يطلقون عليهم سكان السلالم الخلفية، مواردهم قليلة لا تسمح لهم سوى بالسكن فى «السطوح»، رمسيس، جاردن سيتى، العتبة، وسط البلد، تتغير المنطقة ويبقى السطوح واحداً: مساحة كبيرة تحيطها غرف صغيرة يتكدس فيها سكان بسطاء اعتادوا رؤية القاهرة من ارتفاع يصل فى بعض الأحيان إلى 13 طابقاً، ليكتفوا برؤية الحياة التى عجزوا أن يكونوا جزءاً منها. «والله سعيدة جداً، وشايفة الدنيا حلوة، هو أنا هلاقى سكن أحسن من اللى أنا فيه».. سيدة أحمد، 70 عاماً، تسكن مع عائلتها فى غرفتين على سطوح عقار فى رمسيس، يطل مباشرة على محطة مصر. تزيد التجاعيد فى وجه السيدة المسنة وهى تضحك وتقول: «أنا من هنا شايفة الدنيا كلها.. كفاية الهوا اللى يرد الروح». يعيشون فى غرف ضيقة يصلون إليها عبر سلم حديدى منذ أن جاءت «سيدة» من الصعيد إلى القاهرة وهى تعيش على «السطوح»، 55 عاماً مرت لم يتغير فيها أى شىء، حتى ملابسها ولهجتها الصعيدية: «وزارة التأمينات نقلت زوجى من قنا إلى المركز الرئيسى للوزارة فى القاهرة، وقتها دورنا كتير على سكن على قدنا ملقناش إلا السطوح، الفلوس اللى كان بياخدها كان يدوب تكفى الأكل والشرب بالعافية». أنجبت سيدة 8 أبناء، 6 فتيات وولدين: «كلهم اتجوزوا، والحمد لله ساكنين فى شقق». لا ترضى صفاء محمود، كثيراً عن سكنها فوق سطوح عمارة برمسيس: «زمان كانت العمارات جديدة، دلوقتى الحال اتغير ومدخل العمارة اختفى بعد ما احتلته المحلات والمخازن»، تعيش «صفاء» مع والدها وابنها بعد أن توفى زوجها، يدفع والدها إيجاراً قدره 3 جنيهات فقط لصاحب العقار مقابل تأجير غرفة: «إحنا عايشين على معاش أبويا، بنصرف تلته على الأدوية عشان أبويا عنده جلطة ومش بيتحرك يعنى مانقدرش على إيجار الشقق اللى بالمئات». فوق سطوح عقار بشارع طلعت حرب تعيش «نادية» فى غرفة صغيرة مع أسرتها، تصعد إليها عبر سلم حديدى ضيق يسمح بمرور شخص واحد بمفرده: «أنا أقدم واحدة فى العمارة دى اتولدت هنا، أبويا كان بواب العمارة، بقالى هنا ييجى 40 سنة شفت فيها كتير، البلد كانت فى حال وبقت فى حال، وكل أحداث الثورة اللى مرت بيها البلد شفناها من هنا.. من فوق السطوح». الغرفة التى تعيش فيها «نادية» مع زوجها صغيرة لكنها ترضيها: «إحنا حالنا أحسن من غيرنا لأن جوزى برضه شغال بواب للعمارة، وبندفع إيجار زينا زى السكان، أجرة جوزى فى الشهر 150 جنيه، بندفع منهم 100 إيجار وال50 جنيه بنحاول نكمل بيها بقية الشهر.. ده لو عرفنا». رضا السعيد، يسكن سطح إحدى العمارات بمنطقة جاردن سيتى، عمله دفعه إلى البحث عن غرفة للسكن وفى الوقت نفسه تكون مخزناً لبضائعه، لم يجد سوى السطوح: «عايش هنا أكتر من 20 سنة، وفهمت حياة اللى ساكنين فوق السطوح أكتر من أى حاجة فى الدنيا».يشير الرجل الخمسينى إلى السطوح المميز، تصل عدد الغرف فيه إلى 62، كل غرفة لها لون معين، ورغم أن الغرفة الواحدة لا تتجاوز المتر أو المترين، إلا أن عدد ساكنيها لا يقلون عن 3 أو 4: «الغرفة هنا ب70 جنيه فى الشهر للناس القديمة اللى اتولدوا هنا، وب250 جنيه للسكان الجدد».