شاهد، أعمال تركيب القضبان والفلنكات بمشروع الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع    الصين تُبقي أسعار الفائدة دون تغيير للشهر السادس رغم مؤشرات التباطؤ    ترامب يوقع قانونًا لنشر ملفات جيفري إبستين.. ويعلن لقاءً مع رئيس بلدية نيويورك المنتخب    حجبت الرؤية بشكل تام، تحذير عاجل من محافظة الجيزة للمواطنين بشأن الشبورة الكثيفة    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    زوار يعبثون والشارع يغضب.. المتحف الكبير يواجه فوضى «الترندات»    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    قليوب والقناطر تنتفض وسط حشد غير مسبوق في المؤتمر الانتخابي للمهندس محمود مرسي.. فيديو    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جسد السفاح شارون يتعفن ..
نشر في صوت الأمة يوم 30 - 03 - 2009

· بين حياة حافلة بالمجازر الدموية البشعة ونهاية لا تقل في دراميتها عن حياته يرقد آراييل شارون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق في أحد المراكز الطبية يعاني جسده التعفن، وتسيطر الأوساخ عليه، ليعيش - جثة - عالقة بين الحياة والموت.ترفضها الأرض كما ترفضها السماء، حتي لا يهنأ بالراحة مع المعاناة الجسدية، وكأنه عقاب إلهي لما اقترفه من مجازر بشرية في حق الفلسطينيين.
· الأطباء يطالبون الحكومة الإسرائيلية بنقله إلي مزرعته في صحراء النقب بعد أن امتلأ جسده بالعفن والأوساخ صلاة اللعنة قتلت رابين.. ويزعمون أنها قتلت جمال عبدالناصر وانقلبت عليهم عندما صلوها علي حسن نصرالله الصلاة يقيمها 10 حاخامات في جوف الليل علي أضواء الشموع السوداء.. وتنقلب عليهم إذا لم يعرفوا الملاك الذي يحرس النار!
هيام محمد أحمد
مايكل فارس
الحاخامات اليهود المتطرفون يصلون عليه صلاة اللعنة والهلاك يستجلبون بها نار جهنم من السماء لتكويه، قبل أن يلقي ربه وقبل أن يلقي عقابه السماوي يلقي عقابا مضاعفا في الأرض: المرض من جانب وصلاة اللعنة التي يقيمها الحاخامات من جانب آخر للانتقام منه.
ما بين بداية سطور حياة شارون ونهايتها كتاب حافل بالجرائم الدموية.
صلاة اللعنة التي أداها الحاخامات اليهود للانتقام من شارون أثارت جدلا واسعا داخل الأوساط السياسية والاجتماعية والدينية وكذا طالب المستشفي الذي يقيم به بالتخلص منه بنقله من مستشفي تل هاشومير «شيبا» - في تل أبيب- إلي مزرعته الخاصة داخل قرية هشكيم في صحراء النقب. مع إرسال ممرضة وحيدة معه لرعايته وذلك نظرا لما تحملته إسرائيل من أعباء مالية منذ دخوله في غيبوبة مستمرة منذ عام 2006، مما كلف إسرائيل أكثر من ستة ملايين شيكل «حوالي تسعة ملايين جنيه مصري».وهو الأمر ذاته الذي دفع الحاخامات للمطالبة بنقله من مستشفي تل هاشومير «شيبا» إلي مزرعته «هشكيم» في صحراء النقب، وإخلاء السرير الذي يحتله منذ ثلاث سنوات لينتفع به مريض آخر، وبذلك أصبح شارون شخصا منبوذا من المجتمع الإسرائيلي وقالها أحد الحاخامات صراحة إن شارون غير مرغوب فيه لا في الأرض ولا في السماء، لبقائه بين الحياة والموت منذ السادس من يناير 2006، عندما اصابته جلطة دماغية ادخلته في غيبوبة عميقة علي مدي سنوات ثلاث، مما أدي في النهاية إلي استياء الأطباء المعالجين والمرضي من حالته، ومطالبتهم لعائلته باستلام جثته من المستشفي ونقلها إلي مزرعته الخاصة وذلك لأنهم أصبحوا يتعاملون معه كجثة عفنة لفظت الروح، وأعربت إدارة المستشفي عن رغبتها الشديدة في إخلاء سريره في الرعاية المركزة لأنه لم يعد لديهم جديد يقدمونه إلي جثة أصابها العفن في أنحاء كثيرة من الجسد - الميت - كما انتشرت الأوساخ في جسده.
ولكن ما هي صلاة اللعنة، وما هي جذورها في الديانة اليهودية، ولماذا يصليها الحاخامات وهل أصابت الذين صليت عليهم باللعنة..وهل قتلتهم كما يزعم الحاخامات؟ وهل لاقت قبولا بين المؤمنين والملحدين داخل المجتمع الإسرائيلي؟ وهل يوافقون علي أداء طقوسها.. أم أنهم يعتبرونها جريمة؟ وماذا لو اصابت صلاتهم الشخص المقصود باللعنة - هل يعتبرونها عقابا من السماء؟ وهل يمكن معاقبة الحاخامات الذين يؤدون تلك الصلاة أو تقديمهم إلي المحاكمة بمقتضي القانون الإسرائيلي؟...
تساؤلات كثيرة ومثيرة للجدل اثارتها صلاة اللعنة - علي شارون - داخل المجتمع الإسرائيلي.
وبداية فإن اليهود يطلقون علي هذه الصلاة «بولسادي نورا» أو صلاة الضرب بسياط من نار، ويقولون إنها تصيب من تصلي عليهم باللعنة وتؤدي بهم إلي الموت السريع بصورة طبيعية، ويقال إن الحاخامات الذين يؤدون تلك الصلاة هم أناس صوفيون يهتمون بالحكمة الباطنية ولديهم القدرة علي جذب النار من جهنم ويضربون بها المخطيء من خلال تمتعهم بقوي خفية روحانية يسلطونها علي الشخص المقصود فتصيبه لعنتهم.
وفي الأدبيات اليهودية يقصد بها إنزال عقاب سماوي علي شخصية مغضوب عليها، وتشير أدبيات حكماء اليهود القدامي إلي أن الرب عاقب بها عددا من الملائكة والأنبياء منهم جبريل - كما يزعمون - لأنه وقف مكتوف الأيدي أثناء خراب أورشاليم.
ويقولون إن الرب عاقب بها النبي الياهو، لأنه أفشي أسرارا كان ينبغي عليه الاحتفاظ بها.
ويشير كتاب التصوف اليهودي إلي أنها صلاة تهدف إلي عقاب المخطئين من الملائكة والبشر، ولكن إذا كانت الديانات السماوية تدعو إلي المحبة والسلام، فهل هناك ديانة تدعو للانتقام من البشر أو الملائكة؟ الأمر حقا مثير للدهشة، وان كان شارون يستحق الإعدام ألف مرة في ميدان عام نظرا لما ارتكبه من مذابح في حق أطفال فلسطين ونسائها وشيوخها في صبرا وشاتيلا وقرية قيبية وغيرها من المجازر.
صلاة اللعنة التي أقامها الحاخامات للانتقام من شارون لم تكن الأولي من نوعها في مواجهته فعندما أبرم اتفاق الانسحاب من غزة أقام الحاخامات صلاتهم طلبا من الرب الانتقام منه، لأنهم كانوا يرون أن الانسحاب من غزة يهدد أمن وسلامة إسرائيل، والأكثر من ذلك أنهم أهدروا دمه بفتوي دينية، فأصبح من حق أي يهودي قتل شارون، وهي فتوي أصدرها الحاخامات المتطرفون والتي استخلصوها من الكتب القديمة، وسبق لهم إصدار فتوي مشابهة عام 1995 بإهدار دم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين بزعم أنه عرض حياة اليهود للخطر بسماحه للشرطة الفلسطينية بحمل السلاح تنفيذا لاتفاق «أوسلو» ليلقي رابين مصرعه علي يد متطرف يهودي تنفيذا للفتوي، وربما استجابت السماء لصلاة اللعنة التي أقامها الحاخامات في ذلك الوقت ليلقي رابين مصرعه بعد شهر منها.
ومن قبل وتحديدا في عام 1959 أقام ثلاثة من القضاة الحريديم صلاة اللعنة والانتقام في مواجهة رئيس بلدية القدس جرشون أجرون ومات أمام منزله بعد اقامتهم الصلاة بأسبوعين.
وفي عام 2006 أقام الحاخامات ذات الصلاة ضد ايهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، وبعدها بأسبوعين اشتعلت حرب لبنان الثانية واطاحت بمستقبله السياسي.
ولكن من الذي يقيم تلك الصلاة، وما هي طقوسها ومن يؤديها.. الحكاية أن طقوس هذه الصلاة لابد أن تتوافر لها شروط، وعلي رأسها أن الذين يقيمونها هم عشرة من رجال التصوف اليهودي، يجتمعون في جوف الليل، يضيئون شموعا سوداء، ويشترط فيهم التمتع بالعدل والصدق، وهذه الصفات لابد توافرها في الكهنة ليتمكنوا من إلحاق اللعنة والأذي بالشخص المقصود.
ويؤدي المتصوفة اليهود صلاتهم عندما لا يكون أمامهم خيار سواها، لردع الشخص الذي يريدون الانتقام منه، وذلك عن طريق تلك الصلاة.
أما إذا كان الحاخامات لا يتوافر لديهم العدل والصدق، فإن لعنة نار جهنم تصيبهم وتنقلب الصلاة عليهم، كما أنهم مطالبون بمعرفة الملاك الذي يحرس النار وإلا انقلبت النار عليهم.
ولكن كيف ينظر القانون الإسرائيلي لتلك الصلاة؟
المستشار القانوني ل «إسرائيل» عرضت عليه القضية لبحثها وما إذا كان يمكنه تقديم من يؤدونها إلي المحاكمة فقرر عدم محاكمتهم واستند في رأيه إلي أنهم لا يلجأون إلي إنسان لإلحاق الأذي بآخر، ولكنهم يلجأون إلي الرب واعتبر ذلك نوعا من التعبير وحرية الرأي.
أما الكتاب الإسرائيليون فهم يرون أن صلاة اللعنة ليست سوي تقليعة إسرائيلية مستحدثة اخترعها بعض رجالات الأحزاب ورجال الدين.
وقالوا إنها ليست طقسا من الشريعة اليهودية، وأشارو إلي أنها ظهرت مع بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، عندما بادرت جماعة «ناطوري كارتا» بأداء تلك الصلاة ضد إحدي الشخصيات العامة ومنذ ذلك الوقت تؤدي الصلاة لأهداف سياسية، وتحولت فيما بعد من مناجاة الله إلي مناجاة وسائل الإعلام بهدف التأثير علي الجمهور، وهو الأمر ذاته الذي فعله الحاخام يوسف ديان بعد انتهاء مفاوضات رابين في أوسلو، عندما ظهر علي التليفزيون الإسرائيلي مهددا بإقامة صلاة اللعنة والهلاك ضد رابين لأنه يقضي بهذا الاتفاق - ومن وجهة نظره - علي حلم إسرائيل الكبري، وهو نفس الحاخام الذي أقام الصلاة ضد شارون.
ويزعم الحاخامات المتطرفون أنهم أقاموا صلاة اللعنة علي الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بهدف الخلاص منه لتصريحاته النارية في مواجهة إسرائيل، ولقوله «سنلقي بإسرائيل في البحر» وغيرها من المواقف التي أصابت العدو الإسرائيلي بالذعر والهلع، وكذا أقاموا ذات الصلاة ضد حسن نصرالله أثناء الغزو الإسرائيلي للجنوب اللبناني، إلا أنها لم تصبه بأي أذي بل أصابتهم صلاتهم باللعنة والهزيمة والانسحاب المخزي من الجنوب اللبناني، بعد أن لقنهم نصرالله درسا يستحق الدراسة في حرب الشوارع، والتي أذلهم من خلالها فأسر جنودهم قبل الحرب وأثنائها.
ومن الأمور التي أثارت استياء المستشفي الذي يتلقي فيه شارون علاجه عدم جدوي بقاء الجسد الميت وأن المستشفي لم يعد لديه ما يقدمه، إضافة إلي أن جلعاد شارون «ابن الجزار» يستغل غرفة الرعاية المركزة لإدارة أعماله من خلالها رغم أن المستشفي في حقيقته مركز خيري، إضافة إلي احتلال قوات الحراسات الخاصة للعديد من غرف المركز الطبي علي مدي 24 ساعة وكذا أبدت إدارة المستشفي استياءها نظرا لكاميرات المراقبة المنتشرة في كل مكان في المستشفي والتي يعتبرونها اعتداء علي خصوصية مرضاهم.
كما طالب رئيس جمعية أوميش الخيرية - أريا أفنري - بتوقف إسرائيل عن دعم علاج شارون والذي يكلفهم مليوني شيكل سنويا، أي أنه كلفهم ستة ملايين شيكل علي مدي ثلاث سنوات، وبذلك أصبح شارون مرفوضا من رجال الدين والأطباء - أصحاب الرسالة الإنسانية - ومن المجتمع الإسرائيلي غير مرغوب فيه في الأرض من الناس وغير مرغوب فيه من الرب في السماء.
ومما يذكر أن شارون عندما اصابته الجلطة الدماغية والغيبوبة العميقة كان مقدرا له البقاء في المستشفي لمدة ثلاثة أشهر فقط، من قبل الأطباء إلا أن اقامته امتدت إلي ثلاث سنوات أصبح خلالها شخصا ملفوظا من مجتمعه.
ورغم ذلك فإن عائلته مازالت متمسكه بالأمل وتزعم أنه لم يغادر الحياة بعد ، وأنه يحس بهم أثناء زيارتهم له ويشعر بمن حوله ويصدر إشارات تنبئ عن احساسه بهم وربما يرجع تمسك شارون بالحياة لطبيعة شخصيته الصلبة القوية التي عرف بها منذ صباه حينما شعر برفض الآخرين له، تلك الحقيقة، وذلك الدرس الذي تعلمه في مقتبل عمره دفعه للاعتماد علي نفسه دون الالتفات إلي الآخرين أو انتظار العون منهم وهو ذات الدرس الذي حرص علي تذكير نفسه به طيلة حياته ولأنه كان يعلم يقينا أنه شخص مكروه بين أقرانه فلم يكن ينتظر الحب من الآخرين، ولعدم إيمانه بالحب تحول شارون إلي وحش كاسر في حياته يحطم من حوله لا يدين لأحد بالولاء وقيل أن بن جوريون - أول رئيس وزراء لإسرائيل - كان يخشاه خصوصا عندما علم بقسوته البالغة التي تعامل بها مع سكان قرية قيبية الأردنية، والتي شهدت أول مذبحة يقودها شارون ضد الشعب الفلسطيني عندما حصدت رصاصاته عشرات الأطفال والنساء والعجائز بقلب بارد، وفيما حاول بن جوريون التنصل أمام الرأي العام العالمي من الجريمة، كان شارون يفخر بجريمته بقوله أنه علي العرب أن يفهموا أن دماء اليهود غالية.. وليذهب العالم كله إلي الجحيم»!!
وربما كانت الحكمة التي اتخذها في حياته أن أحدا لن يساعده هي ذات الحكمة التي يستمد منها شارون تمسكه بالحياة، بعد أن يئس الأطباء من شفائه، وهو الأمر الذي أثار حوله العديد من التساؤلات عن سر بقائه حتي الآن معلقا بين الحياة والموت، علي مدي ثلاث سنوات دون أن يفيق نصف أو ربع إفاقة ولو لمرة واحدة... والأكثر من ذلك إنه أجريت له عدة عمليات جراحية اثناء غيبوبته الطويلة، إضافة لتعاطيه مضادات حيوية مكثفة لا يقوي حصان أو بغل علي تعاطيها دون أن تفقده حياته.
ولأنه رجل قوي أدار شارون صراعاته داخل المؤسسة العسكرية منذ انخراطه في الهجانة - مؤسسة الدفاع الإسرائيلية - بالسخرية من منتقديه ودائما ما كان يواجه اللوم الذي يوجه له عن أدائه حال تقصيره في مهامه العسكرية بالاستخفاف والثورة، لاعتقاده أن منتقديه حاقدون عليه، ولا يعترفون بعبقريته، كما لم يجرؤ قادته عقب خوضه إحدي المعارك في ممر مثلا أثناء حرب يونيو 67 عندما تسبب في قتل أكثر من 40 جنديا إسرائيليا، اضافة إلي سقوط 110 جرحي دون دواع عسكرية.
وفي الوقت ذاته كان لدي شارون شعور قوي بالاضطهاد، ومما يؤكد ذلك أنه كان يتوقع بعد تنفيذه لعملية الثغرة - غرب قناة السويس اثناء حرب أكتوبر ان تكافئه إسرائيل علي جسارته، إلا أنه تلقي النقد من رؤسائه بعد تركيزهم علي استعراضه للقوة، وقتله أكبر عدد من جنود المصريين دون الاعتناء بالأ'همية العسكرية لما يفعله بينما كان يري شارون أن الثغرة أخرجت إسرائيل من أسوأ هزيمة في تاريخها - إن كان لها تاريخ - بزعمه أن الثغرة دفعت السادات إلي توقيع اتفاقية السلام.
ورغم تمسك عائلته بالأمل إلا أنها استعدت إلي النهاية الحتمية لنهايته بشراء مقبرة، وخاصة عندما أعلن الأطباء اقتراب نهايته بعد أن تعفن جسده وامتلأ بالأوساخ.، وبعد التعامل معه بإعتباره جثة فاقدة للحياة، ليرفضه المستشفي الذي يقيم فيه، بينما ترفض السماء استقبال روحه، وهو الأمر الذي دفع الحاخامات لقولهم إنه شخص مرفوض في الأرض والسماء..
كما يواجه شارون معارضة عنيفة من الحاخامات المتشددين الذين أقاموا ضده صلاة الهلاك واللعنة، فإن المجتمع الإسرائيلي يرفض دفنه داخل مزرعته إلي جوار زوجته في صحراء النقب لأنها أرض غير مخصصة للبناء، لإعتبارهم دفن زوجته حدثا استثنائياً لا ينبغي تكراره مع شارون، حتي لا يتحول الأمر إلي عرف يجيز لأي مواطن أن يطالب بالدفن في مكان مماثل.
وعن حياته الاجتماعية، فقد تزوج شارون مرتين، وتوفيت زوجته الأولي في حادث سيارة عام 1964، أما الثانية فتوفيت عام 2004 بمرض السرطان، والزوجتان شقيقتان، وترددت شائعات أن شارون كان سببا غير مباشر في موتها، وأن السيارة صدمتها بعد اكتشافها خيانته لها مع اختها "ليلي" الزوجة الثانية، وانها قادت سيارتها تحت تأثير صدمة نفسية عنيفة.
ولكن ماذا عن حياة شارون الاجتماعية ومولده وطفولته وجذور عائلته والمجازر التي ارتكبها في حياته .. وهل كانت نهايته عقابا من السماء لما اقترفته يداه من جرائم؟
السطور التالية توضح لنا الكثير عن حياته الشخصية..
ولد شارون لأب بولندي هو صموئيل مردخاي شرايبر في عام 1928 في قرية كفار ملاك بفلسطين أيام الإنتداب البريطاني، أما والدته فهي ريفور اشينروف الروسية، وتزوج والداه في روسيا.
أما جده - لوالده - مردخاي فكان يعمل مدرسا للغة العبرية في مدينة برست لينوفس في روسيا القيصرية، وكان صهيونيا نشيطا، وانتقل إلي فلسطين 1912 ليدرس العبرية لأطفال المهاجرين اليهود في فلسطين، وينشر الفكر الصهيوني بين آبائهم، واستقر في تل أبيب، ولقن ابنه صموئيل - والد شارون - مبادئ وتعاليم الصهيونية والتوراة، والذي عمل مزارعا والتحق بكلية الزراعة، وفي الجامعة ألتقي صموئيل بديفورا الطالبة بكلية الطب وتزوجا في مدينة تفليس في روسيا، وعندما قامت الثورة البلشيفة تحرك الجيش الأحمر الي مدينةة تفليس وكان الشيوعيون يعتقلون الصهاينة، مما دفع والد شارون للهروب مع زوجته في فبراير 1922 إلي فلسطين، وظل صموئيل يحكي لشارون قصصا تزيد كراهيته للعرب، مما دفع شارون إلي حمل السلاح في عمر 10 سنوات مع أهل قريته للمشاركة في عمليات الحراسة الليلية، وكان يبحث عن العرب الذين يهددون حياة المستوطنين لقتلهم.
وفي الرابعة عشرة انضم إلي عصابات الهجانة التي سبقت تأسيس الجيش الإسرائيلي عام 1945، وهي المسئولة عن تهجير العرب من فلسطين.
وفي شبابه انضم إلي لواء الكسندروني في شرطة البلديات العبرية 1948، وعين قائد سرية عام 1949، كما عين ضابطا للمخابرات 1951، وتولي وحدة العمليات الخاصة 1953 وهي وحدة خاصة بالمتطوعين الإسرائيليين المحكوم عليهم بالسجن لمدة طويلة، وكان علي رأس مهامها الهجوم علي مخيمات اللاجئين، وأشهر عملياتها مجزرة قيبية، والتي راح ضحيتها 69 فلسطينيا وهدم فيها 41 منزلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.