السيسي يصدق على إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء الشهداء    كلية الطب تفتح نافذة للإبداع في "اليوم الفني لتاريخ الطب" بجامعة قناة السويس    رئيس جامعة جنوب الوادي يشهد احتفالية معايدة عيد الأضحى المبارك    وزير البترول يتابع أعمال تجهيز سفينة التغييز بميناء الإسكندرية    المصرف المتحد الأفضل للحلول الاستثمارية في مصر خلال 2025    وزير الإسكان: 700 مليون يورو حجم المشروعات الجارية بالتعاون مع بنك الاستثمار الأوروبي    توريد 508 آلاف طن قمح لصوامع المنيا    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    محافظ القاهرة: استمرار الحملات لمنع عودة الإشغالات    إيران تفتح المساجد والمدارس للاحتماء من ضربات إسرائيل    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    الرئيس الإيراني يهدد برد أكثر إيلاما حال استمرار العدوان الإسرائيلي    إمام عاشور يوجه رسالة لجماهير الأهلي بعد تأكد غيابه لنهاية كأس العالم للأندية    فرانك يفتتح عهد توتنهام بالتعاقد مع تيل ودانسو.. خيارات جديدة في الهجوم والدفاع    التعليم: جميع مراحل العمل بامتحانات الثانوية العامة مؤمنة بالكامل    إحالة أوراق المتهم بخطف طفل وقتله لسرقة دراجته في الشرقية إلى المفتي    محافظ أسوان يتفقد لجان امتحانات الثانوية العامة    مدحت العدل وفوزي إبراهيم في جنازة نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي    ما يقرب من 2 مليون.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "المشروع X"    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين    مكتبة الإسكندرية تطلق أحدث جوائزها للمبدعين الشباب    موعد افتتاح المتحف المصري الكبير    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    بعد أكلات العيد المتينة...أطعمة تساعد في تنظيف المعدة    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    عضو حزب المحافظين البريطاني: إسرائيل تقترب من تحقيق أهدافها    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    محافظ بورسعيد يتفقد غرفة عمليات الثانوية العامة لمتابعة انتظام الامتحانات في يومها الأول    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    رئيس مجلس النواب يحيل قرارات جمهورية ومشروعات قوانين للجان النوعية    محمد صلاح يحتفل بعيد ميلاده ال33 ب "تورتة صغيرة"    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    الداخلية تضبط 6 ملايين جنيه من تجار العملة    أحدث 13 صورة من تطوير سوق العتبة بالموسكي    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    رئيس النواب يفتتح الجلسة العامة لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة    المؤتمر السنوي لمعهد البحوث الطبية يناقش الحد من تزايد الولادة القيصرية    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد الثاني من بؤونة بكنيسة العذراء والشهيدة مارينا بالعلمين (صور)    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    9.5 مليار جنيه ل«مُربى البتلو»    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    محافظ قنا يشارك في الاحتفالية الرسمية لاستقبال الأنبا إغناطيوس بالمطرانية    مقتل ثلاثة على الأقل في هجمات إيرانية على إسرائيل    أنظمة عربية اختارت الوقوف في وجه شعوبها ؟    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناصرى.. وبعض «الناصرية» إثم
نشر في الوطن يوم 27 - 05 - 2015

هناك طائر غريب يحلق تائهاً، وحيداً، فى فضاء المشهد السياسى، يسمى «الناصريون»: إلى أى سلالة سياسية ينتمى، وماذا يريد بالضبط، ومع مَن يتحالف، ومن هم خصومه الحقيقيون، وبأى معيار يمكن أن ننسبه إلى جمال عبدالناصر؟.. الله ورسوله وحمدين وهيكل أعلم!. هل يجوز -أصلاً- أن يكون لعبدالناصر أشياع ومريدون، يتعبدون فيه ظالماً ومظلوماً.. أم مجرد محبين، يدافعون عن اسمه وتاريخه وانحيازاته، ولا يخشون فى نقده لومة لائم؟. وأى الخيارين أبقى وأكثر تأثيراً و«تكريماً» لعبدالناصر: أن يكون له حزب سياسى.. أم طريقة صوفية؟. باختصار: ما معنى أن يكون المرء ناصرياً؟.
يولد المصريون منذ 1952 وهم «ناصريون» بأكثر من معيار، ليس من بينها المعيار السياسى. يحبونه لأنه «كاريزما»، يعنى: «لله فى لله». يحبونه لأنه يحبهم، وكان يصل الليل بالنهار ليسعدهم ويعدل بينهم، ويوفر لهم حياة كريمة: «من أصغر طفلة بجدايل.. على زَرَع ودَرَس بتتمايل.. للفلاح أبو خير وجناين.. للواعظ حافظ القرآن.. للجندى الأسد اللى شايل على كتفه درع الأوطان». يحبونه لأنه رجل شجاع، جسور فى الدفاع عنهم، إن لم يكن بالفعل فبالخطاب الحماسى الملهب: «سنحارب إسرائيل ومن وراء إسرائيل». يحبونه لأنه «ملهم» حتى وهو مهزوم: «وبلدنا ع الترعة بتغسل شعرها.. جانا نهار ما يقدرش يدفع مهرها». يحبونه لمائة سبب، وما إن تدخل السياسة بينهم وبينه حتى يفسد الاثنان: عبدالناصر والذين يحبونه!.
تجمعنى بغالبية الناصريين الذين يعملون فى مهنة الصحافة صداقة ومودة، تتراوحان فى متانتهما بين «الكحرتة» على أرصفة المجانية.. والخشوع أمام «الأستاذ هيكل»، باعتباره «سقفاً مهنياً» وقبساً من رائحة الزعيم. كنت -حتى فاجعة 25 يناير- أعتز بصداقتنا، وأفتخر بأن لنا جذراً صلباً يجمعنا. كنت أعتقد أننا أبناء ستينات عبدالناصر لحماً ودماً: هى التى أدخلتنا مدارس وجامعات. هى التى ثقفتنا ومنحتنا مكانة اجتماعية ومهنية وسياسية. هى التى زرعت فى قلوبنا وعقولنا حب مصر والتباهى بريادتها. هى التى علمتنا أن لمصر أمناً قومياً وحدوداً «تاريخية» سحيقة. هى التى جعلتنا ندرك من صغرنا أن من يعادى مصر يعادى قرآنها وإنجيلها، وأن ثأرها لا يسقط بالتقادم ولا بالمواءمات والصفقات السياسية. فجأة انقلب الناصريون على كل ما تربينا عليه. أصبحوا جزءاً من الفساد الذى يناضلون ضده. أصبح فقراء عبدالناصر رقماً فى حساباتهم السرية. لم تعد كلمة «ناصرى» -حتى- هوية سياسية، بل «وظيفة»، ولم أعد فقط أخجل من كونى «ناصرياً».. بل أصبحت أكره ناصريين بقدر ما أحب عبدالناصر نفسه، وأصبحت أشعر أن من الناصريين من هم «عار» على عبدالناصر أكثر مما تمثل هزيمة 67!.
أعرف أن هذا المقال سيغضب كثيراً من الأصدقاء وزملاء المهنة ممن يسمون أنفسهم «ناصريين»، بل لا أخفى سراً أننى خسرت عدداً منهم بسبب مقال سابق، هاجمت فيه صنمهم السياسى حمدين صباحى بسبب تطاوله على السيسى أثناء انتخابات الرئاسة الأخيرة، وذهب أحدهم فى صفاقته وقلة أدبه إلى حد أنه عايرنى بالمرض ووصفنى بأننى «إضافة ثمينة» إلى طابور المطبلين للسيسى: السيسى، ابن المؤسسة التى قدمت لمصر وللعالم العربى نماذج للوطنية والشرف والانحياز للمواطن المصرى البسيط، أبرزهم جمال عبدالناصر. لم أغضب وقتها إلا لأن أخلاق بعض الناصريين قد بلغت من التدنى والانحطاط حداً جعلنى مع الأسف أخفف قليلاً من كراهيتى ل«25 يناير»، كونها كشفت عن المعدن الحقيقى لكافة الناشطين فى الحياة السياسية، خاصة أولئك الذين يتخفون فى سيرة جمال عبدالناصر ويدافعون عنه!. لا أعرف كيف يصر الناصريون على «حلم الثورة» فى بلد أفلت بصعوبة من تبعات هذا الحلم فى دول مجاورة تحولت إلى شيع وقبائل وفرق موت؟. أى «ثورة» يمكن أن تنهض ببلد يحيط به الخراب والفوضى من الشرق والغرب والجنوب، وليس فيه من الموارد ولا الإرادة ما يكفى لينهض من فاجعة 25 يناير؟. ألا يرى هؤلاء الناصريون فيما أنجز عبدالناصر سوى «حلم الثورة» هذا؟. أليس فيهم عاقل يقول لهم إن «الدولة» فى هذا الظرف العصيب أهم وأسبق من وهم «الثورة»؟.
لا أعرف كيف يقول المرء إنه يحب عبدالناصر، ويجاهر فى الوقت نفسه ب«تعاطفه» مع عصابة الإخوان، على الرغم من كره الإخوان الأصيل لهذا الزعيم ومحاولتهم الخسيسة لاغتياله فى 1954؟. لا أعرف ما سر التقارب بين الناصريين والإخوان، خاصة بعد 25 يناير، وكيف تجرأ بعضهم وجلس مع كوادر هذه العصابة، بل باركوا وصولها إلى الحكم، وجلسوا مع الخائن محمد مرسى، وفيهم من انتخبه رئيساً لمصر بحجة أن الخلاف معه سياسى، بينما خلافه مع منافسه أحمد شفيق جنائى؟. كيف ينحاز ناصرى إلى ما يسمى «شباب الثورة» وهو يعرف أن نزقهم وجهلهم وعداءهم لرئيس من المؤسسة العسكرية يمكن أن يكون عائقاً فى سبيل بناء الدولة واستعادة هيبتها؟. وكيف يعمل كاهن ناصرى مثل هيكل مع دويلة حقيرة مثل «قطر» وهو يعرف أكثر من غيره أنها ممول رئيسى لخطة تدمير الدولة المصرية قبل وبعد 25 يناير؟. هل لدى أى من الناصريين إجابة لهذه الأسئلة؟. هل لديهم الجرأة والموضوعية لإعادة النظر فى كونهم «ناصريين».. يحبون جمال عبدالناصر؟.. أشك!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.