سبع سنوات بين الموت والحياة، شبّهه فيها الكثيرون بفرعون الذى أنجى الله جسده ليكون عبرة لمن بعده، مع غيبوبته وشلله التام وجسده الذى يتعفن وهو حى، ربما فى استجابة من الله لدعوات آلاف الآباء والأمهات والأبناء الذين تهجدوا إلى السماء طالبين القصاص الذى عجز أهل الأرض عن تحقيقه لهم بعد أن فقدوا ذويهم فى مجازره العديدة، بين قانا وصبرا وشاتيلا وغيرهما. سبع سنوات لم يتخذ فيها قراراً ولم ينطق كلمة ولم يحرك إصبعاً، ومع ذلك لا نملك إلا أن نحمّله مسئولية ما يحدث اليوم فى غزة، فقد كان آرئيل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق هو من قام بتنفيذ مخطط الفصل بين الدولتين، وذلك بالرغم من أن فكرة فصل المناطق الفلسطينية الآهلة بالسكان عن إسرائيل ليست بالجديدة، بل تعود إلى عهد رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إسحاق رابين عندما قال: «أخرجوا غزة من تل أبيب»، ولكن كلمات رابين لم تكن ذات تأثير حقيقى ونسيها الجميع، ثم عادت وظهرت مرة أخرى على لسان إيهود باراك أثناء رئاسته للوزراء عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، فصرح قائلاً: «نحن هنا وهم هناك»، ولكن لم تتحول الفكرة إلى واقع إلا على يد شارون الذى كان قد أعلن فى برنامجه الانتخابى عن استعداده للسماح بإقامة دولة فلسطينية على 42% من الأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة، ومع زيادة العمليات الاستشهادية اضطر شارون لتنفيذ وعده لتتمكن إسرائيل من عمل حزام أمنى يحميها من التجمعات الكبرى للفلسطينيين. وفى التاسع والعشرين من شهر مارس 2002 بدأت القوات الإسرائيلية عملية عسكرية واسعة النطاق فى الأراضى الفلسطينية أطلقت عليها اسم «السور الواقى»، قامت فيها باجتياح كامل للمدن والقرى الفلسطينية، وارتكبت أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطينى فى عملية أدخلت المنطقة مرحلة جديدة، وما أن مرت أيام قليلة على بدء هذه العملية حتى أصدر أوامره لتنفيذ الخطة، وخصص لها ميزانية كبيرة، وكانت هذه الخطة هى «الجدار العازل». ولا تُعتبر هذه الخطة الشيطانية غريبة عن شارون الذى يزخر تاريخه بالجرائم والمذابح، فبعد ابتعاده عن الحياة العسكرية اتجه للحياة السياسية، حيث حصل على عضوية الكنيست وعمل كمستشار أمنى لرابين، وشغل منصب وزير الدفاع فى حكومة بيجن. وخلال هذه الفترة، وبالتحديد عام 1982، تحالف مع الميليشيات اللبنانية المسيحية وقاموا بتنفيذ مذبحة صبرا وشاتيلا، وفى 28 سبتمبر عام 2000 تسبب شارون فى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية بإصراره على دخول المسجد الأقصى، مما أشعل غضب الشعب الفلسطينى، وعام 2006 أصيب بنزيف فى المخ أدى إلى جلطة يرقد على أثرها فى غيبوبة تامة.