عاد الموسيقار الكبير عمار الشريعى من لندن. بعد أن أجرى عملية تدبيس بالصمام الميترالى، والذى كان يعانى من الارتخاء. استغرقت الجراحة 4 ساعات كاملة. وقام الفريق الطبى المعالج بشفط نحو أربعة لترات ونصف اللتر ماء من رئة الموسيقار الكبير، وهى الناتجة عن ضعف بعضلة القلب. وسوف يستأنف الشريعى مشاريعه الفنية مباشرة بعد أن أكد له الطبيب المعالج بضرورة ممارسة حياته بشكل طبيعى جدا. العملية التى أجراها الموسيقار عمار الشريعى حديثة فى عالم الطب فهى لا يتخطى العمل بها العام، ويعد عمار المريض رقم 254 الذى يجريها. أجرى الجراحة الطبيب النرويجى أولاف فرنزم. وأشرف على الحالة الصحية له الطبيب الإيطالى الذى يعيش فى لندن كارلو دى ماريو. والشىء الغريب كما يقول الموسيقار الكبير أن كارلو عاشق للموسيقى، وأصبحنا أصدقاء بعد أن أهديته اسطوانة موسيقى فيلم «حليم» وبمجرد أن استمع إليها أصيب بحالة «جنان» وأصبح يرافقنى صباحا ومساء. سألت الشريعى: هل هذه العملية لها علاقة بالوعكة الصحية والأزمة التى أصابتك خلال زيارتك لميدان التحرير مع بداية الثورة المصرية؟.. قال بالفعل منذ سقوطى فى مكتب عمرو موسى بالجامعة العربية بعد شعورى بإرهاق نتيجة زيارتى للميدان وأنا فى حالة صحية سيئة، لدرجة أن الأطباء كانوا يرون أن المسألة خطيرة. وأضاف أنا شخصيا كنت أشعر بتعب شديد، وان صحتى ليست على ما يرام. لذلك قررت أن أرضخ لنصائح الأطباء، وأجرى عملية القسطرة وان كنت أرى أنها لم تكن قسطرة عادية بل «خابور» لأن خرطوم الكاميرا الذى دخل فى جسدى لم يكن من الحجم الذى اعتدت عليه.
سألته أيضا عن تكاليف العملية.. قال بلغت قيمتها 600 ألف جنيه والحمد لله أننى امتلك هذا المبلغ. والحمد لله أيضا أننى منذ عام 1987، وأنا قادر على الإنفاق على علاجى.
هل تقصد بكلامك أن المواطن المصرى العادى لا يستطيع العلاج بالخارج؟
أقصد هذا طبعا. إلى جانب شىء آخر أن هناك مصريين مازالوا يعالجون حتى الآن على نفقة الدولة، وهو الأمر الذى لا يتاح لكل المصريين. حتى إن الناس فى المستشفى اندهشوا عندما علموا أننى أسدد من جيبى الخاص. وكأن المصريين الذين يدخلون مستشفى رويال برومتون كتب عليهم العلاج على نفقة الدولة المصرية. لكننى بدورى صححت مفاهيم العلاقات العامة بالمستشفى بأن هذا الأمر غير متاح لكل الناس، وان بعض القادرين يحرصون على عدم إرهاق ميزانية الدولة طالما أنهم قادرون على الدفع.
وحول نشاطه خلال الفترة القادمة.. قال سأبدأ فورا جلسات مع بعض الشعراء مثل سيد حجاب، وعبدالرحمن الأبنودى وجمال بخيت لطرح بعض أفكارى عليهم، وبمجرد انتهائهم من الكتابة سوف أقوم بتلحينها.
وعن الأصوات التى سوف تقوم بالغناء قال.. اللحن سوف يحدد المطرب. وحتى ولو لم أجد أصواتا متحمسة لمشروعى سوف أغنى بنفسى. لأننى قررت أن أقول كل آرائى السياسية من خلال صوتى، ونغمتى. لن أظهر فى الفضائيات كما كنت أفعل عندما أجد نفسى أريد أن أقول رأىّ. سلاحى الآن هو صوتى، وفنى. وأضاف عمار سوف أتنازل عن المنطق الغنائى الخاص بى وسوف أغنى كلاما مباشرا، ومؤثرا، وصادما، وصارخا أريد عمل غنوة تقع فى قلب من يسمعها.
وقال الشريعى فى حالة عدم حماس أى منتج لهذه الأعمال سوف انتجها على نفقتى. وسوف أطرحها عبر الإنترنت. من الاخر هى ضربة، وطالبة معايا غنا.
ومن القضايا التى سوف أطرحها كل ما يهم المواطن مثل الحريات والعمل، ونبذ السلبيات، وإعلاء اسم مصر فوق كل شىء. فالغناء طوال عمره مرآة للمجتمع وإذا كنا فى مرحلة من المراحل أفرطنا فى كل الاشكال الغنائية عدا الأغانى التى تنقد، وتحفز وتطرح قضايا تهم الناس فى مصر.
وتطرقت مع الموسيقار الكبير عمار الشريعى للحديث عن أزمة حفل المطرب هشام عباس بجامعة المنصورة، والتى تحدث فيها الشيخ حازم شومان عن حرمانية الغناء.. قال الشريعى هناك واقعة شهيرة حدثت بينى، وبين الإمام الغزالى رحمه الله فى وجود المطربة المعتزلة ياسمين الخيام.. وهذه الواقعة تحدثت فيها مع الإمام الجليل عن حرمانية الغناء وهل فلوسى التى جمعتها من الموسيقى حلال أم حرام. فكان رد الإمام الكبير رحمه الله. إن الغناء مثل أى شىء فى الدنيا حلاله حلال، وحرامه حرام. وانتهيت معه إلى أن فلوسى حلال. لأننى لا أقدم فنا مبتذلا أو هابطا. خلال نفس الحوار قال لى إن السيدة أم كلثوم صنعت للإسلام ما لم يصنعه من كتبوا عن الإسلام. لأنها جذبت مسلمين، موحدين، خاشعين. وضرب مثلا بأغنية «ولد الهدى» قائلا إنها أثرت فى الناس أكثر من تأثير الكتب التى ألفتها. هذا الكلام يعكس أهمية الغناء. لذلك أطالب الناس بألا يحكموا على الأمور بشكل عام، وقاطع. هناك فعلا غناء سيىء نحن كموسيقيين نعتبره حراما. ونحن الذين هاجمناه قبل أن يظهر أى صوت آخر، ويهاجمه. إذن فنحن الذين قمنا بنبذ الهابط، والمبتذل والسيىء، والعارى، والمثير للشهوات قبل الجميع. ووقتها لم تكن الأوضاع السياسية كما هى الآن. ولا يخفى على أحد أننا اصطدمنا بالإذاعة، والتليفزيون، والقنوات الفضائية والمنتجين عندما أفرطوا فى عرض وإذاعة هذه الأعمال وطالبناهم بعرض الجيد فقط.
وهناك جمعيات تؤيد فكرى هذا مثل الإخوان المسلمين، والتقيت ببعضهم فى الميدان، ووجدتهم يسمعون أعمالى. وحدث اتصال بينى وبين عصام العريان، وتبادلنا أطراف الحديث عن الفن عموما والغناء بصفة خاصة، واستشعرت أن جماعة الإخوان يقدرون الفن.