رحلة خاضاها معا بعدما تمسكا بأمل كان ليكون زائلا إذا ما سمعا لكلمات من قالوا لهما يوما إن رحلتهما من القاهرة إلى الإسكندرية دربا من دروب الخيال، مصُرين على طريقهما حالمين بالوصول بعدما ضاقت بهما السبل أن تتبنى إحدى الشركات رحلتهم وتكون راعية لهم. ميلاد مجدي وأندرو يوسف، شابان مصريان قررا بين عشية وضحاها أن يستخدما أقدامهما للسير دون الاعتماد على وسائل المواصلات التي اعتاد غيرهما عليها، الاختلاف والإصرار وحدهما كانا ربانهما في رحلتهما، عقدا العزم للوصول إلى وجهتهما حتى كُلل تعبهما بالنجاح بعد 41 ساعة مشيا على الأقدام. "الناس كلها كانت ضدنا ولفينا على شركات كتير علشان نعمل سبونسر لرحلتنا بس كله نفضلنا".. كلمات بدأ بها ميلاد مجدي الشاب العشريني حديثه مع "الوطن"، ليوضح أن الجميع كانا ضده هو وصديقه في رحلتهم التي بدأوا في تحقيقها، ليضيف أن القرار جاء فيما بينهما أن يفعلوها دون الحاجة لأي شخص. يوضح مجدي تفاصيل رحلته هو وصديقه، قائلا "ابتدينا يوم 18 يونيو الساعة 4 الفجر وتحركنا لحد شبرا الخيمة لحد طنطا ومشينا 80 كيلو، وكنا بنمشي 4 ساعات ونريح نص ساعة"، ليضيف "اتعرفنا على ناس كتير في الطريق وناس كتير سألتنا إنتوا بتعملوا كده ليه". وصل الشابان إلى مدينة طنطا في تمام الساعة 7.30 صباح اليوم الأول وقاما بالحجز في أحد الفنادق حتى قاما بإراحة أبدانهما ليواصلا المسير في الساعة ال5 عصرا ويصلان إلى مدينة دمنهور بعد ساعة كاملة. تعجب كل من عرف بتلك المغامرة غير المحسوبة من وجهة نظرهم، لينظر إليهما كل من قابلهما شذرا غير مدركين أن شابين استطاعا السير مسافة 147 كم حتى سجلوا تلك اللحظات مع أهالي المنطقة ليخبروهما أن الحلم لا يكون صعبا إذا بدأت في تنفيذه. "استفدت كتير من الناس اللي قابلتها في الطريق وكان عمري ما هقدر أقابلهم لو كنت راكب المواصلات أو الميكروباص" كلمات أوضح بها مجدي ما عاد عليه من رحلته التي قرر البدء فيها، ليضيف أنه استطاع التوصل للعديد من المعلومات حول المناطق التي مر عليها المختلفة نسبيا على الثقافة القاهرية، ليشير إلى أنه اضطر إلى المبيت يوما في "بيوت شباب" تتبع جمعية بيوت الشباب والتي وفرت له سرير ليوم بمبلغ 7 جنيهات، ما أثار دهشته بالنسبة لارتفاع ثمن الفنادق الأخرى. "الفكرة كانت مجنونة وفجأة لقينا الناس كلها بتقولنا مش هتقدروا تعملوها وكنا عارفين إنها متعبة بس لما الناس قالتلنا مش هنقدر نعملها قررنا نعملها ومشينا في الطريق الزراعي".. كلمات قالها أندرو يوسف الشاب الثاني في الرحلة، ليضيف أن السفر سيرا على الأقدام كان أصعب مما تخيلاه ولكنهما استطاعا الوصول إلى نهاية المشوار. يضيف يوسف قائلا "كنا بننام في وسط الصحراء بس ده لإننا كنا عايزين نتعرف على ثقافات تانية"، موضحا أنهما قالا في رحلتهما على العديد من المواطنين الذين كانوا يحكون معهم على مشكلاتهم ومواقف اقشعرت لها الأبدان، ليؤكد أن رحلتهما لم يعكر صفوها قُطاع الطرق، إلا أن الطريق لم يكن ممهدا كليا، فقد مر على الصديقين فترة السير مسافة 20 كم دون ماء أو مكان يستطيعون فيه ملء زجاجاتهما الفارغة، ليضيف يوسف "كنا بنمر على مساحات كبيرة فاضية ومشينا 20 كليو متر من غير ميه وتعبنا جدا على ما قدرنا نملا ميه ونشرب". استفادات عدة خرج بها الشابان من رحلتهما تلك، يلخصها يوسف في "استفدت إنك تنفض لكلام الناس السلبي اللي بيقولولك ماتقدرش لإننا قدرنا، واتعلمت إن لما حد يفكر يعمل حاجة مجنونة ماقولوش مش هتقدر لأنه هيقدر، ده غير إني خسيت 10 كيلو من أول ما بدأت الرحلة".