مجلس الكنائس العالمي يصدر "إعلان جاكرتا 2025" تأكيدًا لالتزامه بالعدالة الجندرية    وزير الاستثمار يبحث مع مجموعة "أبو غالي موتورز" خطط توطين صناعة الدراجات النارية في مصر    بعد تقسيم أراضي الوقف ل4 فئات.. الأوقاف تكشف تفاصيل الأسعار الجديدة وعوامل احتساب الإيجار    البنك الأفريقي للتنمية يعتمد الاستراتيجية الوطنية للجزائر 2025-2030 لتعزيز التنوع الاقتصادي وتطوير البنية التحتية    رئيس مصلحة الجمارك: منصة نافذة خفضت متوسط مدة الإفراج الجمركي من 15 إلى 5 أيام    جوتيريش يدعو إلى ضبط النفس والعودة للحوار بعد تجدد الاشتباكات بين كمبوديا وتايلاند    نائب برلماني: تصريحات الرئيس السيسي مع حفتر تؤكد على دور مصر المحوري    تورينو ضد ميلان.. الروسونيرى يخطف فوزا مثيرا وينفرد بصدارة الكالتشيو    قطر وإيران تبحثان تعزيز التعاون والقضايا المشتركة على هامش منتدى الدوحة 2025    مانشستر يونايتد يضرب وولفرهامبتون برباعية ويواصل التألق    الدوري الإيطالي | بارما يخطف الفوز.. وجنوى يتألق خارج الديار.. وميلان يحسم قمة تورينو    إبراهيم صلاح: جيلي مختلف عن جيل الزمالك الحالي.. وكنا نمتلك أكثر من قائد    موعد مباريات اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025| إنفوجراف    البحيرة ترفع درجة الاستعداد والتأهب لحالة عدم الاستقرار وسقوط الأمطار غدًا    تشكل خطر على الصحة.. ضبط كمية من السجائر مجهولة المصدر بالقليوبية    شمس تكشف أسباب ابتعادها عن الفن وتفاصيل حياتها الشخصية والانفصال عن والد ابنها    فيلم الست: دراما تفكك رحلة أم كلثوم من سطوة الرجال إلى امتلاك الذات    أفضل أطعمة تحسن الحالة النفسية في الأيام الباردة    إحالة المتهم بقتل زوجين فى المنوفية إلى المفتى    محافظ القليوبية يناقش الانتهاء من إعداد المخطط التفصيلي لمنطقتي العكرشة الصناعية وأرض جمعية    هل تتأثر مصر بزلزال أنطاليا التركية ؟.. البحوث الفلكية توضح    فيفا يمنح لاعبى المونديال راحة 3 دقائق فى كل شوط بكأس العالم 2026    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية في زمن قياسي    ختام معسكر منتخب مصر الأول بمشروع الهدف استعدادا لأمم أفريقيا.. صور    التحقيق مع مسن تحرش بطفلة علي سلم عقار في أوسيم    افتتاح فيلم «الست» في الرياض بحضور نخبة من نجوم السينما| صور    وزير الزراعة: نقل الحيوانات أحد تحديات عملية تطوير حديقة الحيوان بالجيزة    المستشارة أمل عمار تشارك في فعاليات المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء    وزير الاستثمار يبحث مع مجموعة أبو غالي موتورز خطط توطين صناعة الدراجات    إعلان أول نموذج قياسي للقرى الخضراء الذكية بجهود مشتركة بين جامعة طنطا ومحافظة الغربية    أسرة عبدالحليم حافظ تفجر مفاجأة سارة لجمهوره    54 فيلما و6 مسابقات رسمية.. تعرف على تفاصيل الدورة السابعة لمهرجان القاهرة للفيلم القصير    رجعت الشتوية.. شاهد فيديوهات الأمطار فى شوارع القاهرة وأجواء الشتاء    تضامن الإسماعيلية يشارك في الاحتفال باليوم العالمي لذوي الإعاقة    تكريم «الأخبار» ضمن أفضل تغطية لافتتاح المتحف الكبير    نيجيريا تتحرك عسكريا لدعم حكومة بنين بعد محاولة انقلاب فاشلة    ارتفاع مؤشرات بورصة الدار البيضاء لدى إغلاق تعاملات اليوم    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن وفاة ضابط شرطة بسبب مادة سامة    كيف تحمي الباقيات الصالحات القلب من وساوس الشيطان؟.. دينا أبو الخير تجيب    سفير اليونان يشارك احتفالات عيد سانت كاترين بمدينة جنوب سيناء    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    محافظ الجيزة يتابع انتظام العمل داخل مستشفى الصف المركزي ووحدة طب أسرة الفهميين    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    إعلان توصيات المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية    السيدة زينب مشاركة بمسابقة بورسعيد لحفظ القرآن: سأموت خادمة لكتاب الله    بعد ساعتين فقط.. عودة الخط الساخن ل «الإسعاف» وانتظام الخدمة بالمحافظات    فرقة القاهرة للعرائس المصرية تكتسح جوائز مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    تعرف على طاقم حكام مباراة برشلونة وفرانكفورت في دوري أبطال أوروبا    إقبال الناخبين المصريين في الرياض على لجان التصويت بانتخابات الدوائر الملغاة    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي ال15 للتنمية المستدامة بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية    المقاولون عن أزمة محمد صلاح : أرني سلوت هو الخسران من استبعاد محمد صلاح ونرشح له الدوري السعودي    متحدث الصحة ل الشروق: الإنفلونزا تمثل 60% من الفيروسات التنفسية المنتشرة    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    مباراة حاسمة اليوم.. عمان تواجه جزر القمر في كأس العرب 2025 مع متابعة مباشرة لكل الأحداث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو استحضار الغائب فى مسودة الدستور
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 11 - 2012

غابت عن مسودة الدستور مواد مهمة ينبغى إدراجها فى المسودة أو المسودات التالية. وفيما يلى أمثلة لبعض هذه المواد. لقد غابت مادة تؤكد احترام الاتفاقات والالتزامات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وتحظر على أى قانون أو قرار مخالفتها، وتعتبر الاتفاقات والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التى يصدق عليها البرلمان بنسبة الثلثين فى حكم التعديلات الدستورية، ومن ثم يتعين التعامل معها على أنها جزء لا يتجزأ من الدستور. كما غابت مادة تنص على أنه عندما يحيل الدستور إلى القانون تنظيم حق من الحقوق فإنه يجب ألا يترتب على هذه الإحالة أى مساس بأصل ذلك الحق أو تعطيل لنفاذه، وأن على الدولة أن تنشئ من آليات المتابعة والرقابة ما يؤمن ذلك. ولذا فمن المناسب إضافة مادة خاصة بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، مع توسيع اختصاصاته فى مراقبة أوضاع حقوق الإنسان والتحقق من مدى التزام الدولة بتوفير الحقوق المقررة فى الدستور وتعقب حالات التمييز أو إهدار مبدأ تكافؤ الفرص، وإحالة المتسببين فى ذلك إلى القضاء.

●●●

ويجب إضافة مادة تسمح بحق مباشر للشعب فى سحب الثقة من رئيس الجمهورية وأى من المسئولين المنتخبين كأعضاء البرلمان والمجالس المحلية ومن إليهم، وذلك بعد مضى نصف المدة المقررة لمناصبهم، وبمقتضى طلب لإجراء استفتاء عام لهذا الغرض تقدمه نسبة معينة من الناخبين المعنيين. كما ينبغى النص على حق الشعب فى اقتراح مشروعات قوانين إما مباشرة بطلب موقع من نسبة معينة من الناخبين، وإما من خلال طلب مقدم من منظمة مجتمع مدنى لا يقل عدد أعضائها عن عشرة آلاف، مشفوعا بتوقيع ما لا يقل مثلا عن ثلاثين ألف ناخب. كما يجب السماح بحق الشعب فى طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، بناء على طلب تتقدم به نسبة معينة من الناخبين.

وعموما ينبغى أن تتضمن المواد الخاصة بتعديل الدستور (218 و219) تمييزا واضحا بين الحالات المختلفة لطلب تعديل الدستور. فإذا انصب التعديل على مادة أو أكثر دون مساس بالهيكل الأساسى للدستور، يمكن اشتراط أن يتقدم بالطلب مثلا ما لا يقل عن 5% من الناخبين أو 20% من أعضاء مجلس الشعب، أو رئيس الجمهورية مع تأييد 10% من النواب لطلبه. أما إذا طال التعديل عددا كبيرا من المواد أو الدستور كله، فينبغى زيادة النسب المذكورة بما يناسب التغيير المستهدف.

ومن الجدير بالملاحظة أن المسودة قد تضمنت قيدا لا مبرر له فى زمن يتصف بالتغير السريع، وهو ألا يعدل الدستور قبل مضى خمس أو عشر سنوات (المادة 220). كما يلاحظ أنه بالرغم من أن المادة (219) قد سمحت بتجزئة الاستفتاء على تعديل الدستور إذا اشتمل التعديل على أكثر من مادة وهذا حسن إلا أن المسودة لم تقدم اقتراحا مناظرا بالنسبة للاستفتاء على مشروع الدستور الحالى إعداده. ومن الواجب السماح بإخضاع مجموعة أو أكثر من مواد المشروع لاستفتاء منفصل حتى نزيل عن الاستفتاء على الدستور شبهة تحصيل الحاصل.

وليس من المفهوم لماذا لم تنص المسودة على انتخاب أو حتى تعيين نائب لرئيس الجمهورية للحلول محله إذا نشأ مانع مؤقت أو دائم يحول دون ممارسته لاختصاصاته. فقد أحالت المادة(141) مهمة القائم مقام الرئيس لرئيس الوزراء وهو معين لا منتخب فى حالة المانع المؤقت، ولرئيس مجلس النواب أو لرئيس مجلس الشيوخ فى حالة المانع الدائم. ويفضل استحداث منصب نائب الرئيس، على أن ينتخب المرشح للرئاسة والمرشح للنيابة عنه على بطاقة انتخابية واحدة.

ومن الأمور المهمة التى لم يرد ذكرها فى المسودة: النشاط الاقتصادى للقوات المسلحة الذى اعتبره أحد قادتها خطا أحمر لا يجوز الاقتراب منه. وفى تصورى أنه يلزم إضافة مادة تنص على ضرورة فصل الحسابات والموازنة الخاصة بهذه الأنشطة عن تلك المتعلقة بالنشاط العسكرى للقوات المسلحة، مع إخضاعها لذات القواعد المطبقة على شركات القطاع العام. ومن الأفضل أن يعهد بهذه الأنشطة إلى هيئات مدنية أو دمجها فى أنشطة الهيئات أو الشركات العامة المناظرة.

●●●

من الواضح إذن من فحص مسودة الدستور أن ثمة حاجة شديدة لإدخال الكثير من التعديلات عليها، وأن إنجاز هذه المهمة وما يصاحبها من حوار مجتمعى سوف يحتاج إلى مدة ليست بالقصيرة، وأنه من الخطورة بمكان اختزال هذه المدة بدعوى استباق حكم قد يصدر بعدم سلامة تشكيل الجمعية التأسيسية أو بدعوى الحاجة إلى الإسراع بإجراء انتخابات تشريعية وفق الدستور الجديد لتفادى المزيد من التعطل للآلة التشريعية. فذلك ينذر بإنتاج دستور مبتسر لا يرجى منه أى نفع.

ومما يعقد الأمور اتساع الخلاف حول أهلية الجمعية التأسيسية، ليس فقط بسبب الانتقادات الموجهة لتشكيلها، ولكن أيضا بسبب الخلافات بين أعضاء الجمعية حول أسلوب عملها؛ وهو ما دعا 17 من أعضائها للتبرؤ من المسودة الأولى. والواقع أن الوضع الراهن يتصف بالكثير من التوتر والاحتقان والاستقطاب ليس فقط بين القوى الإسلامية والقوى المدنية، لكن داخل العناصر المكونة لكل من هذه القوى أيضا. كما أن غياب مجلس الشعب، مع تعهد الرئيس بعدم استخدام صلاحيته المؤقتة للتشريع إلا فى أضيق الحدود، يعوق إصدار الكثير من التشريعات التى يمكن أن تهدئ من الاحتقان الحاصل وتتيح فرصا أفضل للتعامل مع الاحتجاجات الاجتماعية، وتوفر بعض الاستقرار، مثل قانون الحريات النقابية وقانون الجمعيات وقانون العدالة الانتقالية.

وقد طرحت فكرة الدستور المؤقت كمخرج من المأزق الراهن، وذلك بافتراض أن فكرة التأقيت يمكن أن ترحل النزاع حول القضايا الخلافية فى الدستور إلى مرحلة لاحقة. وهو افتراض محل شك، لغياب الثقة المتبادلة وحسن النوايا اللازمين لدفع الأطراف المتشددة للتنازل عن تشددها. والمفترض فى الدستور المؤقت أنه سيكون دستورا جزئيا بالنظر إلى تأجيل البت فى عدد من قضاياه. وهو ما يتعارض مع كون الدستور كيان متكامل الأجزاء.، وأنه لا يجوز للبلد أن يتعامل بنصف أو ثلاثة أرباع دستور. كما أنه ليس هناك ضمان لعدم تحول الدستور المؤقت إلى دستور دائم بحجة أن الظروف لا تسمح بإعادة فتح الأبواب للخلافات القديمة.

وفضلا على هذا كله، يمكن القول بأن لدينا بالفعل دستور مؤقت، ألا وهو الإعلان الدستورى المعمول به حاليا. ويمكن الانطلاق من هذه الحقيقة لحل يوفق بين التأنى المطلوب لإعداد الدستور وبين الحاجة لإنجاز التشريعات الضرورية. ويتمثل الحل المقترح فى تراضى السلطة الحاكمة والمعارضة على ادخال عدد من التعديلات على الإعلان الدستورى القائم بما يسمح بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية وفق معايير يتم التوافق عليها، والإعلان عن موعد قريب لإجراء انتخابات مجلس الشعب، وعن موعد أقرب للتوافق على قانون جديد لتنظيم هذه الانتخابات. وبذلك تنتقل سلطة التشريع من الرئيس إلى المجلس المنتخب وتبدأ الآلة التشريعية فى الدوران. وفى الوقت نفسه تبدأ الجمعية التأسيسية الجديدة عملها، على أن تأخذ الوقت الكافى لإعداد مشروع دستور يبنى على ما هو إيجابى فى المسودة الحالية ويسد ما فيها من ثغرات.

●●●
وبديهى أن الاتفاق على مثل هذا الحل يقتضى تصحيح العلاقة بين السلطة الحاكمة والمعارضة. ومما يساعد على ذلك تعهد الجميع باحترام الآليات الديمقراطية، وإقرارهم أن الساحة السياسية،بما فى ذلك الميادين، ليست حكرا لأى طرف، وإطلاق مبادرات من جانب السلطة مثل فك الارتباط بين جماعة الإخوان وبين حزب الحرية والعدالة والرئاسة، وتقنين وضع الجماعة، وكذلك مبادرة القوى المعارضة بتهدئة الأجواء والتخلى عن التصرفات الاستفزازية، والتركيز على مد الجسور مع الجماهير وعلى كسب تأييدها لبرامجها، باعتبار ذلك أول الطريق للتداول السلمى للسلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.