تناولت الجلسة الأولى للجنة الاستثمار الخاص «المحلى والأجنبى» بالمحور الاقتصادي في الحوار الوطني، عددا من المحاور التي تربط بين إمكانات النمو الاستثماري، وما يؤدي إليه من علاج بعض الأزمات مثل ارتفاع معدلات التضخم، كما ناقش المجتمعون التحديات التي تواجه زياادة معدلات النمو. وانعقدت الجلسة تحت عنوان «تحليل مناخ الاستثمار بين الواقع والفرص والتحديات». وقال حسام هيبة، رئيس الهيئة العامة للاستثمار، إن مصر لديها خطط واستراتيجيات مختلفة لدعم الاستثمارات المختلفة، عبر 6 قطاعات، أبرزها قطاع الطاقة والطاقة المتجددة، وتحديدًا الاستثمار في الهيدروجين الأخضر، حيث تم توقيع 23 مذكرة تفاهم. وأضاف أن الدولة تستهدف مضاعفة حجم الصناعة بالنسبة للناتج القومي، موضحا أن هناك استراتيجيات مختلفة تم وضعها، أبرزها استراتيجية صناعة السيارات كما م إنشاء المجلس الأعلى لصناعة السيارات، مع وجود صندوق داعم لهذا القطاع. وعن صناعات الغزل والنسيج وصناعات الأجهزة الكهربائية، ذكر هيبة أن هناك شركات عالمية أنشئت مراكز إقليمية في مصر، ومراكز عالمية، وبعضها وصلت بالمكونات المحلية لأكثر من 70%، فيما أكد أهمية قطاع التعليم بجانب تكنولوجيا المعلومات والرقمية، إذ هناك تطور كبير في هذا المجال، ويتم الترويج له، مع وضع الأطر التنفيذية الداعمة له، موضحا أن الاستثمارات في هذا القطاع ضخمة وبالمليارات. وتابع أن هناك نموا في استثمارات المؤسسات والشركات، مضيفا أن القطاع الخاص كان لايريد الاستثمار في مصر منذ 2013 وكانت الحكومة هى من تستثمر لكن بعد التحرير الأول لسعر الصرف، بدأ القطاع الخاص الدخول للسوق المصصرية من جديد وزاد الاستثمار المحلي والأجنبي منذ عام 2016. وأشار إلى أن النقطة المهمة في ريادة الأعمال والشركات الناشئة لم تكن موضوعة على طاولة المناقشات منذ عامين، موضحا أن من قرارات المجلس إنشاء وحدة دائمة برئاسة الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار، لتكون القبلة لريادة الأعمال، بهدف تحويلها من فكرة لأطر تنفيذية لحل المشكلات، مشيرا إلى أنها ستكون رقمية وهي بوابة لأي رائد أعمال سواء مصريا أو أجنبيا وتنتشر في جميع أنحاء مصر. ويرى هيبة أن هوية الاقتصاد المصري غير واضحة الآن، قائلا: "لا تتشكل هوية الاقتصاد بين يوم وليلة.. كان لدى مصر هوية في الفترة الماضية ولكن لم يتم تحديدها، فمنذ خمسينات القرن الماضي كانت الهوية الاقتصادية الاشتراكية، ولكن المتغيرات التي حدثت خلال الثلاثين سنة الماضية لم نحدد فيها هوية مصر الاقتصادية". وقال الدكتور حسن عبدالمنعم حسن، أستاذ إدارة الأعمال بكلية التجارة في جامعة عين شمس، إنَّ المستثمر المحلي والأجنبي يصطدم بما يسمى "مثلث الرعب"، والذي يتمثل في الثقافة والسياسية والاقتصاد. وأضاف أنه إذا كانت أضلاع المثلث متساوية يكون متوازن والمستثمر يعمل، ولكن إن لم تكن متساوية يحدث إشكالية. وتابع عبدالمنعم أن الضلع الثقافي يتمثل في الإجابة على عدة أسئلة مثل هل ثقافة المجتمع استهلاكية أم إنتاجية وهل هي مشجعة للاستثمار أم لا، والضلع السياسي يعني أن هناك استقرار سياسي وعلاقات بالدول الأخرى. وطالب عبدالمنعم المجتمع بأن نتكاتف ثقافيَّا حتى نشجع الاستثمار ويشجع السياسة على أن تكون إقليمية مستقرة مع وجود سياسة نقدية متوازنة. وأكد أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر مهمة وضرورية، وعلى سبيل المثال يقوم نصف الاقتصاد الأمريكي على مثل تلك المشروعات"، ومن ثمَّ يجب أن تكون محور اهتمام وتسهيلات ضخمة، مشددا على أن القرارات التي صدرت عن المجلس الأعلى للاستثمار مؤخرًا مهمة وتحتاج إلى سرعة في التنفيذ وتشجيع الجهات التنفيذية في إسراع التنفيذ. وقال الدكتور عبد الفتاح الجبالي، المقرر المساعد للمحور الاقتصادي بالحوار الوطني، إن طرح موضوع الاستثمار ضمن مناقشات الحوار الوطني في المحور الاقتصادي له 3 أهداف هي مكافحة التضخم وعلاج البطالة والتعامل مع مشكلة الفقر. ولفت الجبالي إلى أن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر يتراجع بشدة في السنوات الأخيرة، لذلك يتطلع خلال الحوار الوطني لتوصيات، "ليس فقط لرصد الواقع، لكن لحلول عملية في كافة المجالات خاصة القطاعات الإنتاجية وأهمها الزراعية والصناعية". وأشار الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، إلى أنه يجب وجود استراتيجية للاستثمار محددة المعالم من ناحية الموارد والمحددات والعقبات والحوافز، وحتى مدى تقاربها من التجارب الدولية. وقال إن الدولة يجب أن تستلهم تجربة تنموية متكاملة من التجارب الدولية وبدون القفز على المراحل التي مرت بها البلاد، لأن هناك مراحل مهمة في تجربتنا التنموية، فكل تجاربنا انطلقت مع دول كبرى مثل اليابان والصين وكوريا الجنوبية، لم تكتمل لأسباب متعلقة بقصر النفس. وأشار نافع إلى أن الدولة لم تستطع الحفاظ على معدل مستقر ومرتفع للاستثمار، وهذا لم يحقق معدل مستقر وعالي للنمو، لافتا إلى أن النمو المحفز للاستثمار هو المستدام والمطلوب وليس النمو المحفز للاستهلاك فقط، نتيجة وجود سوق كبيرة كما هو الحال في مصر، وحتى في الفترات التي حققنا فيها نمو مرتفع لم تكن مستدامة. وأكد نافع أهمية استقرار السياسات الضريبية وسعر الصرف، وتلك المتعلقة بالتنظيم والاستثمار، وأن البدائل الموازية مثل المناطق الجديدة لم تخلوا من العقبات والمشكلات، والشباك الواحد لم يتحقق منه شئ نتيجة وجود عقبات كثيرة، وتعدد جهات الولاية بالنسبة للأراضي. ولفت نافع إلى أن مصر دولة شديدة المركزية والهرمية، وبالتالي أهمية القيادات في صناعة التنمية مسألة لا غنى عنها ولا يمكن استبدالها بالمؤسسات. وأكد النائب محمد السلاب، وكيل لجنة الصناعة بمجلس النواب، عن حزب مستقبل وطن، أن القرارات التي صدرت عن المجلس الأعلى للاستثمار تحت رئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي كانت مهمة للغاية، معربا عن أمله في أن تقوم الوزارات المعنية بدورها في إدخال القرارات حيز النفاذ في أسرع وقت، وأضاف قائلا: «إن الاقتصاد المصري لم يعد يمتلك رفاهية الوقت، ويحتاج إلى تعديلات سريعة تعيد الثقة في مناخ الأعمال». وأشار السلاب إلى أن الدولة قامت بجهود كبيرة خلال السنوات الماضية في إنشاء العديد من المشروعات والتوسع في تأهيل البنية التحتية وإنشاء المدن الجديدة وإنشاء شبكة طرق بالإضافة إلى تطوير المطارات والموانئ. وتابع أن الاستثمارات التي نفذتها الدولة المصرية في ظروف استثنائية استهدفت تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل وبث رسالة طمأنينة للمستثمر المحلي والأجنبي في قدرات الدولة المصرية ولكنه أشار أن تلك الاستثمارات لم يتم التسويق إليها بشكل جيد. وأكد أن مصر في سباق مع الزمن لتنفيذ إصلاحات هيكلية واسعة في كافة القطاعات لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية ولعل ما يحدث في المنطقة العربية والأفريقية من تنافس محموم على جذب الاستثمارات وتقديم حوافز كبيرة للمستثمرين خير شاهد على ضرورة أن تقدم الدولة المصرية أقصى ما لديها من حوافز وطرح ما لديها من إمكانيات وتهيئة المناخ بشتى السبل لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية. وأوضح السلاب بأن هناك حاجة ماسة الآن لقانون استثمار جديد بحوافز جديدة تناسب تطورات الوضع الحالي، مقترحا في هذا الإطار عودة وزارة الاستثمار مرة أخرى لسرعة اتخاذ القرارات الخاصة بالاستثمار، كما أضاف أنه يجب تحقيق التناغم بين السياسات المالية والنقدية، وأن يسيروا على نفس المسار لتحقيق هدف اقتصادي واحد. ويرى أن السياسات الضريبية المتغيرة والرسوم المتداخلة غير الضريبية عائق كبير أمام الاستثمار. وذكر السلاب أن هناك حاجة للاهتمام بالقطاعات الاقتصادية القادرة على تحقيق التنمية المستدامة وعلى رأسها الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة والسياحة، وعمل حوافز خاصة لجذب الاستثمارات في هذه القطاعات القادرة على خلق فرص العمل وتحقيق الأمن الغذائي، مشيرا إلى أنها القطاعات الأقدر على الاستمرار والإنتاج وتوفير العملة الصعبة وتحقيق التنمية المستدامة حتى في ظل الأزمات، مشددا على ضرورة وجود خريطة استثمارية واضحة ومحددة توضح ماذا لدينا وما ينقصنا وما نحتاج إليه من استثمارات. وقال السلاب: «إن المشكلة الأكبر ليست في صدور تشريعات وقرارات جديدة بقدر ما هي تنفيذ التشريعات القائمة والقضاء على البيروقراطية»، متابعا: «لدينا قوانين جيدة لكن تحتاج للتنفيذ كما أننا نحتاج إلى مراجعة حقيقية للتشريعات التي تكبل المسؤول عن اتخاذ القرارات المناسبة خشية الملاحقة الجنائية بتشريعات عفى عليها الزمن». وأضاف السلاب أننا نحتاج لتعديل القوانين الخاصة بحبس المستثمر في الأمور الاقتصادية وأهمية سرعة التقاضي في المنازعات الخاصة بالاستثمار، بالإضافة إلى تفعيل سريع لما جاء بوثيقة سياسة ملكية الدولة ووضع برنامج زمني لخروج الدولة من تلك الاستثمارات دون تباطؤ، لأن المجال الآن أصبح لتوسيع دور ومشاركة القطاع الخاص بشكل أكبر في المرحلة المقبلة. من جهته قال عادل حنفي، نائب رئيس اتحاد المصريين بالمملكة العربية السعودية، إن أعداد المصريين في المملكة بات يقترب من 12 مليون مصري، تجاوزت تحويلاتهم ما يقرب من 31 مليار دولار. وطالب حنفي بالعمل على إنشاء شركة مصرية مساهمة لوقف التحويلات الخارجية التي تتم بطرق غير شرعية.