«التعليم» تنفي اقتصار شهادة البكالوريا على الجامعات الخاصة والأهلية    رئيس محكمة النقض يَستقبل المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب    أسعار الذهب تواصل الصعود بمنتصف تعاملات الأربعاء 20 أغسطس    محافظ الغربية: «المحلة الجديدة» ستضم وحدات سكنية عصرية ومناطق خضراء    شمس الحقيقة تبدد الأكاذيب    وزير الخارجية لمبعوث ترامب للشرق الأوسط: على إسرائيل الاستجابة لمقترح بإنهاء حرب غزة    عمر طارق: دعم الجماهير يحفزنا دائمًا.. ونعد بالوصول لأبعد نقطة في الأفروباسكت    ضبط 650 كيلو من حلوى المولد المغشوشة ومجهولة المصدر بسوهاج    3 وفيات و7 إصابات فى انهيار عقارالزقازيق    مهرجان الجونة يفتح ستار دورته الثامنة بإعلان 12 فيلمًا دوليًا    حمزة نمرة يكشف موعد طرح ألبومه الجديد    «الشغل من 5 فجرًا ل12 الظهر».. أول رد من وزير العمل على المقترح البرلماني    وزير الصحة يتفقد مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي بالعاصمة الإدارية 2    شروط الالتحاق بأقسام آداب القاهرة للطلاب المستجدين 2025 (انتساب موجه)    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    أحمد موسى: محمد صلاح يصنع التاريخ ويستحق الكرة الذهبية    إنريكي يضع شرطا لتعاقد باريس سان جيرمان مع صفقات جديدة    تفاصيل اكتشاف نفق بطول 50 مترًا قرب منطقة القصير في جنوب لبنان    تعرف على قصة مسلسل سنجل مازر فازر بطولة ريهام عبد الغفور وشريف سلامة    صورة- عمرو دياب مع منة القيعي وزوجها على البحر    شنطة بنص مليون.. دينا فؤاد تخطف الأنظار بفستان جريء    المنشاوي يهنئ طلاب جامعة أسيوط بحصد 9 جوائز في مهرجان الطرب للموسيقى والغناء    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    غدر الذكاء الاصطناعى    عانى من كسرين في القدم.. تفاصيل جراحة مروان حمدي وموعد عودته للمباريات    في يومه العالمي- متى تسبب لدغات البعوض الوفاة؟    الأوقاف تعقد 681 ندوة بعنوان "حفظ الجوارح عن المعاصى والمخالفات"    وكيل تعليم الغربية: خطة لنشر الوعي بنظام البكالوريا المصرية ومقارنته بالثانوية العامة    «كولومبوس كرو كان أولويتي».. وسام أبوعلي يكشف كواليس رحيله عن الأهلي    بيع مؤسسي يضغط سوق المال.. والصفقات تنقذ السيولة    مدحت العدل ينعى يحيى عزمي: "واحد من حراس الفن الحقيقي"    البيئة تناقش آليات تعزيز صمود المجتمعات الريفية أمام التغيرات المناخية بقنا    كنوز| 101 شمعة لفيلسوف الأدب الأشهر فى شارع صاحبة الجلالة    مدبولي لقادة الدول: حان الوقت لاتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لردع العدوان الإسرائيلي والاعتراف بالدولة الفلسطينية    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    تحرير 7 محاضر لمحلات جزارة ودواجن بمدينة مرسى مطروح    إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في المنيا    محافظ الإسماعيلية يتفقد عددا من القطاعات الخدمية ويستمع للمواطنين بمركز أمراض الكلى    تعرف على مواجهات الزمالك في دوري الكرة النسائية للموسم الجديد    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    ضبط المتهمين بالتنقيب عن الآثار داخل عقار بالخليفة    كاتب فلسطينى: مقترح مصر ضرورى لوقف الحرب على غزة وإنقاذ شعبنا    بيع 11 محلًا تجاريًا ومخبز بلدي في مزاد علني بمدينة بدر    حالة الطقس في الإمارات.. تقلبات جوية وسحب ركامية وأمطار رعدية    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الأربعاء 20 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين اقتصادية قناة السويس وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    الاحتلال الإسرائيلي يقتل نجم كرة السلة الفلسطينى محمد شعلان أثناء محاولته الحصول على المساعدات    أحمد ياسر: كهربا يمر بظروف صعبة في ليبيا... ولا يصلح للعب في الأهلي والزمالك    نيوكاسل ردا على إيزاك: لم يتم إبلاغه أن بإمكانه الرحيل.. ونرحب بعودته    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    انطلاق القطار السادس للعودة الطوعية للسودانيين من محطة مصر (صور)    تحرك شاحنات القافلة ال19 من المساعدات الإنسانية من مصر إلى غزة    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    إدانة أممية: إسرائيل تقوّض العمل الإنساني وتقتل 181 إغاثيًا في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسلام بحيرى.. والمعتزلة
نشر في الوطن يوم 09 - 04 - 2015

فى الجدل بين واصل بن عطاء والحسن البصرى عن مرتكب الكبيرة مؤمن أم كافر؟ كان رأيه (ليس كافراً مطلق الكفر، وليس مؤمناً مطلق الإيمان، بل هو بين منزلتين لا مؤمن ولا كافر). واعتزل «واصل» شيخه الحسن البصرى، ولذلك سمى وأتباعه «المعتزلة». «المعتزلة» يؤمنون بأولوية العقل المطلق على النقل. وأن الإنسان مخير، ويتمتع بالإرادة الحرة، لأنه يمتلك العقل الذى يحكم بين الخير والشر، والعدل والظلم، وهو مناط التكليف، لهذا فهو مسئول عن كل أعماله (خالد فى النار إذا ارتكب الكبيرة حتى لو عبد الله مائة عام). فكر المعتزلة عكس فكر «الجبرية» الذى يرى أن الإنسان مسير ومجبر، ولا إرادة له فى اتخاذ قراراته، لأن كل ما يفعله الإنسان لا اختيار فيه، ومكتوب عليه قدراً مقدراً منذ الأزل، وليس من العدل معاقبة الإنسان عن أفعاله لأنه مجبر عليها (لا يضر مع الإيمان معصية والكل يتساوى فى الجنة). بنو أمية تبنوا فكر الجبرية لتبرير ظلمهم للعباد، وسلطانهم وظلمهم أمر الله عليهم، والتسليم به إذعان لأمره تعالى. الشيعة تبنوا فكر المعتزلة، ما دام العقل للفصل بين الخطأ والصواب، يصبح له الحق فى الرفض والقبول، خصوصاً رفض بيعة الحاكم الظالم والخروج عليه، وقتاله على بغيه، وبنو أمية ظلموهم واستلبوا الحكم منهم، وهذا مدعاة لقتالهم، وهدم دولتهم.
إعمال العقل، جعل المعتزلة يؤمنون بالكثير، منه الآتى: إنكارهم رؤية الله عز وجل يوم القيامة، القول بخلق القرآن وقت نزوله على سيدنا محمد بلسان عربى، ولم يكن فى اللوح المحفوظ منذ بدأ الله الخلق، إكبار العقل وتقديمه على كل الأمور، وتأويل الآيات القرآنية التى لا تتفق مع العقل حتى تتسق معه، رد كل الأحاديث للعقل حتى لو كانت متواترة وصحيحة، ومنها الصحيحان البخارى ومسلم، رفضهم التام لأحاديث الآحاد، الطعن فى رواة الأحاديث كأبى هريرة، إنكارهم كثير من الغيبيات كالملائكة والجن والسحر.
أحمد بن حنبل، عارض فكر المعتزلة، وحبسه الخليفة العباسى «المأمون»، راعى فكر المعتزلة ومعتنقه، والذى ازدهرت الثقافة فى عصره والترجمات والفلسفات والرياضيات والانفتاح على الحضارات الأخرى. حتى جاء الخليفة المتوكل العباسى فحارب المعتزلة وشردهم وقتلهم فلم يجدوا سبيلاً سوى اللجوء إلى الشيعة الأقرب لأفكارهم (الاختيار). ثم جاء أبوحامد الغزالى وحبس العقل فى حظيرة النقل. وجاء بن تيمية شيخ الإسلام وإمام الفكر السلفى فحارب العقل والمنطق (من تمنطق فقد تزندق)، وتلميذه النجيب محمد بن عبدالوهاب إمام الوهابية الذى قال (الفكر والكفر أمرهما واحد لأن حروفهما واحدة).
هذا ما فى المعتزلة.. فماذا حول إسلام بحيرى؟
كان بداية الانحطاط الفكرى فى عهد «المتوكل»، الخليفة العباسى، حين حارب العقل مناط التفكير والتكليف، وكان بداية جمود عقل المسلم حين وضع أبوحامد الغزالى على عقل الأمة أقفالها، وكانت محنة عقل المسلم حين أحرقوا كتب وأفكار ابن رشد، وقتلوا الخيال وحنان الوصل مع الله بصلب «الحلاج». لماذا لم يكفروا الإمام أبوحنيفة النعمان أو اعتبروه أنكر معلوماً من الدين بالضرورة حين أجاز من أحاديث النبى أقل من عشرين حديثاً، ورفض الآلاف المروية عن النبى؟
لماذا لا نترك كلاً يدلى بدلوه ونرد على التساؤلات التى لا يحملها «إسلام» فقط بل الملايين التى تتوق عقولها الحائرة لمعرفة الحقيقة، وسيحملها الآلاف غيره إذا أخرستم لسانه وعقله؟
أنا ضد تجاوز إسلام بحيرى، ليس فى تساؤله فهذا حقه، لكن فى تهكمه واستعلائه أحياناً. لكنى فى الوقت نفسه لا أقبل الحجر على أفكاره لهذا السبب. ناقشوا واطرحوا الأمر للحوار، وأجهزوا عليه بالعقل والحجة، وليس بإغلاق فمه وتخويفه بازدراء الأديان. سيخرج الملايين يسألون ما يسأله، هل تكممون كل الأفواه وتغلقون كل العقول؟
إن محنة عقل المسلم أن يقبل التراث وهو نتاج بشرى لا وحى فيه، يحتمل الخطأ كما يحتمل الصواب، ويحتمل حسن النية وسوءها، أن نأخذه من المسلمات ونقبله على علاته دون اعتراض أو نقد.. لماذا يجد المسلم الكتب الدينية فى المكتبات منظمة ومرتبة، ولها شرعية كاملة. وحين يحتار ويتساءل بحرية يصيبها شطط الفكر أحياناً، باحثاً عن مرفأ يهتدى إليه، ويفرد فيه شراع عقله ويقرأ غيرها، يتهمونه بالكفر والزندقة؟
عقولنا جميعاً فى محنة، من منع عنها ومن سمح لها، من صدق على الإطلاق ومن رفض عليه، من قال نعم ومن قال لا على طول الخط. لا خلاص سوى بالسماح للعقول أن تتحرك، وتحاور وتناقش ولا خوف من تمردها.
الغلق لن يمنع العقل من التفكير، ولن يمنع الإنسان من الحيرة، وهذا حقه الطبيعى. افتحوا الأبواب المغلقة عن عقل المسلم، واقبلوا تساؤله مهما كان جافاً أو خارجاً. لا تكمموا الأفواه، ولا تغلقوا العقول بأقفال الترهيب والتخويف، حتى لا يتسرب تلاميذ المدرسة إلى الشارع يستقون المعرفة من الحمقى وبلطجية الأديان، ويزداد عدد الحيارى ولا يجدون سبيلاً سوى رفض الأمر برمته. وأجيبوا هل نحن مع العقل نتساءل ونحتار، أم نحن مع النقل نغلق عقولنا ونستسلم؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.