تباينت آراء أساتذة القانون بشأن عدم تضمين المسودة النهائية للدستور الجديد مادة تلزم رئيس الجمهورية بتعيين نائب له، فبينما رأى البعض أن تجاهل هذا النص وإلغاءه من الدستور يعد قصوراً تشريعياً، رأى آخرون أن الدستور نظم تلك المسألة من خلال الأخذ بنظام مختلط تمنح فيه الصلاحيات لرئيس الجمهورية، ويشترك معه فيها رئيس الوزراء. وقال الدكتور ثروت عبدالعال، أستاذ القانون الدستورى، إن عدم تضمين المسودة النهائية للدستور الجديد مادة تعيين نائب لرئيس الجمهورية أعطى الحق لرئيس مجلس النواب أو مجلس الشورى بتولى منصب رئيس الجمهورية لحين إجراء انتخابات رئاسية، وذلك فى حالة خلو المنصب للاستقالة أو الوفاة أو العجز عن العمل، فيما إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته حل محله رئيس مجلس الوزراء. وأشار عبدالعال إلى أن تعيين نائب لرئيس الجمهورية كان جوازياً وسلطة تقديرية للرئيس، ولم يكن لزاماً عليه تعيين النائب فى الفترة السابقة، ولم يقم الرئيس المخلوع بذلك إلا بعد تدهور الأوضاع خلال ثورة 25 يناير. وأرجع أستاذ القانون الدستورى عدم تضمين مادة فى الدستور الجديد تلزم رئيس الجمهورية بتعيين نائب له «تخوفاً» من أعضاء التأسيسية لإعادة سيناريو السادات، مؤكداً عدم وجود أى دور للمستشار محمود مكى النائب الحالى للرئيس محمد مرسى، ومن المفترض أن يحل مكى محل الرئيس فى حالة خلو المنصب فى الوقت الحالى، لكن الدستور الجديد لم يضمن ذلك. وأضاف الدكتور ثروت عبدالعال أن أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور فضلوا ترك أمر تعيين نائب فى يد الرئيس إذا ما تمت ممارسة ضغوط عليه من قبل الشعب كما حدث أثناء حكم الرئيس السابق، مشيراً إلى أن معظم دساتير العالم تتضمن وجود نص لنائب الرئيس، وكان يجب على «التأسيسية» أن تضع ذلك النص. وقال الدكتور شوقى السيد أستاذ القانون الدستورى، إن غياب ذلك النص، يدل على تكثيف السلطة فى يد رئيس الجمهورية، وخلق ديكتاتور فى المستقبل. وأرجع السيد عدم وجود نص لنائب رئيس الجمهورية، إلى خشية الرئيس من أن ينقلب عليه نائبه ويأخذ سلطاته، فعلى مدار 30 سنة تجاهل الرئيس السابق مطالب الشعب بتعيين نائب للرئيس وتفعيل النص الوارد فى دستور 1971، مبرراً رفضه وقتها بأن هذا نص جوازى لا يلزم الرئيس بتعيين نائب له، ثم جاءت التعديلات الدستورية فى مارس 2011 لتلزم رئيس الجمهورية بتعيين نائب له، ولكن تم إقصاء ذلك النص فى مسودة الدستور النهائية. وأرجع السيد ذلك إلى أن كلمة «نائب» تثير المخاوف لدى رئيس الدولة من أن يتولى نائبه الحكم خلفاً له، والدليل أن «مرسى» التزم بجزء من نص الإعلان الدستورى بتعيين نائب له هو المستشار محمود مكى، وخالف جزءاً آخر الخاص بمنحه صلاحيات وتحديد اختصاصات له. وأشار إلى أن هناك مخاطر دستورية تترتب على غياب نص لنائب الرئيس تتمثل فى التناقض بشأن توزيع السلطات. من جانبه قال الدكتور إبراهيم العنانى، أستاذ القانون الدولى وعميد كلية حقوق بجامعة عين شمس سابقاً، إن عدم إلزام الرئيس بتعيين نائب فى المسودة النهائية للدستور الجديد، يرجع إلى اقتراب النظام الجديد من النموذج المختلط بين الرئيس والحكومة، وذلك أقرب بشكل كبير إلى النظام الفرنسى، فلا هو رئاسى ولا هو برلمانى. وأوضح العنانى أن الجمعية التأسيسية أرادت التوجه لنظام السلطة الحقيقى عن طريق تقاسمها بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة، وهو ما يفسر فى المادة 153 من الدستور الجديد بأن يقوم رئيس الوزراء بمباشرة مهام رئيس الجمهورية فى حال وجود مانع مؤقت يحول دون قيام الرئيس بمهامه، على أن يقوم رئيس مجلس النواب بالقيام بمهام الرئيس فى حال وجود مانع دائم، ويحل رئيس مجلس الشورى مكان الرئيس فى حال عدم وجود مجلس النواب. واستشهد العنانى بصحة ذلك فى الدستور الجديد بالدستور الفرنسى، حين استقال ديجول عام 1968 وحل مكانه رئيس البرلمان لحين أجريت انتخابات رئاسية جديد، نافياً وجود أى مخاطر جراء ذلك. نائب الرئيس فى دستور 1971 مادة 139 لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، ويعفيهم من مناصبهم. وتسرى القواعد المنظمة لمساءلة رئيس الجمهورية على نواب رئيس الجمهورية. مادة 82 إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته أناب عنه نائب رئيس الجمهورية. مادة 85 يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية بناء على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الأقل، ويتولى نائب رئيس الجمهورية الرئاسة مؤقتا لحين الفصل فى الاتهام.