رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن التعديلات التى أدخلت على أول دستور لمصر بعد الثورة ويفتح الباب أمام مزيد من تدخل الدين فى السياسة، سيكون سببا رئيسيا لسنوات طويلة من المشاحنات السياسية وتعكير الأجواء والمشاكل بين السياسية والبرلمان والمحاكم. وقالت الصحيفة بعد شهور من الجدل الحاد حول دور الدين الإسلامى فى الحياة المصرية، انتهجت الجمعية التأسيسية المكلفة بصياغة الدستور حلا وسطا يفتح الباب أمام مزيد من دور الدين فى الحكم، إلا أنه يضمن استمرار التوتر يهيمن على الأجواء السياسية للبلاد، ويتمثل الحل الوسط فى إدخال الدين بعمق أكثر فى العملية التشريعية والقضائية عن طريق وضع مبادئ جديدة لتفسير المادة الثانية فى الدستور التى أقرها الدستور السابق وهي: إن "مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع المصري". وأضافت لكن الدستور الجديد يترك السلطة النهائية لتطبيق تلك المبادئ مع برلمان منتخب والمحاكم المدنية، مما يجعل عواقبه على المدى الطويل من الصعب التنبؤ بها، حيث من المتوقع حدوث تغيير كبير فى إطار المحاكم والبرلمان الحالي- التى يهيمن عليها الاسلاميين الذين يفضلون اتباع نهج مرن فى الغالب نسبيا أو تدريجى لاعتماد الشريعة الإسلامية. وتابعت: إن مكمن الخطورة أن السلفيين يكسبون مزيد من النفوذ فى السلطة التشريعية والمحاكم فى نهاية المطاف، ويمكن أن تستخدم يوما ما الأحكام لمحاولة فرض تفسير متشدد للشريعة الاسلامية، إذا كسب الإسلاميين المزيد من السلطة عبر البرلمان والمحاكم والمؤسسات الدينية. ونقلت الصحيفة عن "ناثان براون" الخبير فى القانون المصرى بجامعة جورج واشنطن قوله:" أود أن أرى إمكانية تغيير حقيقى.. لكن عن طريق الحفاظ على السلطة فى أيدى مسئولين منتخبين ومحاكم مدنية لكن الآن، فإن المخاوف هنا وفى الغرب أن مصر قد تسير على طريق الثورة الايرانية عام 1979 نحو الثيوقراطية، حيث القيادات الدينية لديها القول الفصل على كل شؤون الدولة، وأشار الاعضاء الليبراليون فى اللجنة التاسيسية أن المبادئ التوجيهية الجديدة فى الدستور كانت واسعة بما يكفى لترك مجالا كبيرا للمناقشة حول دور الشريعة الإسلامية فى مصر الحديثة. وأوضحت الصحيفة إن الدولة العربية الأكبر سكانا أصبحت رادة للحركات السياسية الإسلامية فى جميع أنحاء المنطقة بعد الربيع العربي، ففى تونس، وافق الحزب الإسلامى المهيمن بالفعل على حل وسط أكثر ليبرالية، والإبقاء على بند فى دستورها يعلن أن الإسلام هو دين الدولة ولكن حذف أى إشارة إلى الشريعة الإسلامية. رغم أن العديد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة تعترف بالإسلام فى مواثيقها، فإن مصر أصبحت أول دولة عربية تسعى لخلط الديمقراطية مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وهو ما أثار مخاوف الليبراليين، قائلا يوما ما من الممكن أن يستخدم التفسير فى تطبيق أحكام صارمة من الشريعة الإسلامية، بما فى ذلك رجم الزناة أو قطع يد السارق، لكن خارج الجمعية، ندد العديد من الجانبين بالاتفاق، ويوم الجمعة نظم الآلاف من السلفيين مظاهرات فى ميدان التحرير احتجاجا على مسودات الدستور التى لم تطبق الشريعة الإسلامية بالشكل الذى يرغبونه.