في العدد السابع للسنة السابعة من مجلة تان تان الشهيرة التي كانت تصدر مترجمة أسبوعياً في مصر في السبعينات،وتنشر قصص الكومكس لأساطير الكومكس في العالم، نشر باب بريد القراء قصة رسمها وألفها شاب صغير اسمه نبيل فاروق رمضان، وفي نفس الصفحة قصيدة شعرية لشاب اسمه أحمد خالد توفيق. فيما بعد سيعتزل نبيل فاروق الرسم والطب، ليتفرغ لصناعة بطل يلتف حوله الشباب العربي من المحيط إلى الخليج، وسيكف أحمد خالد توفيق عن كتابة الشعر بعد أن يكتشف أن أمل دنقل يكتب ما يريد أن يكتبه، قبل أن يركز في أدب الرعب وما وراء الطبيعة ليصبح رائده في مصر والعالم العربي، ومن هنا تبدأ الحدوتة التي تعرفها أجيال تربت على بطولات أدهم صبري ضابط المخابرات المصري، (ن- 1) الذي سيلقب برجل المستحيل، ونور الدين محمود وفريقه الذين يقرؤون ملف المستقبل ويحلوا ألغازه وكلا الشخصيتين من إبداع طبيب الأطفال الذي هجر الطب نبيل فاروق الذي سيحبس أنفاس قراءه ويغيظهم بعبارة شهيرة هي (البقية العدد القادم) ، وهي نفس الأجيال تقريباً التي تربت فيما بعد على حكايات وأساطير أستاذ أمراض الدم العجوز رفعت اسماعيل الذي يهدم الأساطير، ويغوص في عالم ما وراء الطبيعة، وعبير التي تعيد حكي أجمل قصص العالم بعد أن يلقي بها المرشد فيها كأحد أبطالها في فانتازيا راقية لم تقدم في مصر من قبل، ود.علاء عبد العظيم الذي يجاهد لكي يكون طبيباً في أحراش أفريقيا، في سلسلة روايات جيب طبية لدرجةمرعبة ،ومع ذلك قادرة على الاحتفاظ بقارئها. نبيل فاروق واحمد خالد توفيق كاتبان من طراز مختلف لو أن أحدهما أو كليهما في بلد أخرى لنال تكريماً على مسيرته التي ربت أجيالاً وكانت السلمة الأولى في طريق عشقهم للقراءة بلغته الراقية والسهلة الممتنعة، كنت أحد من تربوا على أعمال الكاتبين الكبيرين، وقابلتهما وانا (عيل) يعمل مراسلاً صحفياً ناشئاً في مجلة سمير (رحم الله أيامها وسامح من دفنها بالحياة) لتنشأ علاقة صداقة ومودة وتلمذة بيني وبينهما مستمرة حتى الآن، أكتشفت من خلالها كيف أن الإنسان أحياناً له نصيباً من اسمه، فنبيل نبيل، وأحمد سيظل خالداً عند قراءه بما كتب، ودشن من أدب مختلف. وبغض النظر عن اختلاف البعض مع أي من آراء الكاتبين الكبيرين بعد الثورة، لاسيما د.نبيل فاروق الذي سبح ضد التيار، ودافع عن جهاز وطني ارتبط به كثيرون عاطفياً وهو جهاز المخابرات العامة الذي اهتزت صورته كثيراً بعد الثورة لأسباب ليس هذا مجالها، إلا أن هذا المقال الذي هو بدون أي مناسبة فرصة لتحية اثنين أثرا على أجيال وأجيال من المصريين والعرب، وفرصة لتذكر الرجل الذي أعطاهما هذه الفرصة الراحل حمدي مصطفى، وفرصة لكي تستعيد أحلى ذكرياتك معمها، ومع زملائهما الذين نفتقدهم ونفتقد معهم براءتنا حين بدأنا القراءة، فتحية لنبيل فاروق وأحمد خالد توفيق وشريف شوقي وخالد الصفتي وغيرهم من هؤلاء الذين كلما تذكرناهم ابتسمنا في شجن، وتذكرنا براءتنا الأولى.