد» يرى أن إثارة الحديث عن التعديلات الدستورية خلال الفترة الحالية، يعنى أننا فى وضع مقلوب وأننا نسير إلى الوراء بخطى سريعة، وأن البرلمان من المفترض أنه يبنى ولا يهدم، وأنه يقوم بأعمال إيجابية لا سلبية. الدكتور رفعت السعيد، رئيس المجلس الاستشارى لحزب التجمع، يرى أن أى وثيقة فى الدنيا ليست قرآناً وأنها قابلة للتعديل، ومن الممكن تعديل الدستور من قِبل البرلمان الحالى إذا وجدوا ضرورة لذلك، لكنه يستبعد إجراء أى تعديلات فى العام الحالى، موضحاً أن البرلمان مشغول فى إجراءات أخرى ستأخذ من وقته نحو عام كامل. ويتابع: «ما أعتقدش إن البرلمان هيعدل الدستور دلوقتى، البرلمان محتاس فى القوانين والمراسيم بقانون اللى صدرت من أيام الرئيس السابق عدلى منصور وعلى يد السيسى، ودى هتحتاج لوقت طويل، وبعدين هناك بيان الحكومة ثم الموازنة العامة»، مشيراً إلى أنه سيكون هناك اتجاهان من التعديلات، أولهما أن يبنَى التعديل على تقليص سلطات البرلمان إزاء رئيس الجمهورية، أى العودة إلى الوضع السابق رئاسى-برلمانى، والثانى يبنَى على تعزيز الحكم المحلى وإضفاء طابع أكثر ديمقراطية على الإدارة المحلية وتحويلها من إدارة محلية إلى حكم محلى، وأن الاتجاهين يتوقفان على النواب وتصويتهم، وفى كل الحالات لا يمكن إجراء أى تعديل قبل عام. يقول الدكتور أسامة الغزالى حرب، الكاتب والمفكر السياسى، إنه لا يعلم إن كان تعديل الدستور مطروحاً لدى نواب البرلمان الحالى أم لا، وأن الحديث عن تعديل دستور قبل تطبيقه مسألة غريبة وغير ملائمة. ويشير إلى ضرورة منح الدستور فرصة للتطبيق واختبار مواده على أرض الواقع ومدى ملاءمتها، منتقداً أى طرح للتعديلات الدستورية حالياً، خاصة أن الدستور لم يدخل حيز الاختبار وأن من سمات الدستور الديمومة والاستقرار لا التقلب، لأن وضع الدستور يتم فى الأصل ليكون مرجعاً ثابتاً يحقِّق الاستقرار للبلاد. فيما يؤكد الدكتور عمار على حسن، الباحث والمفكر السياسى، أن تعديل الدستور متوقف على رغبة السلطة التنفيذية والرئيس تحديداً، إذا كانت النية مبيتة لتغيير الدستور وتعديله فكل ما سيحدث أنه سيطلب من بعض النواب داخل جبهة دعم مصر تقديم طلب تعديل الدستور، مشيراً إلى أن الدستور نفسه حدد الإجراءات والنصاب القانونى اللازم للتعديل وهو موافقة ثلثى الأعضاء. ويوضح أنه «إذا تأكدت السلطة التنفيذية أن لديهم نحو ثلثى أعضاء البرلمان سيوافقون على التعديل فبالتأكيد سيذهبون إلى تعديل الدستور، مستبعداً أن يبدأ البرلمان النظر فى هذا الأمر فى جلساته الأولى التى تنصبّ على تشكيل اللجان وانتخاب الرئيس ووكيليه والنظر فى القوانين التى أصدرها الرئيس من قبل، وأنه بعد مدة من الممكن أن تسمح الفرصة بفتح النقاش حول تعديل الدستور إذا كان الدستور لا يزال محتاجاً إلى التعديل». وحول المدة التى يحتاج إليها البرلمان لتعديل الدستور، يقول «حسن» إن «تعديل الدستور يأخذ وقتاً قصيراً جداً داخل البرلمان، أما التعديل فى حد ذاته فيمكن لترزية القوانين ورجال القوانين الموالين للسلطة أن يكونوا جهّزوا التعديلات بالفعل من الآن، ثم يُطرَح النقاش داخل البرلمان ليعدل بعض المواد ويضبط بعضها ويتم الحذف والإضافة»، مشيراً إلى أن الصياغة النهائية يتفق عليها البرلمان ويمكن أن يجرى النقاش داخل البرلمان وينتهى بالصياغة الأولى التى خرجت من السلطة التنفيذية وتكون النقاشات داخل المجلس لإضفاء الطابع الشكلى الديمقراطى، موضحاً أن أهم ما فى القضية سيكون عملية التصويت وأن يفوز التعديل بالأغلبية، قائلاً: «الدستور ليس فى حاجة إلى تعديل إطلاقاً، وفتح باب التعديل الآن عبارة عن فتح باب جهنم ولا مصلحة لأحد فى التعديل لأنه باب لفتنة كبيرة».