في فجر يوم السادس من أكتوبر 1973، تردد صدى آيات الرحمن في أرجاء مصر، عندما أطلق القارئ الشيخ محمد أحمد شبيب صوته العذب في تلاوة تُعتبر من أبرز لحظات التاريخ المصري.. وبآيات من سورة آل عمران، أضفى «صوت السماء» على اللحظة روحًا من النصر والطمأنينة، وكأنّما كانت كلمات الله بمثابة بشارة لقرب انتصارات العزة والكرامة. «قارئ النصر» هكذا لُقّب الشيخ شبيب، ليس فقط لتلاوته الملهمة في ذلك اليوم المجيد، بل لكونه رمزًا للإيمان والثبات في وجه التحديات.. رحلته من قريته الصغيرة في دنديط إلى قمة الشهرة تُعبر عن شغفٍ عميق بالقرآن الكريم، وقصة كفاحٍ ملهمة تُخلّد اسمه في ذاكرة الشعب المصري. ونستعرض خلال التقرير التالي تفاصيل حياة هذا القارئ الفذ وتأثيره الذي لا يزال يتردد صداه حتى اليوم. محمد أحمد شبيب قارئ النصر في فجر يوم السادس من أكتوبر عام 1973، تلا القارئ الشيخ محمد أحمد شبيب «ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون» آيات بينات من سورة «آل عمران»، أطلق عليها فيما «آيات النصر»، واقترن اسمه بنصر أكتوبر المجيد، إذ اعتبرها المصريون بعد تحقيق الانتصارات في حرب أكتوبر المجيدة، بالإشارة الربانية على لحظة النصر. وُلد الشيخ محمد أحمد شبيب في قرية دنديط بمحافظة الدقهلية عام 1934، وكان والده محبًا للقرآن الكريم، لذا حرص على تنشئة ابنه نشأة دينية، ومساعدته على حفظ القرآن كاملًا، لذا أرسله إلى بلدٍ في ميت غمر تضم عددًا من المشايخ الكبار في تلك الفترة. وفي عام 1951، التحق شبيب بمعهد الزقازيق، واشتهر بتلاوة القرآن بصوتٍ عذبٍ، فتمسّك به مشايخ المعهد، وطلبوا منه أن يفتح لهم اليوم الدراسي بالقرآن، إضافة إلى مشاركته في جميع الاحتفالات التي تقام بمحافظة الشرقية عن طريق الأزهر الشريف. فيما بعد أصبح الطالب محمد أحمد شبيب محل ثقة، وامتدت شهرته لمحافظات عدة حتى ذاع صيته في الوجه البحري، ومن ثم تتلمذ شبيب على يد الشيخ محمد إسماعيل، وحفظ القرآن الكريم كاملًا بالتجويد، وفي الكبر صاحب العديد من العلماء وكبار رجال الدين. إصابة في الحنجرة وفي ستينيات القرن الماضي أُصيب شبيب بالتهاب قوي في الحنجرة، كاد أن يفقده صوته العذب في تلاوة القرآن الكريم، لكن بعد علاجه عادة مرة أخرى، وذاع صيته في الإذاعة المصرية؛ ليلقب فيما بعد بقارئ النصر في أهم يوم بتاريخ مصر، بعد إذاعة تلاوته التي قيل عنها أنها أبكت المصريين. وفي عام 2012 رحل الشيخ محمد أحمد شبيب عن عمر ناهز 74 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا من التلاوات الرائعة للقرآن الكريم.