كنا نحضر احتفالية إسماعيل عبدالحافظ، وليس تأبينه ولا حضور الأربعين الخاص به، فإسماعيل عبدالحافظ يأبى على النسيان. خلال الحفل قال الشاعر سيد حجاب إن عمار الشريعى كان يود الحضور لولا أنه مرض ودخل المستشفى وهو الآن فى العناية المركزة. صاحب الفكرة الأولى كان ممدوح الليثى. قالها لى وللدكتور صابر عرب وزير الثقافة. لماذا لا تذهب لزيارة عمار الشريعى فى المستشفى بعد الحفل؟ وقد كان. عرفت عمار الشريعى عندما كتبت عن واقعة جرت بين الدكتورة رتيبة الحفنى والمطربة آمال ماهر واتصل بى عمار، وتحدث معى لمدة ساعة عن آمال ماهر، واتفقنا على أن يحضرها فى بيته وأذهب إليه لأستمع إليها، ثم سهرت معه فى منزل سفير سلطنة عمان السابق: عبدالعزيز الهنائى. عندما أشرف عمار على تدريب موسيقيين ومطربين عمانيين. اكتشفت فى السهرة الرمضانية أن الشريعى حكّاء ظريف، وأن بصيرة القلب تمكنه أن يرى ما لا يراه المبصرون. ثم اتصل بى مؤازراً ومؤيداً. عندما مُنعت من الكتابة فى الأخبار ويومها ما كنت أتصور أن القرار يخصنى وحدى. ولم أتصور أنه فاتحة لعصر مذبحة الكتابة فى مصر. وكان عمار يدرك أن الحكاية ستتكرر مع غيرى وفى صحف أخرى، وعلينا أن نستعد حتى لا نفاجأ؛ لأن المفاجأة قد تفقدنا القدرة على أن تكون لدينا ردود أفعال بنفس حجم الكارثة. ذهبنا إلى مستشفى الصفا فى المهندسين. كان يكفى أن يذكر ممدوح الليثى اسم عمار حتى وجدنا أنفسنا فى الطابق الأول. غرفة رقم «122». إدارة المستشفى وزوجته أبلغونا بأن الدخول فردى، دخل صابر عرب أولاً، ثم ممدوح الليثى، وعندما جاء دورى كان عمار يجلس على مقعد بجوار السرير، ويجلس على السرير المجاور له. نسخة طفلة منه: مراد. جلست أمامه. حكى لى ظروفه الصحية وكأنه يتكلم عن صحة شخص آخر، تحدث عن قلبه وكبده وكليتيه والمطلوب لها. والتقارير التى أرسلت لفرنسا. وعندما تخوف الفرنسيون من الأمر أعيد إرسالها إلى مستشفى كليفلاند بأمريكا. وفى انتظار الرد. لم تفارق الابتسامة وجهه الذى كان مضاء بها طوال الوقت. ولم تبد علامة واحدة على الضجر أو التعب من استمرار كلامى معه. لم يقل لى هو ولا زوجته أن عمار يعالج ويسافر ويعود على نفقته الشخصية. وأنا أقول متطوعاً إن عمار الشريعى لو لم يبدع سوى الموسيقى التصويرية لرأفت الهجان. التى تصلح لأن تكون نشيداً وطنياً لكفاه، وأن مؤسسة الرئاسة تدفع للمستشار الواحد عشرين ألف جنيه شهرياً. كلما جاء كلام عن العلاج على نفقة الدولة. يقال لك مافيش فلوس. مع أنها موجودة وتنفق فى أوجه لا تستحق وتمنع عن مصريين كبار يستحقون. عمار الشريعى أكبر وأجَّل من هذا الكلام.