أي عاقل يدرك أن ما وصف بأنه مبادرة أطلقها مؤخرًا يوسف ندا، العضو القيادي بالتنظيم الدولي للإخوان، ما هي إلا "فقاقيع" في الهواء، لعدة أسباب أهمها أن الرجل عاش أكثر من نصف عمره في الخارج وله صولات وجولات ومطاردات وتحقيقات وصفقات مع غالبية أجهز المخابرات في العالم، ما دعا الإخوان منذ أكثر من عشر سنوات، وبالأخص في مصر، إلى التبرؤ منه واعتبروه خارجًا عنهم، بالطبع هم أعلنوا هذا التبرؤ في العلن ذرا للرماد في العيون، ورغبة في تبييض وجوههم أمام الرأي العام على طريقة "ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين"، ولكن في الخفاء ظل يوسف ندا على علاقته بقيادات الجماعة وظلت القيادات على علاقة به، خصوصًا وأنه هو المسؤول عن خزينة أموال الجماعة في الخارج هو وآخرين، وبالتالي فالرجل يعتبر كارت محروق ولا مصداقية له حتي بين كوادر الجماعة من الصفين الثاني والثالث المشتتين الآن! الأمر الثاني، فإن يوسف ندا نفسه، عندما سئل عن محتوى المبادرة وتفاصيلها، فلم يقل أية بنود أو تفاصيل يمكن أن تقرأ على أنها مبادرة، وعندما سئل إلى من يتوجه بهذه المبادرة، فقال إنهم يعرفون أنفسهم، وعندما سئل عمن كلفه بإعداد هذه المبادرة، قال الرجل إن هذه التفاصيل لا تعلن على الملأ عبر وسائل الإعلام! .. ووصف مساعي ندا بأنها رسالة مجهولة من مجهولين إلى مجهولين! ولكي لا نبخس الرجل هو ومن ورائه ما تبقي من قدراتهم العقلية، فإنه يمكننا أن نستنتج أو نتخيل أن ما يوصف بأنه مبادرة من يوسف ندا لا تعدو أن تكون محاولة لجعل اسم الجماعة مطروحًا على الساحة الإعلامية، أو هي رسالة لشد أزر الكوادر التي استبد بها اليأس من ضياع الجماعة بسبب غباء قياداتها! على الجانب الآخر، ورغم هذا الهراء والخواء المسمى مبادرة يوسف ندا، فقد أولت بعض الصحف المصرية هذه الفقاقيع اهتمامًا غريبًا ومثيرًا، اهتمام يمكن أن نصفه بضمير مرتاح أنه حملة دعائية مكثفة، بأجر أو بدون، لترويج جماعة الإخوان المسلمين التي يفترض إنها جماعة محظورة ويعد كيانًا إرهابيًا. فقد قفزت بعض هذه الصحف على الأمور وأضافت بنودًا وشروطًا لم ترد أصلًا فيما قيل إنه مبادرة يوسف ندا، وذهبت صحف أخرى إلى التوغل أكثر وأكثر في التأليف والادعاء، لتقول أن هذه المبادرة تأتي في إطار مساعي جارية، لحل الأزمة بين الإخوان والنظام المصري، يشارك فيها راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الموالية للإخوان في تونس وإنه سيطلب خلال زيارته للسعودية من خادم الحرمين الضغط على النظام المصري لقبول المصالحة مع الإخوان، ونفي الغنوشي في تصريحات صحفية نفيًا قاطعًا قصة تدخله لدى ملك السعودية للتوسط بين الإخوان والنظام المصري، مؤكدًا حرصه على عدم التدخل في أية أمور تخص الشأن المصري. في ذات الوقت قامت صحف اخري بإعادة نشر معلومات سبق نشرها قبل عدة أشهر، باعتبارها بنودًا ضمن المبادرة المزعومة، بأن الإخوان سيعترفون بثورة الثلاثين من يوليو وسيقبلون بالدية عن ضحايا فض اعتصام رابعة، ولتأكيد هذه الادعاءات الصحفية الفجة نشرت بعض الصحف تصريحات، قالت إنها لمصادر مجهولة، تتضمن معلومات غير عقلانية ولا يمكن أن تصدر عن أي مسئول رسمي حتى لو كان صغير الاختصاص، وهناك صحف فتحت صفحاتها لمن يصفون أنفسهم بالمحللين والخبراء في شئون الجماعات الإسلامية، وأمطرونا بوابل من التحليلات البعيدة عن الواقع والتي لا أراها إلا محاولة للاسترزاق ! حقيقة لا أعلم سببًا واضحًا لهذا النفخ الإعلامي، لجماعة تضم أناساً فقدوا رشدهم وانتماءهم لبلدهم، وغرروا بكثير من الشباب ومن غيرهم بدعاوي مغلوطة بامتلاك أسس الدين والشرع، لا أريد أن أدرج هذه المحاولات الإعلامي ضمن نظرية المؤامرة، واكتفي فقط باعتبارها سلوكيات تنم عن عدم معرفة وعلم بما يحيط بالبلاد من أخطار داخلية وخارجية تدعمها تلك الجماعة بشكل مباشر أو غير مباشر، ولا ينبغي أن ننسي أنها جماعة أصبحت كيانًا محظورًا وإرهابيًا للجماعة والسبيل الأمثل في التعامل الإعلامي معها هو التجاهل وليس الترويج !