فى مقال الأسبوع الماضى دعوت المصريين إلى الحذر من تسلل الخلايا النائمة للجماعة الإرهابية إلى مجلس النواب القادم، واليوم أكرر التحذير استناداً إلى محاولة الجماعة الإرهابية إحياء مجلس الشعب المنحل مرة أخرى بعقد اجتماعاته فى تركيا بحضور بعض أعضائه الهاربين من مصر. وكانت الجماعة الإرهابية قد حصلت فى انتخابات 2011 على الأكثرية فى مجلس الشعب بخداع الشعب والتمويه عليه باستخدام شعارات دينية، ثم تم حله بقرار من المشير حسين طنطاوى فى 16 يونيو 2012 تنفيذاً لحكم المحكمة الدستورية العليا، الذى أكد أن المجلس «غير قائم بقوة القانون». ويأتى هذا التطور الجديد باجتماع المجلس المنحل بواسطة إرهابيين بحكم قرار رئيس الوزراء بإعلان جماعة الإخوان «منظمة إرهابية» لتعيد الجماعة محاولة مرسى إحياء المجلس حين أصدر قراراً جمهورياً بإلغاء قرار المشير حسين طنطاوى بحله، داعياً المجلس المنحل للعودة للانعقاد لممارسة اختصاصاته، وكان ذلك بعد أسبوع واحد من تولى المعزول حكم مصر، ثم كانت وقفة نادى القضاة وتجديد المحكمة الدستورية لحكم حل المجلس مما اضطر معه مرسى إلى إلغاء قراره!! ويؤكد إعلان الجماعة الإرهابية عن عقد مجلس الشعب المنحل فى تركيا أنها لا تزال عازمة على السير فى طريق معاكس لاختيارات الشعب وتطلعاته إلى تحقيق أهدافه فى الحرية والعيش، والكرامة الإنسانية، ولا تزال مستمرة فى حربها الإرهابية ضد الوطن بغية تدميره، إن الاستعداد للانتخابات القادمة وهى أخطر انتخابات فى تاريخ مصر الحديث هو مسئولية الرئيس والحكومة إلى جانب الشعب بكل شرائحه ومنظماته السياسية والمجتمعية للدفاع عن مدنية الدولة المصرية ومنع العودة إلى عهد الظلام والقهر والاستبداد باستغلال الدين وتوظيفه لخدمة أهداف الجماعة الإرهابية وتوابعها وحلفائها من الجماعات التكفيرية. ونبدأ بمسئولية الرئيس السيسى الذى ذكر فى رؤيته للمستقبل التى أعلنها أيام الحملة الانتخابية أنه «كرجل أمضيت عمرى مستعداً لتقديم روحى فداءً للوطن، وتربيت فى مدرسة عسكرية فريدة من نوعها لا تعرف معنى الهزيمة، ولا الخنوع، تُعلى مبادئ العزة والكرامة. فقد أعددت العدة لخوض المعركة الكبرى، معركة مكافحة الإرهاب، معركة البناء والتحديث وقهر الفقر والأمراض المُتَوطِنة وتأسيس الدولة العصرية»، والذى قال إن من الركائز الاستراتيجية لتحقيق تلك الرؤية «تحقيق الأمن والأمان والاستقرار السياسى فى ظل الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وحرياته» وإن «من استخدم العنف والترويع، ومارس الإرهاب واستهدف رجال الشرطة والقوات المسلحة والمواطنين فإن محاسبته بكل حسم ستكون فى إطار الدستور» وأن «مصر لن تبنى إلا بتكاتف أبنائها من مختلف الاتجاهات، ونبذ العنف ومحاربة الإرهاب وعدم التستر عليه»، وبأن «باب المصالحة الوطنية سيظل مفتوحاً لكل من لم تتلطخ يداه بالدماء ولم يمارس العنف أو يحرض عليه». وتتمثل مسئولية الرئيس فى إصدار قرار جمهورى بإعلان جماعة الإخوان المسلمين وكل الجماعات المناصرة لها مما يسمى «تحالف دعم الشرعية» وكافة حلفاء الجماعة «منظمات إرهابية» وعدم الاكتفاء بقرار رئيس الوزراء الصادر فى 9 أبريل 2014، الذى لم ينتج آثاراً ملموسة فى الحد من الهجمة الإرهابية للجماعة، ومن ثم ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لحظر كافة أنشطتها وتجريم الانتماء إليها ومصادرة جميع أموالها ومقراتها ومصادر تمويلها، ثم إخطار كافة دول العالم وهيئة الأممالمتحدة بقرار اعتبار جماعة الإخوان المسلمين «منظمة إرهابية» والمطالبة بتطبيق ما يترتب على ذلك من منع تلك الجماعة من ممارسة أى نشاط ومصادرة مقارها والتحفظ على أموالها ومنع أعضائها من الوجود على أراضيها. إن الرئيس يملك إصدار قانون الإرهاب الذى طال انتظار الشعب لصدوره، على أن يحدد القانون أن القضاء العسكرى هو المختص بكل قضايا الإرهاب مع تقصير فترات البت فى تلك القضايا إلى أدنى حد لتحقيق العدالة الناجزة، كذلك فإن الحكومة مطالبة بتضمين مواد قانون «الكيانات الإرهابية» الذى كثر الحديث عنه من أعضاء فى الحكومة ضمن قانون الإرهاب!! إن الحكومة مطالبة بتفعيل قانون «إفساد الحياة السياسية» الصادر فى 2011 الذى ينص على معاقبة الذين أفسدوا الحياة السياسية، ومنهم أعضاء الجماعات الإرهابية بجزاءات منها العزل من الوظائف العامة القيادية، والحرمان من حق الانتخاب أو الترشح لأى مجلس من المجالس النيابية أو المحلية لمدة أقصاها خمس سنوات من تاريخ الحكم، والحرمان من تولى الوظائف العامة لمدة أقصاها خمس سنوات من تاريخ الحكم، والحرمان من الانتماء إلى أى حزب سياسى لمدة أقصاها خمس سنوات من تاريخ الحكم. ونعتقد أن المواجهة الأمنية للجماعات الإرهابية والتكفيرية غير كافية، بل لا بد من عمل مجتمعى نشط لفضح تلك الجماعات والكشف عن تهافت الفكر الذى تستند إليه فى نشر دعوتها، وحشد المجتمع كله لنشر ثقافة تؤكد وسطية مصر، وتسهم فى بناء نموذج فكرى وثقافى فعال لمجابهة الفكر الإخوانى الإرهابى، وتوجيه المنظومات التعليمية والثقافية والإعلامية وغيرها، بحيث تصبح قادرة على المشاركة فى الحرب ضد الإرهاب باسم الدين، والعمل لحماية مدنية ووسطية الدولة المصرية. وثمة أمور مهمة على الحكومة القيام بها من دون إبطاء أو تردد، منها ضرورة تفعيل النص الدستورى بحظر تأسيس الأحزاب السياسية على أساس دينى وحل الأحزاب الدينية القائمة، وتنقية الجهاز الإدارى وكافة مؤسسات الدولة من العناصر الموالية للجماعات الإرهابية بمراجعة كافة قرارات التعيين والترقية التى أصدرها الرئيس المخلوع محمد مرسى. إن حماية مجلس النواب القادم من الخطر الإخوانى تتطلب يقظة شعبية لفرز المترشحين للانتخابات والعناية باختيار من هم أهل لتحمل أمانة الوطن.