(1) عباية منذ اليوم الذى ارتدت فيه العبايات على حجابها وراحت تسمع شرائط (عمرو خالد)، كفت عن الخروج معه وعن مصافحته باليد لو قابلته فى الجامعة لأن هذا حرام.. وراحت تخفى عنه (خصل شعرها) التى كانت تدنيها من قبل خصيصاً كى يقول لها: «شعرك جميل أوى»، وإذا دخل ليسلم على خالته التى هى أمها تجرى كى تخفى شعرها تحت الإسدال. الولد الجميل الذى أحب ابنة خالته كف عن حبها يوم رآها ترقص فى (فرح) شقيقته أمام كل المنطقة بالعباية ولم تصافحه بعدها لأن هذا حرام!! (2) حذاء جديد.. جلس يبكى بعد أن عايره كل العيال فى (الكُتّاب) بحذائه المهلهل. صفعه أبوه عندما طلب منه حذاءً جديداً وكان ينظر إلى السماء وهو يكتم دموعه، أما الآن فلا بأس. ذهب إلى المسجد وظل يبكى حتى رق الشيخ إسماعيل لحاله وعندما أخبره بما حدث قال له: «لا حرج فى الدعاء.. ادع الله فى صلاتك أن يرزقك بحذاء جديد». راح يصلى ويدعو من الفجر حتى العشاء ولم يذق الطعام ولا الشراب، وحينما انتهى من صلاته.. وحينما ذهب ناحية المكان الذى ترك فيه حذاءه المهلهل وجد بدلاً منه حذاءً جديداً. اقترب من الحذاء فى لهفة وما إن وضع يديه عليه حتى صرخ أحدهم: (امسكوا حرامى الجزم اهه يا ولاد.. الحقوووه). راحوا يضربونه وكان يشعر بمذاق الدم فى فمه وهو ينظر إلى السماء. (3) وكنت........ زاد نفير السيارات من توترى وأنا أتابع سيرى فوق كوبرى قصر النيل.. وكنت أبحث عنها عند نفس المكان المعتاد. لم يقترب منى بائع الفل كما كان يفعل دائماً، ولم تضايقنى البنت التى تبيع الورد الدبلان، ولم يكن بائع الترمس يبتسم لى وأنا أطلب منه (القلة) كى يسقينى فاضطررت لشراء «كيس من أبونص» أعطانى إياه بلا مبالاة وكنت أنظر للجميع بود ولهفة فلا يعيرنى أيهم أدنى اهتمام. كان الكورنيش مزدحماً، والصياد الوحيد الذى يقف بسنارته يسعل دماً، بينما الآخرون يضحكون على المجذوب الذى بدأ يتعرى وهو يوجه ما لذ وطاب من أفخم أنواع السباب إلى «البلد الزبالة» التى يصبح الكلب فيها سيداً، وكنت أوافقه ولكننى لم أرغب فى خلع ملابسى الآن. قال الولد الواقف بجوار البنت على السور «أحبك» -وكنت أسمعه- فقبلته من خده- وهى تختلس النظر لى- وكنت أحاول ألا ترانى وأنا أبكى. كان الغروب جميلاً والجميع يطوقون الأحلام على أكتاف فتياتهم اللواتى لم ألمح بينهن حبيبتى.. وكنت وحيداً. (4) ولد وبنت البنت الجميلة التى ترتدى الثوب القصير وتمرجح ضفيرتها الوحيدة وهى تلعب (الأولى) أمام منزلها لم تلتفت لى حين «بسبست» لها..ولم ترد علىّ عندما ناديتها ولم تمسح دمعتى حين وقفت وحيداً أبكى وسط الشارع. البنت الجميلة التى أحببتها ولم تحبنى لم تأخذ منى (الشيكولاته) حينما مددت يدى بها إليها مؤكدة أنها «بتعمل دايت». رغم أنها تأخذ كل شىء وتعطى كل شىء لكل العيال الذين يقفون دائماً على ناصية شارعنا. البنت الجميلة التى أحببتها رغم كل هذا كانت الوحيدة التى لم تصرخ وهى ترى دمائى على الأسفلت والسيارة المسرعة التى صدمتنى تبتعد.. وتبتعد.. وتبتعد.