كشف المشاركون فى جلسة «تحليل مناخ الاستثمار المحلى والأجنبى بين الواقع والفرص والتحديات» بالحوار الوطنى، عن رؤيتهم للتحديات التى تواجه جذب الاستثمارات الجديدة، وقدموا عدة مقترحات لتسريع وتيرة الإصلاحات وتحقيق معدلات أسرع للنمو الاقتصادى، وتطبيق استراتيجية الدولة فى تعزيز مشاركة القطاع الخاص ودعم المشروعات الإنتاجية بمختلف المجالات الزراعية والصناعية. وشارك فى مناقشات الجلسة التى عقدت اليوم، ضمن أجندة لجنة الاستثمار الخاص (المحلى والأجنبى) بفعاليات المحور الاقتصادى، الدكتور سمير صبرى، مقرر اللجنة، والمستشار محمود فوزى، رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطنى، والدكتور عبدالفتاح الجبالى، مقرر مساعد المحور الاقتصادى، وحسام هيبة رئيس هيئة الاستثمار، وعدد من الخبراء الاقتصاديين وممثلى الأحزاب. وبدأت الجلسة بترحيب الدكتور سمير صبرى، مقرر لجنة الاستثمار، بجميع المشاركين، وقال «نستطيع من خلال هذا النقاش استعراض ملف الاستثمار بحثاً عن الفرص، فى إطار روشتة وتحليل الواقع، نخرج منه توصيات قابلة للتنفيذ، مشيراً إلى أنه حدث تراجع فى نسبة الاستثمار الخاص منذ العام 2007 وحتى الآن». مقرر اللجنة: الدولة قضت على الإرهاب وحققت الاستقرار وهذا ما يحتاجه الاستثمار وأضاف أنه لا يخفى على أحد ما مرت به الدولة المصرية من أحداث عصيبة، مما كان سبباً فى تراجع القطاع الخاص، ولابد أن نشيد بما قدمته الدولة منذ 2014 من إصلاح فى البنية التحتية، وتحقيق طفرة غير مسبوقة فيها، فضلاً عن تحسين حياة المواطنين، والقضاء على فيروس «سى»، والأهم هو القضاء على الإرهاب لتحقيق الاستقرار وهذا ما يحتاجه الاستثمار. وتحدث الدكتور عبدالفتاح الجبالى، المقرر المساعد للمحور الاقتصادى بالحوار الوطنى، عن أهمية طرح موضوع الاستثمار ضمن مناقشات الحوار الوطنى، مشيراً إلى أن لديه ثلاثة أهداف من هذا النقاش، تتمثل فى مكافحة التضخم والبطالة والتعامل مع مشكلة الفقر. وقال إن معدلات النمو فى مصر تسير بما لا يقل عن 8٪، وهو الأمر الذى يحتاج إلى استثمارات جديدة لرفع المعدلات إلى نسبة 20 إلى 30٪، لافتاً إلى أن معدل الاستثمار الحالى فى مصر يبلغ نحو 15٪. وأشار «الجبالى» إلى أن الحكومة أعلنت رغبتها فى وصول الاستثمار الخاص إلى 65٪، لذا يجب البحث فى كيفية تشجيع الاستثمار ورفع هذا المعدل بما يخدم التنمية، لافتاً إلى أن الاستثمار الأجنبى ليس فقط استثمار الداخل وإنما استثمار الخارج أيضاً. رئيس الأمانة الفنية: الإعلام أكبر داعم لكل النماذج المضيئة في الاستثمار وأوضح أن صافى الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر تزايد بشدة فى السنوات الأخيرة، مضيفاً: «ونتطلع من خلال هذا الحوار للخروج بتوصيات وليس فقط لرصد الواقع، ولكن تقديم حلول عملية فى كافة المجالات خاصة القطاعات الإنتاجية وأهمها قطاعا الزراعة والصناعة». من جانبه، قال المستشار محمود فوزى، رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطنى، الأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن الإعلام أكبر داعم ومساند ومناصر ومشجع لكل النماذج المضيئة فى الاستثمار الخاص والعام، أو المحلى والأجنبى، لافتاً إلى أن الإعلام لا يصنع الحدث، بل يسلط الضوء على الهدف، وهو مساند ومشجع لكل الناجحين. وأضاف أن جميع الاقتصادات تراجعت على المستوى الدولى، أما بالنسبة للهوية الاقتصادية، فالعبرة فيها بالنتائج وليس المسميات، وهويتنا الاقتصادية حددها الدستور فى المادة 27 وحددها بالأهداف وليس الوسائل. وتابع «فوزى» أن المادة تحدثت عن التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر والاهتمام بالزراعة والصناعة والاقتصاد المعلوماتى، وتركت الوسائل للحكومة، بما يعنى أن الهوية الاقتصادية متغيرة وليست ثابتة. وأوضح أن المدارس الاقتصادية لم تعد تأخذ نفس الشكل المعروف، ورأينا فى أمريكا تدخل الإدارة الحاكمة لإنقاذ الجهاز المصرفى، عن طريق شراء أسهم البنوك، وكذلك الصين التى كانت معروفة بنظامها الاشتراكى غيرت فى هوية الاقتصاد الصينى. وفى ذات الجلسة، وجّه النائب محمد السلاب، وكيل لجنة الصناعة بمجلس النواب، ممثل حزب مستقبل وطن، الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى على دعوته للحوار الوطنى، التى جاءت فى موعدها، كما وجّه الشكر أيضاً لإدارة الحوار الوطنى على منحه فرصة الحديث والمشاركة فى المناقشات. وقال إننا نأمل فى قيام الوزارات المعنية بدورها فى إدخال القرارات التى ستخرج من النقاش لحيز النفاذ فى أسرع وقت، مشيراً إلى أن الاقتصاد المصرى لم يعد يمتلك رفاهية الوقت ويحتاج إلى تعديلات سريعة تعيد الثقة فى مناخ الأعمال. وأضاف «السلاب» أن الدولة قامت بجهود كبيرة خلال السنوات الماضية لإنشاء العديد من المشروعات، والتوسع فى تأهيل البنية التحتية وإنشاء المدن الجديدة وإنشاء شبكة طرق، بالإضافة إلى الاهتمام بتطوير المطارات والموانئ، وغيرها من الاستثمارات التى نفذتها الدولة المصرية فى ظروف استثنائية، واستهدفت تعزيز النمو الاقتصادى وتوفير فرص العمل وبث رسالة طمأنينة للمستثمر المحلى والأجنبى فى قدرات الدولة المصرية، ولكن لم يتم التسويق لكل ذلك بشكل جيد. وأوضح أن مصر فى سباق مع الزمن لتنفيذ إصلاحات هيكلية واسعة فى كافة القطاعات لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، ولعل ما يحدث فى المنطقة العربية والأفريقية حولنا من تنافس محموم على جذب الاستثمارات وتقديم حوافز كبيرة للمستثمرين، خير شاهد على ضرورة أن تقدم الدولة المصرية أقصى ما لديها من حوافز، وطرح ما لديها من إمكانيات، وتهيئة المناخ بشتى السبل لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية. وأشار «السلاب» إلى أن هناك حاجة ماسة الآن لقانون استثمار جديد بحوافز جديدة تناسب تطورات الوضع الحالى، ومن المهم فى هذا الإطار عودة وزارة الاستثمار مرة أخرى لسرعة اتخاذ القرارات الخاصة بالاستثمار، كما أنه يجب تحقيق التناغم بين السياسات المالية والنقدية، وأن تكونا على نفس المسار لتحقيق هدف اقتصادى واحد، كما أن السياسات الضريبية المتغيرة والرسوم المتداخلة غير الضريبية عائق كبير أمام الاستثمار. ولفت إلى أن هناك حاجة للاهتمام بالقطاعات الاقتصادية القادرة على تحقيق التنمية المستدامة، وعلى رأسها الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة والسياحة، وعمل حوافز خاصة لجذب الاستثمارات فى هذه القطاعات القادرة على خلق فرص العمل وتحقيق الأمن الغذائى، وهى القطاعات الأقدر على الاستمرار والإنتاج وتوفير العملة الصعبة وتحقيق التنمية المستدامة حتى فى ظل الأزمات، ومن الضرورى وجود خريطة استثمارية واضحة ومحددة تبين ماذا لدينا وما ينقصنا وما نحتاج إليه من استثمارات. وأكد «السلاب» أن مشكلتنا الأكبر ليست فى صدور تشريعات وقرارات جديدة بقدر ما هى تنفيذ التشريعات القائمة والقضاء على البيروقراطية، مضيفاً أن لدينا قوانين جيدة لكن تحتاج للتنفيذ، كما أننا نحتاج إلى مراجعة حقيقية للتشريعات التى تكبل المسئول عن اتخاذ القرارات المناسبة خشية الملاحقة الجنائية بتشريعات عفا عليها الزمن. ولفت إلى ضرورة تعديل القوانين الخاصة بحبس المستثمر فى الأمور الاقتصادية، وأهمية سرعة التقاضى فى المنازعات الخاصة بالاستثمار، وتفعيل سريع لما جاء بوثيقة سياسة ملكية الدولة، ووضع برنامج زمنى لخروج الدولة من تلك الاستثمارات دون تباطؤ، لأن المجال الآن أصبح لتوسيع دور ومشاركة القطاع الخاص بشكل أكبر فى المرحلة المقبلة. واختتم «السلاب» كلمته بالتأكيد أن مصر دولة واعدة بكل ما لديها من إمكانيات وقدرات وموقع جغرافى متميز فى قلب العالم، وسوق كبيرة، والدولة قامت بمجهودات كبيرة لاستغلال كل هذه الإمكانات الهائلة لجذب الاستثمارات، ولكن أمامنا الكثير حتى تصبح مصر دولة صديقة للمستثمرين، وما يبحث عنه المستثمر هو موطن آمن لاستثماراته، وعلينا بذل كل الجهد لتوفير ذلك فى أسرع وقت، لأنه لم يعد لدينا رفاهية الانتظار أو التأخير.