تنتفض ذكرى أي إجراء داخلك عندما تنفذ الروح منه، ولأنه انتهى تتلذذ أنت في "ماسوشية" غريبة بمتعة نهايته، وكأن ذاك الشيء الذي انتهى ينتمي إلى تاريخك الذي لا يتركك، وكأنك موصوم بعاره أو مقرونا بعزه، تنتشي بأنك فعلته وأنه انتهى على يديك، ثم تلوم الظروف التي جعلته ينتهي ثم تمني نفسك ببداية جديدة له لينتهي من جديد!. مقدمتي غير واضحة المعنى، إلا لكل ذي فلسفة خاصة، هي أيضا تدعوني للفخر والتلذذ ب"فذلكتي"، حتى لو لم يفهم المقصد منها غيري كالعادة، أنا محب ل"التكلف" وعاشق للتمرد بألفاظي على علوم الجهلاء الزاحفين إلى القمة.. زاحفون إلى القمة رغم جهلهم، وفائقون رغم عدم قدرتهم على "الفذلكة" مثلي، وسائرون في النجاح رغم أنهم تربوا سنوات على الفشل الإدراكي، والانحطاط الفكري وربما الأخلاقي أيضا. سعيد الآن بفشلي أمامهم، لأن هذا الفشل يمنحني فرصة عظيمة في أن أصب جام غضبي عليهم، إذ أني وللعجب لو نجحت مثلهم لذهبت العلة ولانقضى السبب وضاعت اللعنة التي أطاردهم بها.. مغرم أن أكون معذبا بعدم الوصول رغم قدرتي، ومنتشي أنا بأن هناك من شل قدراتي تلك، وبأني رغم ما أملك من قدرات حية لا أجد من يقدر ذلك أو يزنه ميزان العدل قدر قيمته، سعيد أنا أن الزمن يفتقر لذي عقل قادر على استيعاب أصحاب المواهب وتقدير وجودهم. في زماننا أرباب مصالح كثر، وأصحاب آيات مبصرة في النفاق، ومريدون ومداهنون وخونة، وهناك من هم مثلي ومثلك، ممن يفرحون بوجود هؤلاء لأن وجودهم دليل على وجود مضاداتهم، ولأن تطاول هؤلاء في البنيان إشارة لبزوغ فجرك، وعلامة لتحرر أبناء جيلك من أذى متسولي السلطة، وخافضي الرايات خضوعا لنجاح ضائق الأفق، محدود الزمان والأثر. المقال أخرجت فيه لساني كثيرا، لأني أكتبه مدعيا العظمة، لأفرغ فيه طاقة كبيرة من الضحك المكتوم داخلي.. المقال "مالوش لازمة" كوجودي تماما.. ولأني لم أكلف نفسي عناء التغيير في واقعي المقيت، واكتفيت بتقريع الفائقين عني نفاقا وزورا، فوجودي "عدم"، وكلماتي هباءً منثورا، لكني رغم كل شيء سعيد ب"فذلكتي"، التي تطهرني نفسيا بين حين وحين!.