"دور الدين في الدستور المصري سيظل غامضا، وربما يظل موضع خلاف يصعب التكهن بعواقبه لسنوات قادمة" هكذا خلص تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، التي أوضحت أن الجمعية التأسيسية -بعد أشهر من الجدل الحاد حول دور الدين في الحكم- استقرت على حل وسط يعطي دورا أكبر للشريعة في الحكم. وتوقعت الصحيفة أن يعكر الخلاف على الشريعة الأجواء السياسية سواء في البرلمان وفي قاعات المحاكم لسنوات عديدة قادمة، لأن الحل الوسط ينطوي على إقحام الدين بعمق أكثر في العملية التشريعية والقضائية. وأضافت الصحيفة أن الدستور الجديد ترك السلطة النهائية لتطبيق تلك المبادئ للبرلمان المنتخب والمحاكم المدنية، وفي ظل النظام القضائي الحالي والبرلمان المنحل الذي يهيمن عليه الإسلاميون، الذين يفضلون التدرج في تطبيق الشريعة الإسلامية، فمن غير المتوقع حدوث تغيير كبير في توجهات الدولة المصرية. لكن إذا نجح السلفيون -الذين شغلوا نحو ربع المقاعد في البرلمان السابق- في الحصول على المزيد من النفوذ في السلطة التشريعية والقضائية، فإن بإمكانهم فرض تفسير متشدد للشريعة الإسلامية. وأشارت الصحيفة إلى أن الغرب يخشى أن تتخذ الثورة المصرية مسارا مشابها للثورة الإيرانية عام 1979 وتسير نحو تأسيس دولة دينية؛ حيث يكون لرجال الدين الكلمة العليا في شؤون الدولة. على صعيد متصل، وصفت صحيفة "وول ستريت جورنال" تظاهرات "جمعة الشريعة" بأنها محاولة من السلفيين والجهاديين للضغط من أجل تطبيق فهمهم الأكثر تشددا للشريعة. وأضافت الصحيفة أن تظاهرات الأمس -التي تتزامن مع تصاعد التوتر بين العلمانيين والإسلاميين- تهدد بتأجيل صياغة الدستور إلى ما بعد 12 ديسمبر، وهو الموعد النهائي التي حددته لنفسها قبل عرض الدستور للاستفتاء، وتقوض الاستقرار النسبي الذي تحظى به مصر في ظل الحكومة الحالية. أما شبكة "سي إن إن" الأمريكية، فقد أشارت في تقريرها إلى أن النخبة مشغولة حتى أذنيها في الخلاف على "مبادئ" و"أحكام الشريعة"، في حين يشكو أغلب المصريين من الأحوال الاقتصادية المتدهورة، ويرون أن حكومتهم يجب أن تركز على مكافحة الفقر والبطالة والفساد وإنعاش الاقتصاد المتعثر أولًا.