انتقلنا من مرحلة «مايصحش حد يشوفنا» إلى «وفيها إيه لما أعرفه وأحبه وأنا ماشوفتوش؟». اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعى حياتنا اليومية والسياسية والاقتصادية، بل وغزت حياتنا العاطفية. كان للزواج فى مجتمعنا العربى طريقتان لا ثالث لهما، الأولى ما يُعرف بزواج الصالونات، بأن يتقدم العريس عن طريق أحد من الأصدقاء والمعارف ويتم اللقاء بينه وبين العروسة، فإذا شعرا بالارتياح يتقدم للزواج منها، والطريقة الثانية هى الزواج عن حب، فقد يكون الولد صديقاً للبنت فى الدراسة أو العمل، لكن «فيس بوك» يقوم الآن بدور الخاطبة الإلكترونية التى جمعت قلوب من لم يتقابلوا إلا من خلاله. يحكى «محمود على»، 29 سنة، عن قصة حبه التى بدأت بإرسال طلب صداقة إلى إحدى المشتركات فى «جروب» على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» وتعرفا على بعضهما حتى تحركت لديهما مشاعر الإعجاب وطلب رؤيتها وشعر بقبول تجاهها وتزوجا، إلا أن ما يحدث بينهما من خلافات لا علاقة له ببداية تعارفهما، وفشل أى علاقة بدأت بنفس الطريقة لا يعود لبداية التعارف وإنما يرجع إلى القسمة والنصيب. منذ خمس سنوات كان عمر يقضى معظم وقت فراغه على الإنترنت، وأُعجب بصورة بنت كانت من الأصدقاء المشتركين لأحد زملائه، وبدأ يتعرف عليها، وبعدما قابلها لم يتغير الواقع عن تحدثها معه على الفيس بوك لأنها شخصية صادقة. «محمود» تعرف على زوجته من خلال مواقع التواصل الاجتماعى.. ودنيا: «كنت برفض الطريقة دى لحد ما حبيت» «أنا كنت ضد التعارف بالشكل ده خالص»، الجملة التى قالتها «دنيا إسماعيل»، 25 سنة، واستكملت: «ولكننى أرسلت طلب صداقة لأحد أصدقاء ابن خالى وبدأنا نتحدث كثيراً فى بداية العلاقة كأصدقاء، كل منا يحكى يومه للآخر وكأنه وسادة للراحة وكلمة طيبة بعد يوم عناء طويل، حتى رأينا بعضنا وبدأت تتحول العلاقة بشكل كامل إلى حب، ولم يختلف الواقع من التحدث على الفيس عكس ما يقول البعض من أنه عالم افتراضى، كانت الشخصية التى تحدثنى فى الواقع هى نفس الشخصية التى تراسلنى بالكتابة، حتى اقتنعت بأنه وسيلة للتعارف كغيره من الوسائل، وغالباً ما كنت أخشى أن يظن بى سوءاً وأننى أتحدث مع غيره كما أتحدث معه، ولكنه لم يشك بى ولو لحظة واحدة». وعندما سئل «طارق رمضان»، 20 سنة، كلية هندسة جامعة حلوان، عن رأيه قال: «إن التعارف بين الولد والبنت على الفيس أسهل من الطبيعة لأنه يساعد فى التغلب على الشعور بالخجل ويعطى مساحة أكبر فى التعرف على الطرف الآخر، ولكن قد يؤثر على البنت بشكل سلبى، خاصة إذا كان الولد يتحدث معها لتسلية فراغه وليس بهدف الحب». وهو عكس ما قالته «هدير محمد»، 19 سنة، كلية الإعلام، جامعة التكنولوجيا: «ليس غريباً أن يكون الفيس بوك وسيلة للتعارف، ولكن يجب أن يتم بصورة محترمة حتى يحدث تطور صحيح للعلاقة». «نظرة فابتسامة فموعد فلقاء».. لو أن أمير الشعراء «شوقى» موجود حالياً لكان أضاف لهذا البيت الشعرى «فيس بوك» هكذا رأى «محمد عبده»، 24 سنة، كلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر الشريف، واستكمل: «مواقع الدردشة بوجه عام وسيلة تعارف مثل أى وسيلة أخرى، والزواج فى النهاية قسمة ونصيب، فقد تنجح علاقة بدأت عن طريق الإنترنت وتفشل قصة حب دامت 10 سنوات والعكس». واتفقت «شيماء حسن» مع «سامية محمد» فى أن لكل وسيلة إيجابياتها وسلبياتها لأن هناك بعض الأشخاص لا يستطيعون التعامل على الطبيعة فيتحدثون وراء الشاشات ومن الممكن أن تجد الشخص المناسب، ولكن من ناحية أخرى نحن نعيش فى مجتمع شرقى تراقب فيه البنت على كل كبيرة وصغيرة، ومن الممكن مع أول خلاف بينها وبين الولد يقول لها «ده أنا اللى كنت شاقطك»، وكأن هذه المواقع شقة مشبوهة. كما أن التعارف على الإنترنت أصبح مألوفاً، فقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن 40% من الأفراد قد تعارفوا عن طريق الإنترنت، وتطور بهم الأمر بحيث استطاعوا التحدث بحرية أكثر دون خجل لعدم الوجود المباشر مع الشخص الآخر، ورغم مزاياه فإنه يُعتبر سلاحاً ذا حدين فهو يعتمد منذ البداية وحتى النهاية على مدى صدق الطرفين وجديتهما فى إكمال العلاقة، وهو ما يجعل الطرفين دائماً فى قلق حتى إتمام العلاقة.
