يعلم اللاجئ السوري فارس الباشاوات، أن ابنتيه الاثنتين يمكن أن تغرقا أثناء عبورهما البحر المتوسط في الطريق إلى أوروبا، لكنه يقول إن بقاءهما في مصر سيتركهما فريسة لمصير ربما أسوأ. ووصلت زوجة الباشاوات مع ابنتين لها أخريين إلى إيطاليا بالمركب عبر المتوسط، بعد أيام عدة على مقتل مئات المهاجرين إثر غرق مركبهم المكتظ في عرض المتوسط. وبعد أن وصلت زوجته وابنتاه إلى إيطاليا، يخطط "الباشاوات" حاليًا لإرسال ابنتيه الباقيتين معه إلى أوروبا من ساحل الإسكندرية على البحر المتوسط. ويؤكد اللاجئ السوري أنه تعرض للتعذيب في سوريا ولإطلاق النار قبل هروبه إلى مصر. وقال "الباشاوات" والأسى يرتسم على ملامح وجهه لوكالة "فرانس برس" في مدينة الإسكندرية "أفضل أن تموت بنتاي في عرض البحر على أن أتركهما هنا خلفي". ويعرض "الباشاوات" (55 عامًا) على ابنه الصغير "نمر"، صورة فوتوغرافية لأمه وشقيقتيه وهم يتناولون الطعام في مطعم في إيطاليا. ونجا أعضاء أسرة "الباشاوات" هؤلاء من رحلة تنتهي أحيانًا في قاع البحر. فقد غرق الأحد الماضي 700 شخص على الأقل قرابة سواحل ليبيا في واحدة من أسوأ كوارث الهجرة غير الشرعية في المتوسط. وأوضح "الباشاوات" الذي يقول إنه كان يمتلك سلسلة مطاعم ومنتجعًا في سوريا "في البداية كنت ضد هذا النوع من الرحلات، لكن لا يوجد خيار آخر". ودفعت مأساة الاسبوع الماضي إلى عقد قمة أوروبية أول من أمس، في العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث قرر القادة الأوروبيون زيادة الموارد المخصصة لإنقاذ المهاجرين غير الشرعيين في المتوسط 3 أضعاف. لكن المأساة المتواصلة لغرق المهاجرين لم تردع باشاوات ومئات اللاجئين عن المغامرة بحياتهم في المتوسط من أجل حلم تأمين ظروف معيشة أفضل في أوروبا. ويأمل الباشاوات أن يستفيد ابنه "نمر" من برنامج لم الشمل لدى المفوضية العليا للاجئين ليتمكن من السفر إلى أوروبا، في حين أن أبناءه ال15 مشتتون حاليًا بين مصر وسوريا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا وتركيا. وأوضح أن أسرته الكبيرة كانت ميسورة الحال وتعيش في فيلا من طابقين في ريف دمشق، لكنه الآن غير قادر "حتى على شراء الدواء" لإبنائه. ويظهر "الباشاوات" علامات على بطنه حيث يقول إنه أصيب برصاص "ميليشيا شيعية" في سوريا. لكن أسرته التي اعتادت على رغد العيش اصطدمت بضيق الحال وندرة فرص العمل في مصر التي تعاني أصلًا وضعًا اقتصاديًا مترديًا منذ أكثر من 4 سنوات. ويقول نشطاء حقوق الإنسان، إن لاجئين مثل السوري باشاوات يستخدمون وسطاء للتواصل مع المهربين الذين يقومون بنقلهم على مراكب متهالكة نحو أوروبا. ويقول أحد هؤلاء الوسطاء ويدعى "أبو براء"، أنه وفر 4 أماكن مجانية لزوجته وأبنائه الأربعة على مركب متجه لإيطاليا العام الماضي نظير استقدام 10 لاجئين سافروا على نفس المركب مقابل 2000 دولار لكل منهم. واسترجع "أبو براء" في لقاء مع "فرانس برس"، على شاطئ المتوسط محاولته الهرب عبر المتوسط قائلًا "حاولت أن أغادر مع أسرتي 11 مرة وفشلت حيث جرى أيضًا اعتقالي مرتين". وقابل "أبو براء" متعهدًا يعمل مع مهرب وعده بتوفير أماكن مجانية لزوجته وأبنائه لو جلب له 10 لاجئين يريدون السفر بشكل غير شرعي إلى أوروبا. وأضاف أبو براء (41 عامًا) "أحضرت لهم 10 أشخاص وأخذوا هم أسرتي معهم مجانًا"، موضحًا أن المجموعة اُخذت أولًا من الإسكندرية في قارب صغير إلى مركب أكبر وأخيرًا استقلوا سفينة أكبر القتهم قرب الساحل الإيطالي. ويستخدم المهربون متعهدين يمكن الوصول اليهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي على "فيس بوك" عبر أسماء مستعارة منها "القبطان" و"الدكتور". ويرى السوري الباشاوات المتوسط كطريق خطر لكنه وحيد للم شمل عائلته الكبيرة. وقال الرجل الذي حولته الحرب من مليونير ثري إلى مستأجر شقة بائس الحال فيما كان ابنه نمر ينظر لصورة امه وشقيقتيه في حياتهم الجديدة "حلمنا أن نجتمع مجددًا تحت سقف واحد".