مؤخرًا أطل علينا الشيخ ياسر برهامي القيادي بالدعوة السلفية، في تصريحات صحفية، مُعترفًا فيها بما ظل محتفظًا به في قلبه، أو بالأحرى ما كان حريصًا على إخفائه، لمدة تقترب من العامين، أعلن الرجل مؤخرًا أن هناك أكثر من ثلاثة آلاف عضو من حزب النور السلفي، نزلاء بالسجون منذ ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013. وإمعانًا في التمويه والالتفاف حول الموضوع، قفز "برهامي" على أشياء كثيرة مرتبطة بتلك الخفايا متعمدًا تجاوزها، منتهزًا فرصة إعلان الرئيس السيسي أن هناك دفعات أخرى من الشباب النزيل بالسجون، سيتم الإفراج عنهم قريبًا، وقال "برهامي" إن الدعوة السلفية ستطالب الحكومة بالإفراج عن أولئك المحبوسين من أعضاء حزب النور! لم يكشف لنا "برهامي"، أسباب القبض على أولئك المحبوسين، ولم يقل ماذا فعلوا كي يتم القبض عليهم، ولم يقل لنا "برهامي" لماذا سكت هو وقيادات حزب النور، طوال هذه المدة ولم يعلنوا التبرم أو الرفض أو حتى العتاب للسلطة الحاكمة، جراء قيامها بالقبض على ثلاثة آلاف عضو من أعضاء حزب النور، أيضًا لم يقل لنا "برهامي" أن عدد المقبوض عليهم من حزب النور هو ثلاثة آلاف شخص عدا وحصرًا، أم هم أكثر أم أقل؟! الحقيقة أن هذا التصريح من الشيخ برهامي يكشف عدة أمور مهمة، أبرزها تلك الانتهازية التي يتعامل بها قادة الدعوة السلفية وحزب النور دومًا مع أي نظام حكم، ويكشف أيضًا أن "برهامي" وباقي قيادات الدعوة السلفية وحزب النور، مخيون وبكار وغيرهم، وفي إطار هذه الانتهازية، حاولوا تقديم أنفسهم كبديل للإخوان المسلمين، الإخوان الذين أدخلوا الدين في الدنيا والإرهاب في الممارسة السياسية وأثبتوا عمالتهم لأي دولة أو كيان طالما أنه ضد الدولة المصرية، لقد اتفق قادة الدعوة السلفية، باتفاق واضح ومتعمد، على اتباع سياسة "التقية" مع دولة ما بعد ثلاثين يونيو، وهو مبدأ معروف في سلوك الجماعات المتمسحة بالدين وهو المجاهرة بما لا يجيش بصدورهم، مهادنة مع السلطة، سعيًا لتحقيق أي مكاسب، أو أملًا في الفرار من الصدام أو الاستهداف! لم يترك كل قادة حزب النور والدعوة السلفية، مناسبة منذ الثلاثين من يونيو عام 2013، إلا وكانوا يصرخون خلالها وبأعلى الصوت بالهجوم الإخوان وسلوكهم، محاكاة للغة الخطاب السائدة بين الأوساط الإعلامية المؤيدة للثلاثين من يونيو، وهو للأسف نهج حق ولكن يراد به باطل، وكان قادة الدعوة السلفية وحزب النور السلفي في ذات الوقت يعلنون تأييد السبيل الذي اختاره غالبية الشعب المصري وأيَّده الجيش وقائده، ليس اقتناعًا وإنما بهدف الحصول على ما يعتقدونه قطعة من "كيكة" السلطة، إدراكًا منهم أن السلطة الجديدة ربما لا تستطيع المجاهرة بمواجهة ما يوصف بالتيار الإسلامي بكافة فصائله! .. وظن أولئك الانتهازيون من السلفيين أنهم يستطيعون السير في نهج الخداع إلى ما لانهاية، ولكن هيهات، فقد شاء المولى أن يفضحهم ويكشفهم، وكان هذا الافتضاح بلسان زعيمهم المختار ياسر برهامي!