قال أساتذة من الذين شاركوا في اللقاء مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، أثناء زيارته إلى الصين، خلال حوارات خاصة أجرتها معهم وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" أمس، إنهم استشعروا جميعًا بقوة الاهتمام البالغ الذي يوليه الرئيس السيسي بقضية التعليم وتنشئة الأكفاء رفيعي المستوى والمهنيين المتخصصين إدراكًا منه بأنهم الركيزة الأساسية لتحقيق نمو الاقتصاد المصري، معربين عن تشوقهم إلى رؤية ما سيعود به التعاون التعليمي والبحثي بين مصر والصين من ثمار ملموسة على الجانبين. من جانبه، قال الأستاذ شيويه تشينج قوه، رئيس قسم اللغة العربية في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين، إن "اللقاء مع السيسي اتسم بالود والترحاب، ولمسنا من خلال حديثه معنا الروح المرحة والابتسامة المشرقة اللتين يشتهر بهما الشعب المصري". وشاطره الأستاذ يانج يان هونج، رئيس كلية اللغات الأجنبية في جامعة الأعمال والاقتصاد الدوليين ببكين، مشيرًا إلى أن السيسي ترك لديه انطباعًا لا ينسى حيث "كان يتحدث إلينا كأنه يتحدث مع أناس يعرفهم منذ زمن بعيد". وبدوره قال الأستاذ لوه لين، رئيس كلية الشرق الأوسط والرئيس التنفيذي لمركز الدراسات العربية بجامعة اللغات والثقافة ببكين، إنه استشعر من حديث السيسي أنه رئيس ذو فكر ولديه القدرة على تحقيق الازدهار الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي وجلب الخير لأبناء الشعب المصري بخطوات واثقة وثابتة. واتفق الأساتذة الصينيون الذين شاركوا في هذا الملتقى على أن الرئيس السيسي زعيم ذو نظرة واقعية ورؤية استراتيجية حكيمة وبعيدة المدى، يعرف تمام المعرفة ما هي أولويات عمله للنهوض بالأمة المصرية. ويؤكد الأساتذة الصينيون أن التعاون التعليمي بين الصين ومصر ذات الثقل السياسي والثقافي الكبيرين في العالم العربي والقارة الإفريقية قائم منذ عقود من الزمان وتولى الصين اهتمامًا بالغًا بتعزيز وتكثيف التعاون مع هذا البلد العربي الصديق في القطاع التعليمي البالغ الأهمية، متوقعين أن يجسد البلدان عقب زيارة السيسي للصين المزيد من الإنجازات على أرض الواقع في هذا الصدد. وفي هذا السياق أكد الأستاذ لوه لين، أهمية مصر كبوابة لتعليم اللغة الصينية في الدول العربية والأفريقية ، قائلًا إن جامعته، باعتبارها أهم الجامعات الصينية القائمة على تعليم الصينية للطلاب الأجانب، استقبلت آلاف المصريين لتعلم الصينية خلال نحو الخمسين عاما الماضية، لتغدو مصر بذلك أكبر الدول العربية والأفريقية من حيث عدد الأكفاء الذي يتقنون اللغة الصينية. وكشف الخبير الصيني عن خطط طموحة وضعتها جامعته بشأن توسيع آفاق التعاون الثنائي في مجال تنشئة الأكفاء المؤهلين، قائلًا إن الصين تستثمر 2.5 مليون دولار في بناء مبنى خاص بجامعة قناة السويس لتنشئ فيه مقرا رئيسيا لمعاهد كونفوشيوس الصينية بقارة إفريقيا. وأضاف أن جامعة اللغات والثقافة ببكين تعكف الآن، بالتعاون مع جامعة قناة السويس، على إنشاء المعهد الصيني المصري "لتنشئة أكفاء يجيدون اللغتين الصينية والعربية وعلى دراية جيدة بثقافة وأحوال البلدين، ليقدموا بدورهم إسهامات في مشروع "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن ال21" ومشروع "قناة السويس الجديدة". وأضاف الأستاذ الصيني أن جامعته تعتزم قبول مائة طالب مصري يسعى للحصول على شهادات الدكتوراه أو ما بعد الدكتوراه في غضون السنوات الخمس المقبلة، ليصيروا كوادر يجيدون اللغة الصينية وخاصة مصطلحاتها التكنولوجية والطبية بما يتماشى مع الاحتياجات والمتطلبات المصرية مستقبلًا . ومن جانبه، أكد الأستاذ شيويه تشينج قوه إن جامعة الدراسات الأجنبية ببكين تهتم دائمًا بتوسيع مجالات التبادلات الثقافية بين الصين والدول العربية ومن بينها مصر، حيث تعتزم جامعته من ناحية إقامة ورشة عمل للباحثين والمترجمين العرب للغة الصينية من أجل تقديم المزيد من الأعمال الصينية إلى القراء العرب، وتعتزم من ناحية أخرى إقامة مركز لدراسات الإعلام الصيني الموجه إلى العرب ليقوم بأعمال بحثية في موضوعات مثل صورة الصين لدى العرب, والعلاقات الصينية- المصرية إلخ مع جهات معنية كبرى ومن بينها مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية. ومن جانبها ذكرت تشانغ هونغ يي الأستاذ بجامعة الدراسات الدولية ببكين أن مصر لا تحرص فقط على تعزيز التبادلات التعليمية مع الجامعات الصينية التي تقوم بتعليم اللغة الصينية، وإنما أيضا مع الجامعات الصينية الأخرى حيث توجد أكثر من مائة جامعة صينية تقبل طلابا وافدين مصريين. وأضافت أن مصر تقدم أيضًا تسهيلات للطلاب الصينيين الدارسين في أقسام اللغة العربية بجامعاتها. وضربت مثالا على ذلك بقولها إن جامعة قناة السويس تحصّل من الطلاب الصينيين رسوما دراسية وسكنية رمزية بل وخصصت لهم مدرسين خاصين لدعم دراستهم، الأمر الذي يسهم كثيرا في رفع مستواهم في اللغة العربية. واتفق الأستاذة الصينيون على أن تعزيز التعاون التعليمي والتبادلات الثقافية طلب مشترك للجانبين وسيعود بفوائد جمة عليهما، معربين عن أملهم في أن يواصل الجانبان بحث سبل وآفاق جديدة لدفع هذه القضية قدما. جدير بالذكر، أن السيسي، التقى في 23 من ديسمبر الجاري في العاصمة الصينيةبكين برؤساء وأساتذة من 24 جامعة صينية ومسؤولين من أكثر من 10 مؤسسات بحثية صينية، ليحظى اللقاء باهتمام مختلف أوساط المجتمع الصيني.